قيس المهندس
لن ننسى تلك السنون العجاف، التي جثم فيها حزب البعث على صدور العراقيين، ودمر البنى التحتية والثقافية له، وأدخل البلد في حروب عديدة مع دول الجوار، وحارب الفكر والدين، وكل شيء من شأنه أن يقف بوجه الشمولية والتخلف الذي كان يتخذه منهجاً للتسلط على مقدرات العراقيين.
حزب البعث أهلك الحرث والنسل، ومثّل قوى الشر أيما تمثيل؛ سائراً على خطاها حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة.
أهل العراق قدّموا ما باستطاعتهم لمجابهة الهجمة البعثية الشرسة، فسارت قوافل الشهداء، وهدمت المنازل، وحورب أخوتنا في العقيدة في الجمهورية الإسلامية بأيدي شبابنا قهراً، بعدها قام الشعب بالإنتفاضة الشعبانية المباركة، فقمعت من قبل السلطة البعثية الغاشمة بأبشع صور القمع، وقتل العلماء المجاهدون، وضيق على الآخرين منهم، وملئ جوف الأرض بالمقابر الجماعية، وكل تلك القرابين كانت من أجل حفظ الدين والمذهب الشريف، وصنع مستقبل زاهر للعراق والعراقيين.
أحد أؤلئك العلماء المجاهدون، الذين قدموا أعز ما لديهم من أجل زوال حكم البعث الكافر، هوالمرجع الكبير السيد محمد باقر الصدر (قده)، الذي قدم نفسه وأخته الطاهرة العلوية بنت الهدى فداء للقضية، فوقف بوجه أزلام البعث بثبات وإقدام هاتفاً بملىء فمه : لو كان إصبعي بعثياً لقطعته.
بعد كل تلك الويلات التي جرت على أهل العراق، وبعد أن أصبح الحكم بيد أهله، وكان أملنا أن يذهب أؤلئك الأزلام الذين تبرأت منهم الإنسانية الى مزابل التأريخ، لكن المفجع في الأمر أنهم أعيدوا ليتسنموا مناصبا عليا في الحكومة! والطامة الكبرى أن من أعادهم هو الأمين العام لحزب الدعوة (الإسلامية)! والذي يدعي أن السيد محمد باقر الصدر قدوته في العقيدة والعمل السياسي، ومؤسس حزبه!
شتان بين الإثنين؛ فالأول تبرأ من حزب البعث، معلناً براءته على رؤوس الأشهاد، في ظرف عصيب ما كان لاحد أن يتجرأ على البعثيين حتى يعتقل ويعذب ويقتل.. فقدم روحه الزكية وأخته الطاهرة ضريبة لتلك البراءة. إما السيد نوري المالكي، فقد قرب قيادات البعث وحثالاتهم ولاعقي صحونهم، متجاهلا لكل القيم، ومتجاوزا لكل الجراحات التي ما فتيء يعاني منها المجتمع العراقي عامة، والشعب الشيعي على وجه الخصوص.
من هوان الدهر وتغير الزمان؛ الإصبع البعثي ما عاد يقطع بل يكرم ويعز! وكل ذلك من أجل مصالح ضيقة، وبالنتيجة ماذا جنى الشعب العراقي طوال ثمان سنين من تسلط أولئك البعثية؛ سوى الواقع الأمني المتردي، والفساد المالي والإداري!
ولم يقتصر الأمر على إعادة البعثيين، بل تعداه الى إحالة مجرمي (فدائيي صدام) الى التقاعد، وتعديل قانون المسائلة والعدالة!
تلك الأفعال المسيسة التي قامت بها حكومتنا، أقل ما يقال عنها أنها خذلان للشعب، وإستهانة بالمقدسات التي أنتهكت على أيدي أؤلئك المجرمين، وبدماء الشهداء، وعويل الثكالى والأرامل، ودموع اليتامى.. فيا لله وللسلطة، كأن حكومتنا قد خلعت رداء الحياء، وتنصلت عن قيم العدل والإنصاف!
نحن كشعب مؤمن لا ينبغي لنا إعادة تلك المآسي من جديد، ولا ينبغي لنا الجلوس ورؤية مشاهد كررها التأريخ كثيراً حتى أصبحت خطراً على إيماننا وتقوانا، فالمؤمن لا يلدغ من جحر مرتين.
لن نتنتخب طلحة والزبيرمن جديد. سوف نغير في الثلاثين من نيسان، وستكون لنا كلمة الفصل.
https://telegram.me/buratha