حسين الركابي
يبدو إن لغة الحروب، والدمار، واستباحة الدماء، والإعراض، والتخندقات الحزبية لا تنتهي في محافظة البصرة؛ منذ حرب الجمل إلى يومنا هذا، حيث تعاقبت عدة حكومات وأنظمة على العراق، لكن معظمها وضعت البصرة في خانة المصالح الشخصية، والحزبية، كونها تطفو على كنوز الدنيا، و هي بوابة العراق وعاصمته الاقتصادية، وتمتلك طاقات هائلة، وإمكانات تؤهلها إلى إن تكون في مصاف العواصم المتقدمة في العالم من خلال ما تمتلكه من ثروات طبيعية، وبشرية كبيرة.
البصرة هذه الأم الحنون، أعطت جميع ما تملك إلى أبنائها، وأحفادها، وأشبعتهم رغم جوعها، ولابد للأبناء إن لا يكونوا من العاقين لأبويهم.
البصرة التي قبعت تحت الحصار المتعمد منذ واقعة حرب"الجمل" واستمر هذا الاستهداف، والتهميش؛ حتى سقوط هبل العراق عام 2003 على يد الاحتلال الأمريكي، حيث ذاقت طعم الحرية، والديمقراطية في الأشهر الأولى من إزالة الكابوس ألبعثي، رغم الجراح التي تحملها من الحقبة السابقة؛ لكن سرعان ما قرعت طبول الحرب عليها، وعاد ذلك المارد الرهيب بحروب شعواء، وتهميش، وإقصاء، وصولات فرسانية، وأهازيج حربية رهيبة، وجعلتها تطفو على انهار من دماء أبنائها أثناء حكم حزبإسلامي، والذي حارب حزبا إسلاميا آخر!
الشعب البصري الذي قبع تحت حكومة محلية منذ ثمانية سنوات، ولم يتغير من واقعه المتردي، وتحمل الأخطاء الحزبية، والإرباك السياسي، والقرارات المراهقة؛ أفاق من سبات عميق، وقلب المعادلة السياسية في انتخابات مجالس محافظات في نيسان الماضي 2013 حيث قالوا كلمة الفصل، واختاروا من يؤتمن على أرواحهم، ويحافظ على مقدراتهم، وينتشل المؤسسات من الفساد الإداري، والمالي، ويسيرها بشكل منتظم، وخالي من التدخل الحزبي، ويعالج مسألة البطالة، والفقر المستشري في ربوع المحافظة.
البصرة اليوم تعاني من جفاء الحكومة المركزية، بل من حرب معلنة تشنها عليها ، فما إن انجلت الغبرة عن المعترك الانتخابي في انتخابات مجالس المحافظات؛ حتى شرعت الحكومة المركزية بإتباع أساليب، وتسلك طرق ملتوية، وغير قانونية، وتتحايل على القانون من اجل إن تميل الكفة إلى صالح حزبها، أو ممثليها في المحافظة، الذين رفضهم الشعب البصري، ولم يمنحهم الثقة مرة أخرى، والتي بدأت هذه الأساليب تمارس على البصريين..وكان من خطواتها التآمر على البترو 5 دولار، إلى الاعتراض على إقالة قائد شرطة البصرة، ووصولا إلى الاعتراض على تشكيل الحكومة المحلية، وإفراغ المحافظة من القوى الأمنية، وإرسالهم إلى الفلوجة، والرمادي، وخلق فجوة كبير في الأمن بالمحافظة، التي هي شريان الحياة للعراقيين جميعا...
https://telegram.me/buratha