المقالات

البرلمانيون بين تراكم وتزاحم الأسبقيات ومعضلة النصاب!

537 20:41:00 2014-01-23

حميد الموسوي

البرلمان الوطني العراقي وهو يدخل فصله الختامي استعدادا لأنتخابات برلمانية ثالثة وفي مرحلة حرجة تمر بها التجربة العراقية الجديدة. ومنعطف محفوف بالمخاطر وتداعيات لم تتعرض لها شعوب العالم على مر العصور، سيتحمل أعضاؤه وزر كل ما وقع على أرض العراق المعطاء، وتبعات ما تعرضت له الجماهير الوفية التي جازفت بحياتها لايصالهم تحت قبة البرلمان والتي لم تشهد أو تلمس أقل القليل ما كانت تحلم به وتنتظر تحقيقه تعويضا عن نكد وحرمان سني القهر. نعم لم يلمس المواطن العراقي الصابر قرارات ناجحة تعالج جراحه النازفة وتضع حدا لمعاناته الأزلية، لم يشهد ولو تغيرا بسيطا على مستوى الخدمات أو تحسين وضعه المعيشي ناهيك عن أوضاعه الأمنية التي ازدادت سوءا يوما بعد يوم حتى اذا انقضى الفصول الاولى في سفرات استجمام سياحية ورحلات سندبادية. عذرنا نوابنا المخلصين واختلقنا لهم المعاذير- وإن كانت ضعيفة- بأن تلك السفرات تندرج ضمن متطلبات العمل البرلماني الذي يستوجب تنشيط وتفعيل العلاقات الخارجية وفق مقتضيات المصلحة الوطنية العليا وكون العراق يخرج من مرحلة سقوط دكتاتورية مقيتة، ويدخل في معالجة تداعيات تركتها الثقيلة. وقلنا الخير فيما اختاروه. ولا بد ان الفصول التشريعية القادمة ستكون الفصول الحاسمة التي تقضي على جميع الأزمات وتحل كل الاشكالات خاصة وان نوابنا قد اكتسبوا خبرات جمة، وتسلحوا بمعارف كثيرة من تجارب الشعوب التي زاروها، والبرلمانات التي احتكوا بها. حتى اذا بدأت الفصول تجر بعضها وباشر نوابنا الحريصون جلساتهم الساخنة التي كانت أنظار المواطن تترقبها بصبر نافد واعصاب مشدودة وآمال مؤطرة بعسى ولعل جاءت هي الاخرى بنتائج محبطة لينكفئ المواطن البسيط عائدا لممارسة دوره الأزلي- "ضحية كل الظروف"- نادما متحسرا. لم تكن الدورة الثانية للمجلس الوطني العراقي بأفضل من سابقتها سواء من حيث النتائج الشافية لقرارات هامة، والتنفيذ الفوري لالتزامات مقطوعة، أو من حيث تماسك الكتل التي شكلت البرلمان أو حتى الحضور واكتمال النصاب!.لقد تبرم المواطن البسيط- فضلا عن السياسي المتتبع- واستاء مستهجنا الاداء المتواضع لأعضاء البرلمان، والتساهل المفرط في التغيب الطويل المتكرر لبعض الاعضاء، والبرود الواضح في معالجة القضايا الساخنة، والتهاون المستمر في مسألة تنفيذ المقررات المتخذة والتباطؤ المستغرب في التصدي للأزمات وردع التجاوزات وحسم النزاعات. على ان ما سجله المواطن العراقي من مؤاخذات على برلمانه الوطني لا يندرج في خانة الانتقاص من هذا البرلمان المنتخب من قبل شرائح العراق المختلفة، ولا يأتي من حالة تتبع عثرات واقتناص هفوات وتعداد مثالب بل يأتي من حرص كل الجماهير العراقية وقلقها على مستقبل برلمانها الذي ولد من مخاض عسير ونشأ على أسس ديمقراطية وانتخب بممارسة شعبية حرة لم تشهدها برلمانات أكثر الدول حرية وديمقراطية فضلا عن برلمانات المنطقة. اذ حصل على دعم شعبي منقطع النظير وحاز أعضاؤه على امتيازات لم تتوفر لنظرائهم في العالم على الإطلاق.ان الذي يدفعنا- ومعنا كل المخلصين والتواقين لعراق آمن مستقر- للقلق والعتب في آن واحد هو ما نراه في جلسات البرلمان المتعاقبة- والتي صارت تشبه بعضها- من سعة الجفوة بين ممثلي الكتل المكونة للبرلمان، وعمق الفجوة بين الأخوة والتي أقرب ماتكون من العداوة والتربص والجدل العقيم الذي ما ان تخبو ناره الا لتتقد مستعرة بلهيب أشد. ناهيك عن الغياب المتكرر غير المبرر، واتخاذ منابر الفضائيات بدل قبة البرلمان مقرا للعمل ومكتبا للتداول في أمور غاية في الحساسية.ان النواب العراقيين مدعوون- بعدما أفرزته الفصول السابقة من تداعيات- الى اتخاذ القرارات التي تجعلهم بمستوى المسؤولية التي وضعهم شعبهم فيها والقيادة والثقة التي حملهم امانتها، باذلين قصارى جهودهم في احباط ما تبقى من مخططات خائبة تحاول النيل من التجربة العراقية الجديدة. واضعين تجربة الفصول السابقة نصب أعينهم متجاوزين هفوات وأخطاء ما حصل جاعلين مصلحة العراق وشعبه الجريح فوق كل اعتبار. وهذا لا يتحقق الا باخلاص النوايا وتوحيد الصفوف وقوة القرارات والحرص والالتزام بما عاهدوا شعبهم عليه واقسموا الايمان المغلضة، وقطعوا المواثيق المبرمة.ومع اطلالتهم الجديدة والتي نتمنى ان تكون محملة بالعبر وطافحة بالنشاط نربأ بممثلي الشعب وكتلهم وقادتها ان يدركوا بحرص ومسؤولية بأن هذه المرحلة أخطر بكثير من المراحل السابقة وأشد حساسية ما يوجب على البرلمان الوطني الارتقاء الى مستوى المرحلة وما تتطلبه من استحقاقات وفي كافة المجالات اداء فاعلا بناءا يثمر قرارات وقوانين وتشريعات تتناسب مع اولويات الشعب العراقي الصابر. وكذلك تفعيل المجمد والمعطل والمركون من القوانين التي صدرت في الفصول السابقة. واذا كان للفترة السابقة بفصليها التشريعيين- وما رافقهما من عثرات وسلبيات واخطاء كبيرة- معاذير وغض نظر، فإن نهاية الفصل الاخير من الخطورة ما لا يحتمل اخطاءً ولا يتقبل تراخيا أو تهاونا او تأجيلا، بعدما عرف الجميع ادوارهم وصارت مطالب الجماهير واستحقاقاتهم على المحك. وعليه فلا بد من اتخاذ الإجراءات الحازمة من قبل الهيئة الرئاسية الموقرة للبرلمان العراقي الوطني بحق المقصرين والمصرين على الاستمرار في التغيب ومقاطعة الجلسات طالما تنصلوا من مسؤولياتهم وتنكروا للجماهير التي أوصلتهم الى قبة البرلمان. كذلك لا بد من التشديد على تنفيذ القرارات والقوانين التي صدرت بالتعاون مع الهيئات التنفيذية والقضائية. وفي حالة حصول أي تلكؤ أو تباطؤ مقصود يناقش الأمر علنا لإطلاع الجماهير وكشف كل الاوراق للرأي العام .ان الجماهير التي احتضنت قادتها الوطنيين وساندتهم واستمرت بوفائها المعهود برغم ما دفعته من تضحيات جسام ما زالت عند وفائها وصبرها وترقبها. فليكن المسؤولون عند حسن ظن جماهيرهم. فمرور عشر سنوات على التجربة الديمقراطية زمن طويل وفرص مضاعة في حسابات الشعوب المتحضرة كان المفروض ان يتحقق فيها أروع الانجازات واعظم المشاريع في بلد تغطي ميزانيته نفقات أكثر من سبع دول متوسطة الدخل القومي.خاصة وان الوقت المتبقي من عمر البرلمان لا يتعدى بضعة اشهر وفي وقت تعاني فيه الجماهير الصابرة من أبسط مقومات الحياة الحرة الكريمة من قبيل تدني مستويات الخدمات والفقر والعوز والفاقة والحرمان نتيجة تراكمات استبداد السلطات المتعاقبة وتنكرها لشعبها واهدار حقوقه الطبيعية.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك