المقالات

دكتاتورية المواطن


علي محسن الجواري إعلامي وناشط مدني

الحرية، تلك الأغنية التي يصدح بها البلبل صباحا، تلك الغاية التي ينشدها الإنسان، من مولده إلى موته، تلك الخيوط الذهبية للشمس والتي تداعب جدائل الحسناوات، وتعانق بشرة الكادحين، لتحيلها لسمرة، كسمرة الأرض، تلك القصيدة التي يرتلها الثوار، من أول شرارة للثورة، إلى أن يتحولوا بقدرة الأنظمة السياسية إلى خونة، تعلق رؤوسهم على المشانق، وتقطع أرجلهم وأيديهم من خلاف، بل وحتى ألسنتهم.وقد اوجد سياسيو القرن التاسع عشر والقرن العشرين، مصطلحات أخذت في اغلبها من نماذج الدول والحضارات القديمة، خاصة الإغريق والرومان وغيرهم، كالديمقراطية و الليبرالية والراديكالية والدكتاتورية..الخ.إنها مفاهيم متداولة، حفظها الحاكم والمحكوم عن ظهر قلب، فكلما استبد الحاكم، خرج عليه مواطنوه، متظاهرين ، أو ثائرين، مطالبين بالديمقراطية، فيما يرد عليهم هو بأسلوب ديمقراطي، تعرفه كل شعوب الأرض المقهورة، وللسلطان أو الحاكم أو الملك أو الرئيس، أعوان وأنصار وجلاوزة، يسبحون بحمده ويقدسون له، وهم طبعا مواطنين أحرار نجباء وشرفاء ومخلصين حسب ما يراه الحاكم، الذي حول حياتهم متلاعبا بالأطوال الموجية من اللون الأسود إلى اللون الوردي، وأشبعهم بعد جوع، وكساهم بعد عري، و (لبسهم نعل) بعد أن كانوا حفاة، ولهم الحق في ذلك، فنظرتهم القصيرة وجوعهم للدنيا وطمعهم، حصر تفكيرهم بالنعم الزائلة، فأكلوا السحت الحرام، فيما جاع إخوتهم، وتعرى صغارهم، وتعالت أصواتهم منشدين أغنية يتغنون فيها بالراحة والسلام، أما الجلاوزة والمحيطين بالحاكم، انشدوا أغنية (الله يخلي الريس).في حين اغفلوا كل المفاهيم السماوية والدنيوية، التي تحض الإنسان، أن يهتم بشؤون الآخرين، كما يهتم بشؤونه، وان لا يتجاهل مطالب ابني جنسه، إذا كان متوازناً، وان الاستماع الجيد، خير من كل حديث.وبين الفريقين يقف صف لا هو إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء، يدخل الدنيا ويخرج منها، دون أن تكون له وجهة نظر أو موقف، يرددون ما يلقى على مسامعهم، يهزون برؤوسهم، ويرفعون أيديهم بالتأييد، لكلا الفريقين، يرفعون أيديهم بالدعاء وعلى ألسنتهم يختمونه بآمين، والأغرب أنهم ربما يدافعون عن قضية لا يحيطون بها خبرا، وليس لهم بها علما.وهم موجودون ألان بيننا، يدافعون عن رأس السلطة، ويهاجمون من ينتقده، ولا يرضون بانتقاده، وهم من أوائل المتضررين، لا ناقة لهم ولا جمل في الأمر، يمارسون دور الرقيب على أفواه الآخرين، أنهم مواطنون، يمارسون حقهم في الدكتاتورية..سلامي.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك