المقالات

لعبة الميزانية الأمريكية: شركاء بالغلَّة..!

671 07:47:00 2013-10-11

 

  لمن لم يفهم قصة إغلاق الحكومة الأمريكية نشاطات مؤسساتها الإتحادية، والتوقف عن تقديم الخدمات للمواطنين الأمريكان، بسبب عدم إقرار الكونغرس الأمريكي للميزانية السنوية؛ نختصرها هنا، ففي تقديمنا لهذا المختصر، ما يفيد في إيضاح طريقة التفكير الأمريكي..!

  ولن يكون بإمكاننا تقديم القصة، قبل أن نبين أن نظام الحكم عندهم، قائم على ثنائية توزيع القوة والأدوار؛ سلطة الحكومة التي يرأسها الرئيس نفسه، قبالتها سلطة الكونغرس بمجلسيه، حزبين رئيسيين يهيمنان على الساحة السياسية؛ هما الحزب الديمقراطي والحزب الجمهوري..

وفي التاريخ الأمريكي السياسي، ثمة مفارقة تستدعي الوقوف عندها تأملا؛ غالبا ما يكون الرئيس الأمريكي من حزب لا يهيمن على الكونغرس..! فالأمريكان وزعوا مفاتيح قرارهم على هذه الطريقة، حتى لا يتفرعن حزب أو رئيس، وحتى لا يأتي زمن عليهم يبقى فيه رئيس أو حزب، أكثر مما يريدون؛ وتذكروا أنهم إختصروا طريق القرار وسلطته، وتخلصوا من (الجر والعر)، فهم ليسوا بحاجة الى رئيس جمهورية أو رئيس وزراء، لديهم رئيس واحد يجمع السلطتين عنوانه رئيس الإتحاد..!

  راهنا: الرئيس الأمريكي أوباما ينتمي الى الحزب الديمقراطي، والكونغرس يهيمن عليه الجمهوريين؛ وأطروحة الرئيس الأمريكي ومعه الديمقراطيين، تتحدث عن كسب المواطن الأمريكي الى صفهم، بتقديم الخدمات في قطاعات الصحة والتعليم؛ وبديهي أن هذا يستدعي زيادة الأنفاق، ويصطدم ذلك بعجز الموازنة؛ فلجأ الرئيس الى زيادة الضرائب في الميزانية لتغطية العجز، وهو يعلم أن الشعب يقبل ذلك ولكن بحدوده الدنيا..

  الجمهوريون المهيمنون على الكونغرس؛ وجدوا أن زيادة الضرائب سترهق كاهل ناخبيهم، وهم بنفس الوقت، لا يرغبون بخفض الإنفاق في قطاعي الصحة والتعليم على وجه الخصوص، فهذين القطاعين يعتبران الأهم في حياة الشعب الأمريكي وكل الشعوب، عدا الشعب العراقي..!

  الجمهوريون أكتشفوا لعبة أوباما، فهم يعرفون أن الميزانية تكتنف على عجز كبير، يسعى الرئيس الى تغطيته بزيادة الضرائب، وسيضطر أيضا الى تقليل الإنفاق على القطاعين المذكورين؛ فحصروه في زاوية الحلبة، وأنهالوا عليه باللكمات! وفي نهاية المطاف؛ ردوا إليه ميزانيته مطالبين بتقليل الضرائب وتقديم الخدمات في آن واحد..

  النتيجة: أن هذه الأزمة باتت لها إنعكاساتها العالمية، فأمريكا أكبر منفق في الكرة الأرضية، وحينما توقفت الحكومة الأمريكية عن الإنفاق، تراجع سعر الدولار أمام العملات الصعبة الأخرى، وتراجعت أسعار السلع في العالم؛ ولهذا ستصدر الولايات المتحدة سلعا أكثر، وسينتعش السوق الأمريكي، وسينفق العالم أموالا أكثر لشراء السلع الأمريكية، وستهبط إحتياطات الدول النقدية من الدولار، وستعود أزمة الميزانية الأمريكية بفوائد كبرى على بلد الأزمة، وستمول الحكومة الأمريكية ميزانيتها على راحتها!..

ولذلك لم يتظاهر الأمريكيون على عدم إقرار الميزانية، ولم يعتصموا في ساحات إعتصام، ولم ينهض قس أو رجل دين ليحرض ممتشقا سيفا، فهم جميعا شركاء في اللعبة، شركاء بالنتيجة، شركاء بالغلَّة..!

كلام قبل السلام: احفر بئرا وَطُمَّ بئرا ولا تُعَطِّلْ أجيرا..!

 

سلام..

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
قيس المهندس
2013-10-13
احسنتم استاذنا العزيز على هذا التحليل الرائع.. قبل ان اقرأ هذا المقال كنت اظن ان ارحام الامريكيات قد عقمت ان تنجب امثال الرئيس ويلسن والرئيس ايزنهاور وبوش الذي تصدى بشجاعة لصدام وازال حكمه, فلجأ الامريكيون الى انتخاب رجل اسود من اصول افريقية .. لكن على ما يبدوا ان أمريكا بخير.
احمد
2013-10-11
حجي منطقي بس لابد والتأكد من من الهدف الاساس التي تسعى ورائه الولايات المتحده
حامد خليل
2013-10-11
والله ينراد هيجي معلم يحكي ماقل ودل لإفهام البهايم .زوما أكثرها
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك