المقالات

إيران وتركيا والسعودية وإسرائيل: نظام إقليمي مُركّب

647 08:42:00 2013-10-05

 

ثمّة متضررون معلنون من التبريد الأميركي ـ الايراني، وآخرون لا زالوا يحاولون استيعاب ما جرى والبناء عليه ومواكبته. و«المصيبة تجمع»، وفق المثل المعروف، وقد أظهرت ردود الفعل انها جمعت مَن كانوا حتى الأمس القريب يتجنّبون الغزل المباشر، ويمارسون لعبة تقاطع المصالح مواربة.

لم يتضِح حتى الآن حجم التفاهمات التي يمكن أن تتوصل اليه واشنطن وطهران، جُلّ ما في الامر أن اللغة المستخدمة بين الطرفين تبَدلت، وتم تتويج نيّات التقارب والتفاهم باتصال هاتفي بين الرئيسين باراك اوباما وحسن روحاني. وعلى رغم ذلك، سارعت اسرائيل، “المتضرّر الأبرز”، ومعها بعض دوَل الخليج، الى إعلان تشكيكها ورفضها وتخوّفها من هذا التقارب.

ولم ينقضِ الامر بالتصريحات الاعلامية وحالات الاحتجاج الديبلوماسي، بل ذهب رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو الى واشنطن منتقداً ومحرّضاً على روحاني ومشككاً بنيّاته، وذهب مسؤولون خليجيون الى تل أبيب في زيارة سرية لتنسيق المواقف حيال التحوّلات التي تشهدها العلاقات الايرانية ـ الاميركية، وفق تسريبات بعض الصحف الغربية والاسرائيلية.

عند هذا الحد يبدو الأمر أقرب الى “تقاطع المصالح” منه الى التحالف الاستراتيجي بين مجموعة المتضررين المتخوّفين. هذا ما يفرضه العقل والمنطق وطبيعة النزاعات القائمة في المنطقة. لكنّ الغلوّ في سلوك هذا المسلك في وجه إيران، والضغط على الولايات المتحدة الأميركية للتخفيف من اندفاعتها “التصالحية”، يعني أن المنطقة ستكون امام اختبارات أمنية وسياسية صعبة، من أجل تثبيت “نظام اقليمي” بأرجحية ايرانية بعد تحييد تركيا ومحاولة الايرانيين احتوائها حالياً.

وعلى رغم كلّ ما جرى من خلاف واختلاف في الملف السوري، ظلّ الايرانيون محافظين على علاقات جيدة مع الاتراك، وكان المسؤولون الايرانيون يقولون صراحة: “لقد أخطأت تركيا خطأ مميتاً في طريقة تعاملها مع ملف الازمة السورية، وعلى رغم ذلك نحن معنيون برَمي “حبل النجاة” لأنقرة وعدم العمل على توريطها أكثر”. وطبعاً، كان في ذهنهم المشهد الاوسع للخريطة الاقليمية التي ستنتج عن النزاع في سوريا بِناء على الحسابات والمصالح وموازين القوى.

الوقت جاء لمصلحة طهران، على خلفية التطورات السورية وتلك الدولية والاقليمية المتعلقة بها. ها هم حلفاء الأمس من الجماعات المسلحة ضد الرئيس بشار الاسد يتقاتلون على الحدود التركية. ومَن يعرف تلك الجماعات وطبيعة علاقاتها، يدرك أنه نزاع سعودي ـ تركي مَكتوم. الرياض تريد حجز مقعد لها على أيّ طاولة مفاوضات حول الازمة السورية، وكذلك انقرة التي باتت النيران تتسرّب اليها عبر الحدود والعبوات الناسفة بتوقيع “داعش”.

كل هذه الاحداث والتطورات محاولات لمواكبة قواعد اللعبة الجديدة على مستوى الازمة السورية وعملية إنتاج نظام اقليمي يعكس موازين القوى بعد ثلاث سنوات من النزاع. بعض العرب اختار التناغم مع اسرائيل في معركته “الوجودية” ضد ايران! والاخيرة ستحاول الاستفادة من غزلها المستجِدّ مع واشنطن لاستمالة تركيا. فنكون أمام نظام اقليمي مركّب قائم على النفوذ وموازين القوى المركّبة بدورها.

لكن هل يخلق هذا النظام الاقليمي استقراراً في المنطقة؟ أم انه سيظل استقراراً مضطرباً طالما انّ التناقض الرئيسي على مستوى المنطقة لم يُحلّ؟

على الارجح، المنطقة مقبلة على تفاهمات مرحلية تعكس رغبة مختلف الاطراف في التقاط الانفاس وتقدير الموقف.

واشنطن غارقة في أزماتها الداخلية، موسكو تتقدم على المسرح العالمي بلغة المصالح، إسرائيل ودول الخليج أصابها الإرباك، تركيا وجدت انها سبقت واشنطن كثيراً في الملف السوري وبدأت تُفرمل من اندفاعتها، وطهران تريد المحافظة على ما حققته من مكاسب سياسية حتى الآن. على شكل هذه الصورة المركبة سيكون النظام الاقليمي المقبل على الارجح.

لا تسويات وتفاهمات دائمة، ولا استقرار دائماً. المنطقة مقبلة على توازنات صعبة ومعقدة وقد لا تدوم… طالما انّ القضية المركزية في النزاع لم تُحَلّ، والتقدم في تسويتها لم يحصل، إنها القضية الفلسطينية.

8/5/13105

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك