المقالات

المحكمة الاتحادية تمهد للمالكي لكارثة ثالثة

506 09:36:00 2013-08-28

خالد الخفاجي رئيس الرابطة الوطنية للمحللين السياسيين

لم يكن قرار المحكمة الاتحادية في نقضها لقانون تحديد الفترات الرئاسية الذي صوت عليه مجلس النواب غريبا ولا مفاجئا لكل حصيف خبر هذه المحكمة وانقيادها المطلق لرغبات رئيس الوزراء نوري المالكي, وخبر سلوكيات رئيس المحكمة الاتحادية مدحت المحمود وقابليته على قولبة المواد الدستورية لتتواءم تماما مع النطق الذي أدلى به المالكي حتى قبل ان يقدم طعنه, من ان المحكمة الإتحادية لن تمرر قانون تحديد ولاية الرئاسات الثلاث بدورتين، وان مجلس النواب لا يحق له إصدار التشريعات إلا بعد تقديمها من قبل الحكومة.ففي دولة ذات نظام برلماني من المفترض أن تكون سلطتها التشريعية هي السلطة الأولى في الدولة, ومن أولى مهامها الدستورية هي تشريع القوانين, جردت المحكمة الاتحادية مجلس النواب من صلاحياته التشريعية بفعل قدرة المحمود في التلاعب بالمواد القانونية وتفسيراته الكيفية للنصوص الدستورية, ولم يعد لمجلس النواب غير اقتراح القوانين على الحكومة في مفارقة عجيبة تكمن في ان مجلس النواب هو اضعف من محاسبة الحكومة فيما لو تنصلت عن مهامها في انجاز القوانين المقترحة, وتغلب عليه صفات الانتهازية واللامبالاة والتسيب, وبهذا تحول مجلس النواب الى رهينة مزاجيات رئيس الوزراء وأهواءه, يقر ويعطل ويجمد ما يشاء من القوانين, وليس من المعقول انه يقر قانونا لا ينسجم مع اهواءه حتى وان اقترح من مجلس النواب.قرار المحكمة الاتحادية يثبت مجددا ان استقلالية السلطة القضائية ما هي الا اكذوبة فجة لا تحمل من معناها اللغوي الا في استقلاليتها المالية والتخصيصات الهائلة التي تحظى بها هذه السلطة بعيدا عن الاجهزة الرقابية وحجم الامتيازات التي يتمتع بها رئيسها, وما هي في واقع الأمر الا دائرة صغيرة تتبع مكتب رئيس الوزراء خاضعة لاوامره, وان جل قراراتها سياسية بعيدة كل البعد عن النصوص الدستورية او البناء الديمقراطي للمؤسسات الدستورية, وتسعى الى تنمية ديكتاتورية جديدة مقنعة بمؤسسات ديمقراطية صورية, فليس غريبا ان يصدر قرارها بنقض قانون تحديد عدد الولايات الرئاسية في نفس اليوم الذي الغت فيه المادة 23 من قانون انتخابات مجالس المحافظات لسنة 2008 والخاصة بكركوك والمتضمن الغاء طلب تدقيق سجلات سكان المحافظة بعد احراق سجلات النفوس والطابو من قبل الاكراد ليكون ثمنا باهضا يدفعه سكان كركوك من العرب والتركمان لتحالفات المالكي لولايته الثالثة. المالكي سعى لضمان تاييد القوى الدولية والاقليمية المؤثرة على الساحة السياسية العراقية ومنحه الضوء الاخضر لولاية ثالثة, من خلال المزيد من التنازلات بعضها ظهر سريعا الى العلن وبعضها الاخر ظل طي الكتمان, ورسمت هذه القوى خارطة تحالفاته الجديدة, فقد رمم تحالفه مع الاكراد بتنازلات لا يستطيع الوفاء بها من دون المساس بالنصوص الدستورية, وليمنحنا دليلا مضافا لكل مشكك بتسييس السلطة القضائية وتبعيتها حينما اسقط العشرات من التهم عن مشعان الجبوري مقابل التحالف معه, ومفاوضات اخرى اجريت مع المدان طارق الهاشمي نائب رئيس الجمهورية ووزير المالية المستقيل رافع العيساوي المتهم ايضا بقضايا ارهاب لاسقاط التهم عنهما للغرض نفسه, وهنا تبرز توجسات مريبة لاستماتة المالكي للتشبث بالسلطة, فالرجل لم يقدم شيئا ليستحق ولاية ثالثة, فكل مؤشرات الفشل ارتفعت في ولايتيه مقابل انخفاض مؤشرات التطور والتنمية, وجوده في سدة الحكم يعني المزيد من الدمار والخراب تلحق بالدولة والشعب, ويبدو ان هذه الاسباب هي التي تحث دول الجوار والولايات المتحدة لابقاءه على راس السلطة, فهو افضل وسيلة فعالة لابقاء العراق مدمر محطم وبعيدا عن اخذ دوره الاقليمي والدولي الذي يستحقه.احلام المالكي وطموحاته تحولت الى عوارض مرضية لداء الغطرسة (الهبرس) وهو اضطراب ونقص المناعة النفسي المكتسب, الذي يصيب من يتولون السلطة بانزلاق تدريجي من حالة الكاريزما، والثقة في النفس، والطموح، إلى حالة من انعدام المناعة الذاتية ضد تضخم الذات، والتغطرس، واحتقار الآخرين, ويبدأ الشخص بالاستئثار بالرأي، والامتناع عن سماع النصح، والتصرف دونما روية أو اكتراث واتخاذ قرارات أحادية متسلطة متسرعة، وعدم الاكتراث في عواقبها, لهذا فان الانصياع لرغبات المالكي في ولاية ثالثة والتسليم بها كأمر واقع, فقرار المحكمة الاتحادية لا يعني مطلقا إن الولاية الثالثة باتت قاب قوسين او أدنى من المالكي, فلا ولاية ثالثة اذا ما نبذه الناخب وعكفت بقية الكتل عن التحالف معه, وارتقى مجلس النواب بمسؤولياته التي تخلى عنها وانشغل بتوافه الأمور, والا فنحن مقبلون على كارثة أخرى مدمرة تتكالب فيها قوى الارهاب مع قوى الفساد في تحالف ابدي نما وترعرع في كنف المالكي لن يدفع ثمنها سوى الوطن والمواطن.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك