المقالات

دماء في العيد

431 22:22:00 2013-08-11

نـــــــــــــــزار حيدر

عندما اعدم العراقيون الطاغية الذليل صدام حسين في يوم العيد، بناء على قرار صادر عن القضاء العراقي، حشد الطائفيون كل ما عندهم لاستنكار العمل، فصدرت الفتاوى من فقهاء التكفير، وانبرت الاقلام الماجورة لتكتب وتنشر، وتعالت الاصوات في الفضائيات، ورصت كلمات وعبارات البيانات الرسمية والشعبية، الا ان هؤلاء جميعا تظاهروا بالعمى والبكم والصم وهم يرون عشرات السيارات المفخخة تنفجر في عدة مناطق من العراق ومنها العاصمة بغداد، في يوم العيد، لتحصد الارواح البريئة وتنتهك الدماء الطاهرة، خاصة النساء والاطفال، الذين لم يتهنوا بملابس العيد، وتحول فرحهم الى حزن.كلهم نسوا انه يوم العيد الذي لا يجوز فيه اراقة دماء الناس، فما بالك بالابرياء؟ وما بالك بالاطفال؟.لا علينا من هذا، فلقد تعود العراقيون على مثل هذه المواقف النفاقية والمزدوجة التي تنم عن انفصام في شخصية اصحابها، وصدق الله العلي العظيم الذي قال في محكم كتابه الكريم {فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُواْ اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُواْ يَكْذِبُونَ}.وكلنا يتذكر فتوى كبيرهم الذي علمهم السحر (الاعمى بن باز) الذي وصف الطاغية الذليل بالكفر وكيف انه لا يستتاب، وان مصيره الى النار وبئس المصير، على حد قوله وقتها، عندما احتاج البلاط الملكي للعائلة الفاسدة الحاكمة في نجد والحجاز، فتوى تجيز لهم استقدام القوات الاجنبية الى البلاد، ليعدل كبيرهم الاخر الذي خلف الاول ليصف نفس الطاغية الذليل بـ (الشهيد) وان مصيره الى جنان الخلد، عندما تم اعدامه.دعونا من كل هذه السيمفونية المعروفة، ولنتساءل، وهو الاهم، لماذا عاد الارهاب يضرب في العراق وبهذه القوة المخيفة؟ لماذا عاد تنظيم القاعدة الارهابي نشيطا جدا في العراق؟ الم تزف الينا مؤسسات الدولة العراقية، الحكومة والبرلمان وغيرهم، قبل سنتين او اكثر خبر القضاء على الارهاب وعلى تنظيم القاعدة الارهابي؟ فمن اين عاد الينا؟ اين الخلل؟ وما الذي حدث ليعود بكل هذه القوة، ليختار بنفسه دون غيره، الزمان والمكان وعدد السيارات التي يفجرها متى ما يشاء؟.لا اريد ان اختزل الجواب، بتعليق كل الاسباب على شماعة هذه الدولة الاقليمية او تلك الدولة العظمى او جهاز المخابرات الدولي او المحلي ذاك، كما يفعل بعض القادة، هربا من تحمل المسؤولية او لدغدغة عواطف الشارع او لتحشيده طائفيا، على الرغم من ان هذا الكلام يحمل بعض الحقيقة.الا ان الموقف الوطني والشجاع يحتم علينا جميعا ان نسمي الاسماء بمسمياتها، فلا نهرب لا الى الامام بتحميل الاخرين المسؤولية والتهرب منها، ولا الى الخلف بالانسحاب او ما اشبه.اما الجواب فبرايي كما يلي:اولا: خلافات السياسيين التي وصلت الى مرحلة لا يمكن ان تطاق ابدا، ليس بين الطوائف والمكونات، فحسب، فتلك خلافات قديمة جدا يعود تاريخها الى بداية العملية السياسية الجديدة التي اعقبت سقوط الصنم، وانما داخل المكون الواحد، ما اشغلهم عن التحديات بمشاكلهم التي فشلوا في ايجاد ابسط الحلول لها.ثانيا: استمرار الاعتصامات في المناطق الغربية، والتي حولتها، مرة اخرى، الى حواضن دافئة لقادة الارهاب وعناصره، بعد ان استغلها كل من هب ودب لتحقيق مآربه الخاصة، فدعمها باسباب الديمومة.ثالثا: اختلاف المرجعيات السياسية والدينية للقادة والسياسيين المتصدين للعملية السياسية، وهي كلها، كما هو معروف، خارج الحدود، ولهذا السبب فكلما شهدت المنطقة تصعيدا بين هذه المرجعيات نراه ينعكس مباشرة على الوضع الامني في الداخل، وبهذا يمثل العراق بالنسبة لهذه المرجعيات، الملعب المفتوح الذي تجري عليه وفيه مبارياتهم الساخنة، من دون حكم يراقب ويحاسب او يعلن بصفارته عن انتهاء المباراة.رابعا: انهيار المنظومة الامنية، للاسباب التالية:الف؛ لغياب السر فيها، وكلنا نعرف بان الامن يعتمد على الاسرار اولا واخيرا، فان اية خطة امنية لا تستعين بالسر لهي خطة فاشلة سلفا باء؛ وهذا سببه ان المنظومة الامنية مخترقة بشكل مخيف، ما يخلق حالة من التسريب المستمر والمباشر للمعلومة الامنية الى الارهابيين جيم؛ وهذا سببه ان المنظومة الامنية ليست مهنية بمجملها، كونها نتاج سياسات الدمج والمحاصصة والتراضي، الدمج الذي اعتمد: الميليشيات في اطار قانون الدمج المعروف، الصحوات، اعادة ايتام النظام البائد من قادة عسكريين وامنيين وعناصر مخابراتية واستخباراتية والتي من غير الممكن ان تغير ولاءاتها القديمة لصالح النظام السياسي الجديد دال؛ واخيرا تداخل الامن بالسياسة بالقضاء، ما افسدها كلها، فلم يعد عندنا عملية سياسية آمنة، او قضاء مستقل يتعامل مع الارهاب في اطار الدستور والقانون، او منظومة امنية تتحمل مسؤوليتها المهنية في حفظ امن المواطن بعيدا عن التدخلات السياسية والقضائية، ولذلك بتنا نشهد كيف ان السياسة تحمي الارهاب، وكيف انها تعرقل عمل القضاء عندما يتعامل مع الارهاب.خامسا: كما ان لعملية تهريب عتاة الارهابيين من السجون في بغداد، وفيهم مئات الزعماء والقادة من المحكوم عليهم بالاعدام، منح الارهابيين عزيمة واصرارا على تصعيد جرائمهم والتفنن بها اكثر فاكثر، فضلا عن ان ذلك منحهم دماءا جديدة من الزعامات المتمرسة في الجريمة ذات الخبرة الطويلة في القيادة والادراة، ناهيك عن ان ذلك منح هذه الجماعات الارهابية قوة معنوية بعد ان انهارت او كادت.سادسا: كما ان لبروز مظاهر تشظي الكتلة البرلمانية التي تدير الحكومة، واقصد بها كتلة ائتلاف دولة القانون، هو الاخر له دور في تجرؤ الارهابيين على لملمة فلولهم وتحشيدها لتصعيد ضرباتهم، فبعد ان ظلت هذه الكتلة متماسكة وقوية داخليا، اذا بعلامات التشظي بدات تلوح في الافق يوما بعد آخر، الامر الذي اضعف الحكومة التي تعتمد بالاساس على هذه الكتلة، ناهيك عن ازدياد خلافاتها مع بقية فرقاء العملية السياسية ومن مختلف المكونات، حتى وصل الامر الى ان يتهم زعيم الكتلة، رئيس الحكومة، احد اهم حلفائه في التحالف الوطني، الكتلة البرلمانية الاكبر التي منحها الدستور الحق في تشكيل الحكومة، واقصد به التيار الصدري، بالتورط في عملية اقتحام السجون في بغداد وتهريب قادة وزعماء التنظيمات الارهابية. سابعا: ولا ننسى هنا، ونحن ندرج اسباب عودة الارهاب مرة اخرى وبهذه القوة المرعبة الى العراق، ان نشير الى التحالف الاستراتيجي بين تنظيم القاعدة الارهابي، وعموم التنظيمات الارهابية، وايتام الطاغية الذليل صدام حسين لتخريب العملية السياسية والعودة بالعراق الى المربع الاول من خلال اعادة عقارب الساعة الى الوراء والعودة الى السلطة، مستفيدين من خلافات السياسيين، وصمت المرجعيات الدينية التي يفسرها البعض وكانها ضوء اخضر لمن يعنيه الامر بان يتدخل باية طريقة لوضع حد لما يجري اليوم في العراق، فضلا عن ان لتهجم بعض الساسة على هذه المرجعيات، والسعي للتقليل من دورها الوطني المحوري في حفظ العراق من التشظي او الانزلاق الى الحرب الاهلية والطائفية، له دور هو الاخر.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
ام فاطمه الباكيه على حال الشيعه
2013-08-12
لا اقول سوى اللهم لايكون هؤلاء الشهداء من الشيعه عندك اهون من فصيل ناقه صالح
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك