المقالات

بين الفتحة والكسرة فضيحة

590 11:39:00 2013-06-02

بقلم: حيدر محمد الوائلي

في أحد الأيام كان هنالك رجل دين بسيط غير معروف إعتاد أن يُلقي محاضرة إرشادية من على منبر مسجدٍ وسط أحد الأحياء السكنية الفقيرة بعد أداء صلاة الجماعة.صادف في ذلك اليوم وجود رجل دين كبير معروف ذو هيبة ماراً بالمدينة فسمع الآذان فتوجه لمسجد الحي الفقير للصلاة ولدى دخوله وقف له الجميع ليتخذ مكانه في الصف الأول شاقاً الصفوف حيث إمام المسجد وخطيبه كان قد بدأ بمقدمات الصلاة بمحراب المسجد.إنتهت الصلاة فتوجه رجل الدين الصغير ليؤدي تحية السلام لرجل الدين ذو الهيبة الذي بقى جالساً ومن ثم تلقاء المنبر جنب محراب الصلاة لألقاء المحاضرة كما جرت العادة، فتحرك رجل الدين ذو الهيبة إلى جنب المنبر الأيمن ليتخذ مكانه جالساً.

جرت العادة أن يُفتتح المجلس بآيةٍ من القران الكريم أما تبركاً بها أو لأنها مورد بحيث سيأتي شرحه وتفصيله بصورة مبسطة للعامة من الحاضرين، فتلى يومها الآية الثانية من سورة فاطر: (مَا يَفتَحِ اللهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فلا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).فنسي رجل الدين البسيط وربما لتوترٍ من جلوس رجل الدين ذو الهيبة تحت منبره فأخطأ بقرائته بأن قرأ كلمة (يفتحِ) حيث الحاء مكسورة في الآية ولكنه قرأها بالفتحة (يفتحَ) وهذا خطأ ممكن تلافيه عند الخوض في الموضوع ولربما سقطت سهواً من عنده، وحتى عامة الناس من الجالسين لا يعرفون ما الفرق بين الفتحة والكسرة ولا يعرفون معناها ومغزاها كما لا يعرفون اللغة الفصحى أصلاً فهم ينتظرون المحاضرة التي يلقيها الرجل بصورة مبسطة وبلهجتهم وبطريقة يفهمونها.على الفور دوى صوت عالي من أسفل يمين المنبر أربك الحاضرين مرة وأربك راقي المنبر مئة مرة...!كان ذاك صوت رجل الدين ذو الهيبة صارخاً فاغراً فاه بأعلى ما عنده من صوتٍ وهبه الله، ليسمع القاصي والداني مقاطعاً صاحب المنبر دون إستئذان أمام الناس قائلاً بالفصحى: (الله يكسر وأنت تفتح)...! -أي أن الكلمة في الاية بالكسرة فكيف تقرأها بالفتحة-.فما كان من رجل المنبر البسيط وسط الإحراج أمام الناس والإنكسار إلا أن يجيبه بنفس الوزن وبالفصحى أيضاً ولكن بهمس: (والله يستر وأنت تفضح)...!

كان جواب رجل المنبر البسيط الغير معروف أكثر حكمة وصواب مئة مرة من رياء وشكليات وإحراجات وسوء تصرف رجل الدين ذو الهيبة المعروف.هذه الهيبة التي أصبح الكثيرون يعدونها للأسف من لوازم الدين ورجاله، حيث المظاهر والهيبة والمجلس المتميز والأحترام الواجب تقديمه يجب أن تأخذ مكانها بعناية عند تواجد رجل الدين وليس لفكرٍ وعبقرية ونباهة وإصلاح تميز به رجل الدين هذا، بل لأنه على الأغلب يرتدي زياً دينياً ويعرفه الناس أنه رجل دين من لباسه أو لكثر أتباعه.

متى تكون النصيحة فعلاً نصيحة وليست فضيحة...!ومتى يكون البحث عن أثر الأصلاح بالنصيحة بدلاً من البحث عن فضيحة...!من أساسيات النصيحة وهذا إسمها إجتماعياً وفقهياً تسمى (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) عدم الأحراج والحط من شأن الشخص المنصوح وتوخي الحذر بأن لا تكون النصيحة إهانة أو تعتبر إساءة على المستوى الشخصي والأجتماعي، ومن أساسياتها أيضاً إحراز أن يقبل المقابل النصيحة وأن تكون ذات ضرورة منطقية أو ستدفع ضرراً قد يقع لو لم يقدم النصيحة، وكذلك وهو المهم أن تفكر جيداً بحكمة نصيحتك ومدى أثرها وتأثيرها وهل هي فعلاً نصيحة أم كلام فارغ لا محل له من الأخلاق...!يجب أن لا تكون النصيحة تدخلاً فيما لا يعنيك وما لا تعرفه وأن لا تكون فضول وحشر الأنف في أمور خاصة وحتى عامة هي ليست من شأنك. كتبت مقالة قبل عدة أشهر بعنوان (حرية الرأي والحياة الشخصية والحشريون) تناولت فيها من يبحث عن التسقيط والتشهير بخصوصيات الناس أو حياتهم الشخصية وعيوبهم للتسقيط الأجتماعي لمجرد خلاف في الرأي.

ينبغي أن تكون النصيحة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سترٌ لا فضيحة، وأن تكون توجيه لا جبر وغصب وعصبية وتجاوز على الاخرين.

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك