المقالات

صندوق الاقتراع..بأكبريه

603 21:32:00 2013-04-27

نـــــــــــــــزار حيدر

واقصد بذلك، اكبر الفائزين واكبر الخاسرين، فاذا شهدت الانتخابات، اية انتخابات في اي بلد، مثل هذه المعادلة فذلك يعني انها سليمة بدرجة كبيرة، وقد حققت جوهر الغرض من ورائها، وهذا ما تحقق في الانتخابات الاخيرة التي شهدها العراق الجديد الاسبوع الفائت (انتخابات مجالس المحافظات) فلقد اظهرت النتائج النهائية فوزا كاسحا لكتلة المعارضة، ان صح التعبير، وهي (كتلة المواطن) التي حصدت حوالي ضعف المقاعد التي كانت قد شغلتها في الانتخابات السابقة، لتكون بذلك الفائز الاكبر في الانتخابات، فيما عد الائتلاف الحاكم (دولة القانون) وتحديدا الحزب الحاكم، اكبر الخاسرين والذي خسر الكثير من مقاعده فيما اخفق في الحصول على الاغلبية في كل المحافظات خلافا لما كان عليه في المرة السابقة عندما حصل على هذه النسبة في اهم محافظتين وهما العاصمة بغداد والبصرة الفيحاء، فضلا عن انه فشل في الحصول حتى على الاغلبيات المريحة في كل المحافظات تقريبا، فلقد تراوحت عدد المقاعد التي حصل عليها في جل المحافظات بين (25% و 30%) تقريبا.شخصيا، لا تهمني الاسماء والمسميات من الفائزين والخاسرين، وانما الذي يهمني بالدرجة الاولى هو الانجاز، فانا اقدر واقيم الكتل والافراد على اساس انجازاتهم وليس على اساس انتمائاتهم، ولذلك، مثلا، اعتبر ان اعادة انتخاب الفاشل في اية محافظة من المحافظات سواء على اساس الولاء الحزبي او التعصب المذهبي او التحشيد الطائفي، جريمة كبرى لا تغتفر، وهو الامر الذي حصل هذه المرة في بعض المحافظات، ومنها كربلاء المقدسة، والتي ظل يحكمها (الحزب الحاكم) على مدى ثمان سنوات من دون ان تشهد المحافظة المقدسة اي تغيير جذري يذكر على الرغم من ضخامة الواردات والاستقرار الامني ووحدة المكون الاجتماعي.لقد جاءت نتائج الانتخابات الاخيرة لتوضح وتثبت الكثير من الحقائق والغايات، كما انها جاءت لترد على الكثير من الشكوك والظنون التي ظل يعتقد بها كثيرون، والتي قدرت نسبتهم ربما باكثر من (50%) وهي النسبة التي عزفت عن المشاركة في الانتخابات لمثل هذه الاسباب.اما الحقائق التي ثبتتها النتائج فهي:اولا: وعي الناخب العراقي الذي تمكن به من تحقيق مبدا الثواب والعقاب وهو جوهر الديمقراطية كما نعرف، فلقد تمكن الناخب بوعيه تغيير الكثير من الوجوه الفاسدة والفاشلة، كما انه نجح في حمل عدد كبير من الوجوه الجديدة بصوته، والتي نتمنى ان تكون بمستوى المسؤولية فتنجح هذه المرة وتصلح وتنجز وتثمر نزاهتها اصلاحا وتغييرا كبيرين، لتغير الصورة النمطية المطبوعة في ذهن الناخب ضد المسؤولين.ثانيا: لقد صرف المرشحون، كتلا وافرادا، اموالا طائلة لشراء اصوات الناخبين، كما انهم باعوا آمالا عريضة ووعودا كبيرة للناخبين لخداعهم من اجل التصويت لصالحهم، الا ان النتائج جاءت باقل بكثير من حجم الانفاق والتوقعات على حد سواء، ما يعني ان الناخب صوت بحرية وبارادة كبيرتين، لم تؤثر عليه كثيرا الاموال والوعود والمناصب التي قدمها له المرشحين، خاصة مرشحوا السلطة الذين بيدهم المناصب والوظائف الحكومية وغير ذلك، انه قبض من الجميع وفي نهاية المطاف منح صوته لمن رغب ووثق به.ثالثا: كما اثبتت النتائج بان الناخب العراقي ليس مع السلطة كسلطة وانما قد يكون معها اذا ما حققت له نتائج ملموسة على الارض، ان على صعيد الامن والتعليم والصحة وغير ذلك، والدليل على ذلك هو ما حققه ائتلاف السلطة من نتائج هزيلة وغير متوقعة في كل المحافظات تقريبا.رابعا: كذلك، فلقد اثبتت النتائج بان سياسة التحشيد الطائفي والتخندق وراء سياسة صناعة الازمات لم تغر الناخب كثيرا، بعد ان كشف الحقائق وميز بين الامور، فلقد هزم من ظل يراهن على صناعة الازمات.خامسا: ولقد ردت النتائج على الذين قالوا بانها محسومة سلفا فما فائدة المشاركة اذا كانت المشاركة من عدمها سيان؟.لقد وعد الائتلاف الحاكم ناخبيه بالحصول على الاغلبية في كل المحافظات من اجل ادارتها بنظام الاغلبية السياسية، ان صح التعبير، من دون الحاجة للجوء الى المحاصصة والمشاركة وغير ذلك، وهي الاسس التي اعتبرها معرقلة لعملية البناء والاعمار والاصلاح والانجاز، الا انه لم يحصل على مثل ذلك في اية محافظة، فاذا كانت النتائج غير محسومة للائتلاف الحاكم، فكيف ستكون محسومة لغيره؟.سادسا: كما اوضحت النتائج بان صندوق الاقتراع اداة فعالة في عملية التغيير في العراق الجديد، يمكن للناخب من خلاله ان يغير ويبدل ويثيب ويعاقب، وان العزوف عن المشاركة امر غير مجد، ولو ان الـ (50%) المقاطعة كانت قد شاركت في التصويت لكنا قد شهدنا تغييرا دراماتيكيا عظيما في ميزان القوى، ولذلك اتمنى ان يتعلم الناخب هذا الدرس في الانتخابات النيابية القادمة، ليمارس حقه في التغيير ليس بالانقلابات العسكرية والتآمر على السلطة، وانما بالاسلوب الحضاري من خلال صندوق الاقتراع حصرا.سابعا: واخيرا، قد يعتبر البعض بان هذه النتائج هي الاخرى اتت بنفس القوائم والكتل الانتخابية، فهي لم تغير سوى الوجوه، واقول:الف: حتى في الدول الديمقراطية العريقة فان صندوق الانتخابات لم يغير الاحزاب والكتل السياسية وانما يغير الوجوه فقط، فها هي الولايات المتحدة الاميركية مثلا، ظل يحكم فيها احد الحزبين المتنافسين (الجمهوري او الديمقراطي) منذ اكثر من قرنين، وان الانتخابات الرئاسية لم تغيرهما وانما تكتفي كل اربع سنوات بتغيير الوجه فقط، وكذا الحال بالنسبة الى الكونغرس بمجلسيه (الشيوخ والنواب).باء: ليس بامكاننا ان نستورد كتلا واحزابا وائتلافات من القمر او من المريخ، وانما بامكاننا فقط ان نغير المعادلات في كل استحقاق انتخابي للضغط على هذه الكتل والاحزاب لتغيير برامجها وتحسين اداءها.بمعنى آخر فان مهمة صندوق الاقتراع تنحصر في تغيير البرامج والقناعات، من خلال اثابة الوجوه الناجحة ومعاقبة الوجوه الفاشلة، وهذا ما سيحققه الناخب حصرا عند كل استحقاق انتخابي.لقد اعاد الناخب الثقة بكتلة المواطن هذه المرة بعد ان عاقبها في استحقاقين انتخابيين سابقين، بغض النظر عن الاسباب والمسببات، فيما عكس الظاهرة مع الائتلاف الحاكم الذي عاقبه هذه المرة بعد ان اثابه في الاستحقاقين الانتخابيين السابقين، وهذا هو بالضبط ما نامله من العملية الانتخابية برمتها، فذلك هو ما سيدفع (المواطن) الى ان تبذل قصارى جهدها من اجل تحسين الاداء من خلال الاستفادة من اخطاء الماضي، فيما سيلح على (دولة القانون) لاعادة النظر في سياساتها ومنهجياتها، كذلك من خلال اعادة نظر شاملة بما حصل من نتائج، فيما ستتعلم بقية الكتل، سواء الفائزة منها او الخاسرة، درسا مهما في الديمقراطية مفاده ان الباب مفتوحا امامها، فقد تخسر يوما وقد تفوز في آخر، ولذلك فان على جميع الكتل ان تفكر جيدا لتعمل جيدا .ثامنا: واخيرا، فلقد اثبت قانون الانتخابات الجديد تحديثا ملحوظا في خارطة تحالفات ما بعد النتائج، فلقد اتاج القانون للقوائم الصغيرة بالفوز ولو بمقعد واحد، بدلا من التهميش والاقصاء، فيما منع القوائم الكبيرة من الاستحواذ على اصواتها بحجة القاسم الانتخابي، فضلا عن انه مكن الناخب من تحسين ادائه ولو بنسبة ضئيلة.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
محمود شاكر شبلي
2013-04-29
الاستاذ الكريم نزار حيدر..تحية لقلمك الشريف ولأفكارك النيرة..أعتقد أن كتلة المواطن تستق الثقة وأنها ستقوم بعمليات جراحية لأستئصال الكثير من الاورام السياسية والاجتماعية والاقتصادية ..
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك