المقالات

ناقوسُ المسيح ِ يَدقُ في المَشرق

576 08:52:00 2012-12-29

قاسم محمد الكفائي

تتعاظمُ إحياءُ ذكرى ميلادِ عيسى المسيح عليه السلام في نفوسِنا وبيوتِنا ومؤسساتِنا نحن أهل المَشرق ، مسلمين ومسيحيين على قدَر أهميةِ تلك الشخصية العظيمة التي تحلى بها المسيحُ ، وعلى قدر أهميةِ رسالتهِ التي انفردَ بها معلما ورائدا ومُضحيا . فلماذا اختارَهُ اللهُ تعالى أن يكون رسولا من أهل تلك القرية ( بيت لحم ) التي دُقَّ فيها أولُ ناقوسٍ مسيحي عرفته البشرية ، فتغنت به تلك الأرضُ ( فلسطين ) ؟ في الأختيار الألهي حكمة ٌمطلقة ٌ ذاتَ هدفٍ ومعنى يتسعُ مداها على الأرض المتناهية ولم تمنعْها حواجزٌ في بني البشر . لذا كانت رسالتهُ إنسانية ، تستلهم معانيها من الفكر الألهي المطلق . إن الدورَ الرائد الذي تحلت به الشخصية ُالمسيحية ُالمتدينة في بلاد المشرق - العربي على الخصوص - تعتبر النموذج الحي الواعي الذي من خلاله نتعرف على ملامح الرسالة بمفاهيمها الأخلاقية والروحية والأنسانية . بهذا الفهم اليسير نجد نحن أهلُ المشرق ، مسلمين أولا أن أخوتنا المسيحيين سلكوا طريقَ الأغتراب بعيدا عن بلدانهم ولجأوا الى دول الغرب وأمريكا الشمالية بقناعة اللاعودة . إن تبعات هذه الظاهرةُ الظالمة تلقي بظلالها على المسلمين لفقدهِم أحبة ًعاشوا معهم آلافَ السنين ، فشاركوهم محنة َ العُسرِ وراحة َ اليُسر ، ولم يخذلوهم . لكن للظروفِ الآنية تفسيرُها في بعض بلداننا عندما نجد أن المسلمَ فيها قُتل وهُجّر ورُوِع ما قبل المسيحي كما حدَث في العراق وسوريا مثلا ، بينما المسيحيون الفلسطينيون يتعرضون الى ألوان المحن والقهر والتقزيم ، وتزييف التأريخ من قبل الدولة الصهيونية . المسيحيون أقلية بعددِهم وأكثرية ٌ بمكانتهم الدينية والأجتماعية وحق المواطنة . لذا يتعين على الدولة التي ينضوي تحتها المسيحي أن توظف له طاقاتِها المناسبة بما يستحق من أجل إيجاد المأمن اللائق ، وصيانة حقوقه الوطنية ، وأن لا يكون عِرضة للمتغيرات السياسية التي تعصف بالبلاد كما نشاهدها في مصر وسورية مثلا . المسيحيون في هذين البلدين ينتظرهما مستقبلٌ غير محمود عندما يكون فيهما المتطرفون هم ساداتها وحاكموها وفارضوا الجزية على أهل الذمة بحسب تفسيراتهم المغلوطة والضيقة لنصوص الشريعة والتاريخ . في هذا العام الجديد ( 2013 ) لابدّ أن تعيدَ دولُ أهل المشرق العربي حساباتِها بشأن حماية ودعم المسيحيين القاطنين على أراضيها كمهمةٍ وطنيةٍ وإنسانيةٍ يتكاملُ فيها النسيجُ الديني والأجتماعي . يتلخص في ثلاثة نقاط تهتم بالمسيحيين العرب ...* تشكيلُ مؤسساتٍ حكوميةٍ في بعض دول المشرق العربي تهتم بمتابعة شؤون المسيحيين في صيانة الحقوق والواجبات والمواطنة وحرية العقيدة والفكر . * دعمٌ مالي ومعنوي لمسيحيي المشرق العربي للقيام بزيارة بيت لحم في فلسطين من كل عام لأحياء عيد الميلاد والسنة الجديدة في تلك المدينة المقدسة ، وتشييد المؤسسات المسيحية ذات الطابع الديني كمرجعية ثقافية وتاريخية واجتماعية مؤثرة في قرارها المسيحي على المنطقة . ومن أولوياتِ نشاطاتِها في الحقل الأجتماعي ...تعزيز ثقافة التعايُش الأسلامي المسيحي . * تشييدُ كنائسَ في جميع ِالدولِ العربيةِ التي تمتنعُ عن إقامتِها كما في دول الخليج ، خصوصا السعودية التي تهيمنُ فيها المؤسساتُ الدينية ُالمتطرفة ُوالمكفرة ُ لهذه الطائفةِ الكريمة . لذا يجب تشييد أكثر من كنيسة في أكثر من مدينة عليها يعيشُ جماعة ٌ من المسيحيين العرب وغيرُهم من العاملين والقادمين من الدول الأخرى . لقد تعرّضَ المسيحيون في العراق الى انتهاكاتٍ بأداوتٍ مستورَدةٍ لم نجدها في القاموس الأجتماعي العراقي كان الغرضُ منها إحراجَ العراق سياسيا وأمنيا واجتماعيا ، لكن الموقف الشعبي والرسمي استوعبَ ذلك الغرض وعالجه بروح التماسك الأجتماعي والوطني . ينتظر العالمُ بأسرِه أنوارَ العام المسيحي الجديد التي لاحَ بزوغُها ، قاب قوسين أو أدنى . فما بالي أنا المسلم العربي العراقي أن أفعلَ بهذه المناسبةِ الكريمة المباركة سوى أن أشارك َ أخوتي المسيحيين العراقيين أفراحَهم بعيدِ الميلاد ورأس السنة الجديدة ، متمنيا لهم كلَّ أيامهم أعيادا ومسرات ، وأن نجتمعَ على محبةِ عيسى المسيح وأحكام ِ رسالتهِ في سبيل رِضى الله وفي سبيل بناء عراقنا العزيز . وبنفس الروح أبارك لأخوتنا المسيحيين في بلاد المشرق العربي حلول هذه الذكرى المباركة ، أخصُّ بالذكر أهلنا المسيحيين في فلسطين المحتلة الذين يتجرعونَ عذابَ صبرهِم وهمومِهم في ظل حماقات مغتصب جائر . فكلُ عام وأهلنا المسيحيين بخير .

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك