المقالات

متى يطبق القانون على جميع المواطنين ؟

980 16:11:00 2012-05-13

السيد حسين السيد محمد هادي الصدر

من أهم المؤشرات على الرقي الحضاري للدولة، تساوي مواطنيها أمام القانون .انَّ القانون لابُدَّ أن يعلو ولا يُعلى عليه ،أيا كان المخترِق فسيّان ان يكون صهر الملك أو يكون رجلاً من عامة الناس ...لقد سيق صهر الملك الاسباني (خوان كارلوس) الى المحكمه، كما يساق اي مواطن أسباني آخر، دون أية محاولة للالتفاف على القانون .ان هذه النزعة الجادة في تطبيق القانون على المواطنين جميعاً دون استثناء ،تضفي على الدولة هيبة لا تنكر ،وتملأ وجدان المواطنين بالاحساس بالعدل ،وتشدهم بالتالي الى تعميق أواصر الصلة ببلدهم، ، والتفاني في حُبّه ، والعمل من أجل استقراره وازدهاره .ان (اينياكي اوردا نغارين ) -صهر الملك- مُتَهمٌ بقضية فساد مالي ، تورط فيها مع شريك له يُدعى (دييغو توريس) وقد تمت احالته الى المحكمة دون ان يسعى الملك أو اي مسؤول اسباني آخر لأبعاده عن المساءلة والحساب .وقد كثر الجدل مؤخراً في أسبانيا حول عَرْضٍ تقدّم به المحامي (ماريو باسكوال) نيابة عن صهر الملك ،يقضي بان يبادر صهر الملك (اوردا نغارين) الى إرجاع مبلغ مقداره مليون وسبعمائة ألف يورو الى المحكمة - وهو مبلغ يعادل نصف المبلغ الاجمالي الذي كان عُرضة للتلاعب به من قبل الصهر وشريكه مقابل، ألا يسجن مع شريكه ...!!!انّ مجرد طرح هذا العرض من قبل محامي صهر الملك أثار ضجيجاً عالياً في المجتمع ، فما كان من وزير الداخليه الأسباني (البرتو رويث غاياردون ) الاّ ان علّق قائلاً :(ان المحكمة التي تنظر القضية ستواصل عملها حتى النهاية .ونحن نعيش في دولة قانون وفي مثل هذه الدولة فان مبدأ المساواة ينص على ان جميع المواطنين الأسبان متساوون أمام القانون )بمثل هذه الكلمات المغموسة بعطر العقلانيه والموضوعيه ،جاء الموقف الرسمي ،ليضع النقاط على الحروف ،ويؤكد على ان القانون لابُدَّ ان يأخذ مجراه دون تلكؤ أو ابطاء والسؤال الآن :ماهي درجة التمسك بتطبيق القانون على جميع المواطنين العراقيين ؟ولا حاجة الى الافاضة في الحديث لان الجواب واضح معلوم ..!!انَّ القانون يطبق على الفقراء والضعفاء ، وتُبتكر الوسائل الكثيرة للألتفاف عليه ،حين يراد تطبيقه على أصحاب الشأن العالي ، حتى يصبح نسياً منسياً ...!!!انها لثغرة كبيرة في جدار العدل والموضوعيه ،تقود عملياً الى انطفاء وهج القانون ،وهيبة الدولة ، في أوساط الجماهير ،مما يزيدهم جرأة على انتهاك حرماته ،والتعدي على مضامينه دون وازع أو رادع ومن هنا يمكن ان نسمي هذا القسم من السلوك الشائن ،القائم على أساس التمييز بين المواطنين فيما يجب ان يكونوا متساوين فيه ، بالانتهاكات الخطيرة ،للقيم والضوابط الوطنيه والاخلاقيه ،فضلاً عن القيم والضوابط الدستوريه والقانونيه والانسانيه .ثم ان هناك مسألة مهمة في هذا السياق لايصح إغفالها .ان العبرة ليست بالنص القانوني ،وانما العبره بالتطبيق السليم غير المنحاز لهذا النص القانوني ان قانون أصول المحاكمات الجزائية ينص على ان المتهم بريء حتى تثبت ادانته ، وأنَّ من حق المتهم ان لايُدلي بافادته الاّ بحضور محاميه ، وانه لا يجوز انتزاع الافادة منه بالاكراه والتعذيب ..، ولكن كيف كان التطبيق ؟لقد أُجبر كاتبُ السطور على توقيع افادته وهو معصوب العينين ، وببصمة الإبهام طبعاً ،في مديرية الأمن العامة ببغداد عام 1979،ولم يكن من الممكن لايَّ محامٍ ان يحضر ، لان حفلات التعذيب مشهدٌ خاص بالاجهزه القمعيه ،يتفنن فيه جلادوها باذاقة الأحرار والحرائر أبشع ألوان النكال والتعذيب الجسدي والنفسي ....صحيح ان العراقيين متساوون أمام القانون نظرياً ، ولكن هل لهذا التساوي من مصداقيه في المضمار العملي ؟ان ابقاء النصوص القانونيه معاني بلا روح ،أو التلاعب في تطبيقها، والانحياز لهذا أو ذاك تبعاً لدرجة الصلة والقرابة مع هذا المسؤول أو ذاك ،لايعني الاّ التخلف ، وتكريس المظالم الاجتماعيه ، وكل ذلك يُعرّض المجتمع لاهتزازات خطيرة تنذر بأوخم العواقب .واذا كان صهر الملك الاسباني لا ينجو من المساءلة الحقيقيه ، فكيف ينجو منها من لا يقاس به من قريب أو بعيد ؟!!ان التلاعب بأموال العراق تجاوز الحدود ، حتى بلغت آخر التقديرات :61 مليار دولار ، فمن الذي تمت مساءلته عن هذا النهب الفظيع والرقم الهائل ؟!!ولقد صدق الشاعر حينما قال :وأعزُّ ما يبقى ودادٌ دائمٌإنَّ المناصب لا تدومُ طويلاًان على أصحاب المناصب ان يكونوا أحرص الناس على مصالح العراق وأهله وثرواته ، وان يكونوا أشدّ من يُعنى بتطبيق القوانين بكل موضوعيه وعدالة ،بدلاً من ان يلوذ بهم المفسدون ، أو يتستر بهم القراصنة العابثون .واذا كان الوطن قد كرمّهم وأتاح لهم هذه المناصب الرفيعة ، فان عليهم التفاني في خدمته وخدمة مواطنيه، والحفاظ على مصالحه وثرواته ،دون أن تأخذهم بالعابثين والمفسدين والمتلاعبين اية هواده .ان عليهم ان يُعدّوا الجواب يوم ينادي المنادي :(( وقفوهم أنهم مسؤولون ))

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
زهراء محمد
2012-05-14
ان يكون المسؤل والمواطن كلهم سواسية وتحت القانون عندها سنحس هناك بصيص نور وامل في الحياة... قوانينكم مزقتنا نحن اهالي الشهداء واصحاب الحقوق المسروقة..تلاعب وانعدام الضمير والبوك بوضح النهار يجعلك تلعن الدنيا بقبيحها وجمالها..سؤالي للمسؤل الذي يغرف المليارات ويرميها خلف الحدودمتى تكتفي ؟؟كم تعيش من العمر؟ امنت حياتك وحياة اجيال اجيالك هل امنت نفسك للوقوف امام اللّه سبحانه وتعالى.. فقانونه صارم لكنه عادل لايظلم..
زهراء محمد
2012-05-14
سيدنا الجليل: يجب ان نقول متى يطبق القانون على المسؤولين؟لان المسؤل هو فوق القانون ليخرج مسؤلا ويكذبني. المواطن البسيط عليه حزم من القوانين القاصمة والشديدة كانه (انتقاما)منهم!وليس يحميه ويحفظ حقوقه كما في قوانين هذه الدنيا.. لنكن صريحين ونتكلم بوضوح النواب والمسؤلين في سفرات ورحلة علاج واستجمام وكله من (مال العام) هل هناك قانونا يمنع ذلك؟. انااجيب ايضا كلا والف كلا لان لهم قانون خاص اصرف اشكد ماتكدر وعلى راحتك؟ اذن قانوننا فيه خلل وظلم كبير زورو دوائر الدولة ستعلمون مااعنيه.بلد مثل العراق يجب
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك