المقالات

تفضّيل ( الخنثى ) على الذكر والأنثى

2596 16:35:00 2012-02-19

السيد حسين السيد محمد هادي الصدر

تفضّيل ( الخنثى ) على الذكر والأنثى

في غمرة المعاناة التي يعيشها أصحاب الحاجات لا تعدم أنْ تجد بعضهم يبحث وينقّب عن وسيلة يلجأ اليها مستعينا بها لقضاء حاجته .وهذا أمر دأب عليه الناس في عموم الأقطار والأعصار على أختلاف ألوانهم وأديانهم .انهم يبحثون عن الشخصية النافذة ذات المكانه العالية التي تستطيع التدخل لحسم قضيتهم ايجابياً وهذا ما يُطلق عليه عندنا ( الواسطة ) .وبالفعل يستجيب الكثير من أصحاب المواقع المهمة والمناصب الخطيرة ، لتلك الشخصيات المؤثرة وينجزون لهم ما يطلبونه .انّ اصحاب الجاه ، والمكانة المتميزة ، والرأي المسموع على ضربين الأول : من يسخو بجاهه ولا يبخل على أحد ببذل مساعيه لأنجاح ما يريد وهؤلاء هم أصحاب النُبل والنزعة الانسانية الحميدة .....الثاني :الفار من المعروف والاحسان فراره من الجراثيم ....وهؤلاء هم المتكلسون الذين لا يبالون بمعاناة غيرهم ، مهما كانت الأحوال .ان البخل بالجاه لا يقل بشاعة عن البخل في المال هذان الضربان معروفان ، وهما نمطان مألوفان في كل زمان ومكان والى جانب هذين النمطين ، تلمح أحياناً بعض النماذج اللعوبة الكذوبه التي لا ترفض صراحةً مطالب الذين يدعونها للتدخل في حلّ قضاياهم ، ولكنها في الحقيقة لا تتعاطى معهم الا بغش واحتيال .انها تديف السم بالعسل وانها تفضل ( الخنثى ) على الذكر والانثى .وهذا النمط يلحق بالقسم الثاني الباخل بجاهه على غيره ، ولكْن مع لؤم واحتيال وقلّة مبالاة في القيل والقال .انهم يتظاهرون بالتفاعل الايجابي مع طلبات المحتاجين ويتسترون على حقيقة مواقفهم ، فاذا انكشفتْ ،لجأوا الى بارد الأعذار وكاذب العلل والأسرار ....!!!!والغريب ان التاريخ سجّل أمثال هذه المواقف على أسماء لامعة ،لها وزنها ومكانتها السامية في دنيا الأدب والمعرفة والثقافة ..!!ومن اولئك النفر : ابو عثمان عمرو بن بحر الجاحظ صاحب كتاب البيان والتبيين الذي سأله بعضهم كتاباً الى بعض أصحابه بالوصية به فكتب له رقعةً وختمها فلما خرج الرجل من عنده فضها فاذا فيها :{ كتابي اليك مع من لا أعرفه ولا أوجب حقه فان قضيتَ حاجتَه لم أحمدك وان رددتَه لم أذمك فرجع الرجل اليه ، فقال الجاحظ :كأنك فضضتَ الورقة ؟قال :نعم قال :لا يضيرك ما فيها ، فانه علامةٌ لي اذا أردت العناية بشخص .فقال الرجل :قطع الله يديك ورجليك ولعنك فقال الجاحظ :ما هذا ؟قال :علامة لي اذا أردتُ أنْ اشكر شخصاً } والسؤال الآن :هل كان الجاحظ يصطنع هذه القضايا ،ليدخل مفردة جديدة من مفردات القضايا الغربية التي يسوقها ضمن نوادره وملحه وطرائفه ؟أم أنه كان يضن على الناس حقيقةً بمعروفه واحسانه ويستسيغ الحيل والاكاذيب ؟الاحتمال الأول هو الارجح عندي وهو الأقرب الى طبيعة الأشياء ولقد جرّبنا " الجاحظ " في حديثه عن نفسه فقد روى انه كان على باب داره فجاءته امراةٌ قائلةً :{ لي اليك حاجة ،وأريد أن تمشي معي ،فقمتُ معها ، الى ان أتتْ بي الى صائغ يهودي وقالت له :مثل هذا وانصرفتْ فسألتُ الصائغ عن قولها فقال :انها أتت اليّ بفص ، وأمرتني أن أنقش لها عليه صورة شيطان ، فقلتُ لها :ستي ما رأيتُ الشيطان ، فأتتْ بكَ وقالتَ ما سمعتَ }ولقد قيل في ترجمته انه كان :{ ميالاً الى الملح واللطائف ، والنكت والطرائف ،والتندر والعبث ، والسخرية والهزء لا يبالي ان يدّون النكته وان يرويها ولو كان فيها ما يتناول سمته ، ويمس جلاله ويأخذ من حلى وقاره } ومن المشاهير الذين ضنوا بمعروفهم على الناس خالد بن صفوان ، الخطيب البليغ الشهير فقد كان يقول :أربعة لا يُطمع فيهن عندي الفرضوالقرضوالهرس وأن أسعى مع أحد في حاجة وهو بتخليه عن ذلك يسجل على نفسه السلبية المقيته وفي الأمثال :{ إمّا (نعم ) مُرْبِحة أو (لا) مُرِيحة }وعامة أصحاب المواقع المهمة اليوم يتحاشون اللقاء بالناس وبالتالي غابت (نعم) المريحة واختلفت (لا) المريحة،حيث لا ربح ولا راحة للمستضعفين والبائسين والفقراء في الساحة

حســـين الصـــدر

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
قاسم بلشان التميمي
2012-02-20
سيدنا الجليل مقالك رائع واحسنتم
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك