المقالات

احتكار الاعلام

741 18:23:00 2012-02-14

جواد العطار

مع دخول العراق مرحلة التحول الديمقراطي؛ وبعد فترة من الاعلام المركزي الموجه والخاضع لسيطرة وسطوة الدولة والحزب الواحد؛ ادركت الاحزاب والشخصيات السياسية والمثقفين وحتى التجار .. اهمية الاعلام في اجواء الانفتاح والتعددية السياسية والديمقراطية ، فلجأت الى انشاء وسائل اعلامية متعددة للتأثير في الجمهور العراقي المتلقي والمتعطش للحرية والتنوع ، فطالعتنا في بغداد وحدها اكثر من 150 صحيفة دفعة واحدة بين عامي 2003 و 2004 ، تراوحت بين شبه حكومية وغير حكومية وخاصة ، واكثر من عشر فضائيات؛ في حينها؛ اضافة لعدد كبير من الاذاعات المحلية. ان اعتماد الكيانات السياسية على الاعلام بأشكاله كافة لتسويق مرشحيها وصناعة توجهات جمهورها وناخبيها ، يصبح وفقا لهذا المعنى (الوسيلة) التي تتوسط ما بين الجماعات والاحزاب السياسية من جهة والمواطنين - الناخبين من جهة اخرى .. وهنا يتميز الدور الذي تؤديه وسائله في الحياة السياسية والعامة وفي الانتخابات والذي ينبع من طبيعة ووظيفة هذه الوسائل .. في الاخبار والشرح المفصل والتحليل المنطقي والتفسير الواقعي والمبادرة الجادة والرقابة الفعالة دون انحياز . ولا شك ان سبب الاهتمام السياسي يعود الى ان وسائل الاعلام مؤثرة بشكل مباشر وسريع في الجماهير سلبا او ايجابا حسب دورها؛ حيث يقوم الاعلام بخمس وظائف رئيسية هي : 1. الوظيفة الاخبارية 2. التوجيه وتكوين المواقف والاتجاهات 3. زيادة الثقافة والمعلومات 4. تنمية العلاقات الانسانية وزيادة التماسك الاجتماعي 5. الترفيه والدعاية والاعلان لكن ، التوظيف السياسي للوسائل الاعلامية في الآونة الاخيرة بصورة ابعدها عن الواقعية وطبعها بشكل فاضح ومكشوف بالانحياز وافقدها الحيادية والبريق وادى الى تراجع دورها ووظيفتها الاساسية ، جعل سمة العزوف عنها وعن قراءتها او مشاهدتها الصفة الغالبة على معظم جمهورها ومتابعيها ، وبالتالي قد تنقطع ( الوسيلة ) التي تتوسط بين المواطن والكيانات السياسية وهو الاتجاه الاكثر ترشيحا في توصيف الواقع الاعلامي الحالي ، ما قد يعيدنا الى حلقة الاعلام المركزي بشكل يفقد العملية الديمقراطية السلسلة الاهم التي تمد جسور التواصل المتينة والاهتمام المتزايد والجذاب وآليات وبوصلة التغيير التي يقودها المواطن في مرحلة الانتخابات عبر صناديق الاقتراع او ينشدها من خلال الانعكاسات التي تترجم مطالبه وتطلعاته في المراحل الاخرى او حتى الرقابة التي قد تشكلها الوسائل الاعلامية ذاتها عبر تغطياتها المباشرة وغير المباشرة .. والتي تغني مجاله وتخرجه من دائرة المركزي الموحد الى الثري المتنوع . ان غياب المعارضة البرلمانية الجادة وانكفاء وضعف القوى السياسية غير المشاركة في البرلمان وعزوف الوسائل الاعلامية المتواجدة عن تغطية نشاطاتها وفعالياتها ، قد يكون السبب الحقيقي وراء تردي الاداء الاعلامي في تغطية الاحداث ومعاناة المواطن بموضوعية؛ وانحيازه الواضح لتجميل صورة الاوضاع والقفز فوق الحقائق والتغاضي عن تلك المعاناة في مجال غياب الخدمات وتعثرها؛ وملفات الفساد واخطاء الوزارات وتقصيرها الواضح في اداء مهامها .. او اتجاه وسائل اعلامية اخرى الى خلق المبررات غير الموضوعية وتناول القضايا بصورة بعيدة عن العلمية والخلق والمهنية في التعاطي مع القضايا السياسية والعامة ما يخفي وراءه معاداة حقيقية للعملية السياسية وللمصلحة الوطنية العليا ، وبالتالي سقوط هذه الوسائل امام جمهورها وابتعادها عن اهدافها في مقابل بقاء وسيادة اتجاه اعلامي؛ يجامل السياسة الرسمية ويتقرب اليها ويتجنب مقاطعتها بحثا عن المزايا والمغريات؛ ووسط احتكار واضح لا تخطأه عين المتتبع او المتلقي على حد سواء .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك