المقالات

"خصومات سياسية ودينية بلا شرف"

1137 09:50:00 2012-01-16

صالح المحنه

كل قوانين البشرية الوضعية والسماوية تكاد تتفق على عدم قتل الطفل و المرأة و الكاهن ،بل تستثني كل من تجنّب الخصومة او القتال، فلا يعتبر من اهدافها، وكان هذا من شيم العرب في الجاهلية قبل الاسلام ، ولما جاء الأسلام عزّزَ هذا العرف البشري ،ورسّخ مفاهيمه لدى المسلمين ،وأكد على تهذيب تلك المفاهيم، وزرع فيهم القيم التي تحرّم عليهم محاربة وقتل النساء والأطفال والأوجراء والمعتزلين القتال ، وأن لايؤآخذ الولد بجريرة ابيه ولا الأخ بجرم أخيه ،كما في قوله تعالى( ولاتزر وازرة وزر أخرى) وفي كثير من المواقف جعل الله تعالى العفو والصفح سمة نبيلة للعربي وللمسلم بشكل خاص(وإن تعفوا وتصفحوا خير لكم ) والآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة كثيرة في هذه الخصوص ، وكلها تدعو الأنسان الى التحلي بالمروءة والشهامة وعزة النفس والخلق الرفيع عندما يقابل عدوه ، ويتخاصم مع من كانت له خصومة معه في أمر ما، وهكذا كان شأن القادة في صدر الأسلام الملتزمين بنهجه القويم ، كعليٌّ بن ابي طالب عليه السلام الذي كان يُلزم اصحابه وجيشه بأرفع الأخلاق التي ترضي الله سبحانه ، في مجابهة الأعداء فكان يقول لهم ويوصهم: «أيها الناس لاتقتلوا مدبراً ولاتجهزوا على جريح ولا تقتلوا الصغير بذنب الكبير ،ولاتكشفوا عورةً، ولاتقطعوا شجرا ولاتقتلوا النساء، بهذه الروح الأنسانية بدأ الأسلام الذي أسسه محمد عليه الصلاة والسلام، ولقد كان العرب قبل الأسلام يسيرون على مناهج متعددة تحكمهم التقاليد الجاهلية والأعراف العشائرية ،بعضها حاربها القرآن، والبعض الآخر الذي فيه مروءة وشهامة رسخها وعمّقها في سلوكهم، أما بعد الأسلام وبعد رحيل الرسول ص ،إنبثق نهجان متناقضان يسيران بخطين متوازيين بعنوان إسلامي واحد ، أحدهما تمسّك بتعاليم الدين الحنيف الذي أراده الله ورسوله أن يسود وينظّم حياة المسلمين وعلاقاتهم بالآخرين وهو الخط المحارَب الى يومنا هذا، والخط الآخر وهو بعنوان إسلامي ايضا قد أتخذ من الأسلام وسيلة للتسلّط على الناس ، وأكتساب المغانم والأستئثار بالسلطة، وخرج من رحم هذا النهج فئةٌ ضالةٌ حرّفت آيات الله ونهج رسوله، أوّلت الحديث فكونت عقيدة فاسدة تأمر بقتل من خالف نهجها المنحرف وفكرها الأجرامي ،عقيدةٌ لاتمت للأسلام والأنسان والحيوان بصلة لامن قريب ولامن بعيد، حتى إنتهت الى مدرسة محمد بن عبد الوهاب الأرهابية التي تقتاة على فكر ابن تيمية ، وهو فكر لايؤمن بأنسانية محمد ص ولا بأهدافه وسبب بعثته (وماارسلناك الا رحمة للعالمين ) بل حول هذه الرحمة الى نقمة على العالمين،وأساؤا الى تلك الروح السامية والخلق الرفيع الذي تحلى به رسول الله والتابعين له بأحسان ،هذه المدرسة المنحرفة خرّجت رجال دين ماكرين مجرمين تصدوا للأفتاء والدعوة ، جعلوا من انفسهم كيانات مقدسة تحيي وتميت ، تكفّر من تشاء ، وتظلل من تشاء، وتمنح صك الدخول الى الجنة الى من تشاء ، فحولوا الروح الأسلامية السمحاء الى شرر يتطاير من أفواههم ، ليحرق الأخضر واليابس ويقتل الصغير قبل الكبير،في كل يوم يطلقون الفتاوى التي لاتبقي ولاتذر، لقتل أناس لاذنب لهم سوى أنهم يختلفون معهم في العقيدة ، ويخالفون نهجهم المنحرف،هؤلاء بأسم الأسلام أفسدوا الأسلام والأرض والأنسان،لأنهم جانبوا الشرف والمروءة والكرامة، وامتهنوا ممارسة قتل الأبرياء باسم الدين،فراحوا يصدّرون خنازيرهم المفخخة الى قتل الأبرياء وتخريب الجمال ،وكثير عليهم تشبيههم بالخنازير ، بل هم أقذر من فضلاتها، هؤلاء هم الخصوم الطائفيون الذين أذهب الله عنهم الشرف والحكمة والحلم وتركهم في رجسهم يعمهون ،أما الخصوم السياسيون فبعضهم لايقل قذارة وخسة عن مؤسسة التكفير الوهابية النجسة، فلايروْنَ إلا مصالحهم وأهوائهم الرخيصة مثلهم، فعندما يتخاصمون مع بعضهم يلجؤون الى قتل الفقراء والعزل من العمال وطلاب المدارس وحرق الأسواق والمحلات ،يفخخون السيارات ويفجرونها من بعيد، أو يزرعون العبوات الناسفة ويهربون،أو القصف من أماكن بعيدة وآمنة بالنسبة لهم، ولايعنيهم من يُقتل فقط إغاضة الخصم ومحاولة تسقيطه،لأنهم عديموا الشرف بل هم من سقط المتاع قد تربوا في احضان الساقطات،بهذه الطريقة الدونية وبهذه النفسيات والعقول المجرمة والبشعة تُدار الخصومات الطائفية والسياسية في بلدنا،والشعب المسكين بل الطائفة المسكينة هي التي اصبحت في مرمى هؤلاء المتخاصمين غير الشرفاء، وهي هدف سهل ورخيص في متناول مؤسسة الأفتاء التكفيري الذي ترعاه علنا مملكتهم السعودية،ولكن هل يبقى الأمرُ كما هو عليه؟ والى متى يستمر هؤلاء المجرمون في غيهم وتماديهم على دماء الأبرياء ؟ ومن هو المسؤول الذي نتوجه له بتساؤلنا؟ طبعا كل شريف وكل صاحب ضمير نقي وحي يتحمّل جزء من المسؤولية على قدر إستطاعته،وكما قال رسول الانسانية ص ( من رأى منكم منكرا فاليغيره بيده فأن لم يستطع بلسانه فأن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الأيمان)،ولكن المسؤولية الحقيقية والمباشرة تقع على الحكومة العراقية والمرجعية الدينية،فهما لهما المقدرة على مخاطبة المجتمع الدولي ورفع شكوى ضد المدرسة التكفيرية المصدرة للارهاب والتي ترعاها مملكة السعودية ، وأمور اخرى يجب أتخاذها من قبل الحكومة العراقية لحماية مواطنيها.فالدولة التي تمتلك ميزانيةً ضخمةً كميزانية العراق ، لاينبغي لها أن تعجز عن حماية ابناءها، وحتى لو أستأجرت شركات أمنية متمرسة في مكافحة شياطين التكفير. بل أستعينوا بشياطين الارض لتحموا ابنائكم، وبالاموال سوف تأتيكم طائعة..واْتركوا الهاشمي والمطلك للقضاء..

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك