المقالات

مابعد الانسحاب ...

570 18:42:00 2011-12-31

عادل الجبوري

ربما مثلت الاحتفالات الجماهيرية في عدد من المدن العراقية بمناسبة انسحاب القوات الاميركية الحدث الابرز الذي اسدل الستار على مسيرة عام 2011 في العراق.. وطيلة هذا العام كان موضوع الانسحاب حاضرا بقوة على الصعيدين السياسي والشعبي، وداخلا في كل التفاعلات السياسية في المشهد العراقي العام، وهذا يعني انه كان العلامة الفارقة لمسيرة عام 2011.وموضوع الانسحاب انطوى على ابعاد اقليمية ودولية الى جانب البعد المحلي-العراقي، وبدا في معظم الوقت انه يمثل -او يتحكم ببوصلة المواقف والتوجهات حيال مختلف الاحداث والوقائع السياسية والامنية في البلاد، وتعابير مثل عام الانسحاب ، وعام الاستقلال ، وعام السيادة شغلت حيزا غير قليل في وسائل الاعلام العراق-فضلا عن العربية والاجنبية-والخطاب السياسي العراقي.وارتباطا بذلك فأنه يمكن القول ان موضوع الانسحاب قد القى بظلاله على ايقاعات الحدث العراقي منذ الايام الاولى لعام 2011، فالحكومة العراقية الرابعة التي اعلن عن تشكيلها في الاسبوع الاخير من عام 2010 برئاسة نوري المالكي ، كان واحدا من ابرز مهمامها هو انجاز عملية استعادة السيادة الوطنية بالكامل عبر تهيئة الاجواء والارضيات المناسبة لانهاء الوجود الاجنبي في البلاد استنادا الى الاتفاقية الامنية المبرمة بين بغداد وواشنطن في اواخر عام 2008 والتي نصت على أنسحاب كامل القوات الاميركية من العراق خلال فترة اقصاها الحادي والثلاثين من شهر كانون الاول-ديسمبر 2011.وفي ذات الوقت الذي كان هناك تيارا شعبيا وسياسيا له ثقله وتأثيره وحضوره يدعم ويساند بقوة انهاء الاحتلال، كان هناك توجها اخرا يعمل على ابقائه ارتباطا بحسابات واجندات سياسية خاصة، وبتأثير قوى اقليمية ودولية من بينها-او ابرزها-الولايات المتحدة الاميركية، ولعل الجولات المكوكية التي قام بها عدد من كبار المسؤولين في الادارة الاميركية الى العراق وبعض دول المنطقة، وفي مقدمتهم نائب الرئيس جوزيف بايدن، ووزير الدفاع السابق روبرت غيتس وخلفه ليونيل بانيتا، ووزيرة الخارجية هيلاري كلنتون، تمحورت حول هدف رئيسي تمثل ببلورة توجه لتمديد بقاء القوات الاميركية في العراق تحت اي عنوان من العناوين او مسمى من المسميات. ولعل الولايات المتحدة حاولت استغلال وتوظيف بعض الظروف والادوات لفرض امر واقع على العراقيين ومن يعنيهم الامر، للبقاء فترة اطول، ومن هذه الظروف والادوات، ثورات الربيع العربي، وبعض المشاكل والازمات بين العراق وجيرانه كالكويت وايران وتركيا، وهي مشاكل وازمات ترتبط بوجود بعض القوى المعارضة على الاراضي العراقية، كما هو الحال مع حزب العمال الكردستاني التركي(PKK)، وحركة (بيجاك)، ومنظمة (خلق) الايرانيتين، وملفات المياه والحدود، ناهيك عن ازمة ميناء مبارك الكبير مع الكويت، والديون والتعويضات والحقول النفطية المشتركة، اضف الى ذلك فأن اخراج العراق من الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة مع ضمان عدم فقدانه لامواله المودعة في صندوق تنمية العراق بالولايات المتحدة الاميركية كان بمثابة ورقة ضغط تلوح بها واشنطن لبغداد متى ما قدرت ان ذلك ضروريا وملحا، واكثر من ذلك فأن معلومات تسربت من هنا وهناك عن تحرك اميركي لاستخدام ورقة تنظيم القاعدة للضغط على الحكومة العراقية لارغامها على ابداء مرونة في المفاوضات لتمديد بقاء جزء من القوات الاميركية في العراق بعد عام 2011. واليوم، ومع انسحاب القوات الاميركية -وان كانت هناك مظاهر اخرى للوجود الاميركي في العراق الى جانب وجود عسكري كبير قريبا منه في دول الخليج وتركيا-لايجادل احد في حقيقة ان واشنطن طوت صفحة وجودها العسكري مرغمة لامختارة، وهذا بحد ذاته يعني ان خيارات التدخل بأوجه وصور مختلفة -غير عسكرية-تبقى قائمة، لاسيما وان الاوضاع السياسية والامنية العراقية تمتاز بكثير من القلق والارتباك والانفتاح على مختلف الخيارات والاحتمالات، وما ازمة نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي الا اشارة بسيطة واولية على خطورة وحساسية الملفات التي ستواجه الساسة العراقيون بعد مرحلة الانسحاب الاميركي.من يدري ربما تدخل واشنطن على الخط من خلف الستار لتفتح ملفات وتفتعل ازمات وتحرض هذا الطرف على ذاك، لتمهد ارضيات مناسبة للتدخل والحضور والتأثير والتوجيه، وهذا ماينبغي الالتفات والتنبه اليه، وفعلا فأن بعض الزعامات السياسية والدينية قد اشارت في الاونة الاخيرة ضمنا او صراحة الى هذا الامر. والتنبيه الى حقيقة ان مرحلة مابعد الانسحاب الاميركي-العسكري من العراقي فيها استحقاقات كبيرة، وتنطوي على مخاطر وتحديات جدية، لاينفي ولايلغي ولايقلل من اهمية ماحققه العراقيون بأرغامهم قوات الاحتلال على ترك بلادهم، وما كان ذلك ليتحقق لولا وجود ارادة قوية وصلبة وحقيقية لتغييرالواقع الذي اوجدته الولايات المتحدة الاميركية في العراق.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
الدكتور شريف العراقي
2012-01-01
تشكيل قوى رادعة ضد الانقلابيين
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك