جواد العطار
جاء اعلان رئيس الجمهورية جلال طالباني دعوة القوى السياسية للاجتماع؛ على طاولة حوار واحدة؛ مبادرة بناءة .. في جانبين :الاول : توقيت الدعوة المتزامن مع تحدي الانسحاب الامريكي الذي يمر بالعراق بعد عدة اسابيع .الثاني : نوعية الدعوة الموجهة الى كافة القوى السياسية المؤمنة بالعملية الديمقراطية ، سواء الممثلة بالحكومة والبرلمان او من غير الممثلة . واذا كان الجانب الاول طبيعي يستوجب الاجتماع والبحث الجدي؛ من قبل الجميع؛ في مناقشات وترتيب اوضاع البلاد .. ما بعد الانسحاب ؟ ، فان الجانب الثاني من الدعوة كان غير طبيعي بالمرة .. لانه انتصف للقوى السياسية الاخرى المتواجدة في الساحة والعاملة؛ جنبا الى جنب؛ مع القوى الممثلة في البرلمان ان لم تكن بعضها اكثر نشاطا وحضورا لكنها لم تاخذ او تمارس الدور المطلوب رغم انها جزءا لا يتجزأ من العملية السياسية والديمقراطية .. فلم تنل طوال الفترة الماضية سوى التهميش في كل القضايا حتى المصيرية منها ، وهي التي يفترض ان تلعب ادوارا ايجابية في الرقابة المحايدة على الاداء السياسي والتشريعي او على الاقل دورا استشاريا ، لذا فان دعوة رئيس الجمهورية لهذه القوى يعد فتحا في الممارسة السياسية ينبغي تأصيله حتى يصبح واقعا جديرا بالتقليد والمداومة والاستمرارية ، على الاقل في المراحل المصيرية والمفصلية الحالية والمقبلة .. لان في الدعوة تعزيزا للديمقراطية وترسيخا لآلياتها ، هذا من جانب . من جانب آخر يطالعنا سؤال .. ماذا ستبحث القوى السياسية في هذا الاجتماع ؟ من الطبيعي ان تقييم اي مؤتمر او اجتماع هو معيار الطروحات الجديدة؛ التي يقدمها المؤتمرون؛ وقدرتها على خلق اجواءا بناءة للحوار تؤدي الى نتائج ايجابية مغايرة تماما لما آلت اليه الاجتماعات السابقة ، والا اذا بحثت نفس المواضيع والقضايا السابقة وبذات الروحية والرأي؛ بدون تنازل او سعي جدي للمبادرة التي تسحب الآخر من تشدده وتدفعه عن قناعة ورضا تام للتفاهم على اسس مغايرة للتي يقف عليها ويدافع عنها ويعتبرها مشروعه؛ فهو ضرب من اضاعة الوقت والجهد والامل المعقود من قبل المواطن ونظرته الى القيادات السياسية والمبادرات او الدعوات القادمة .. اذن نحن بحاجة من هذا الاجتماع الى مبادرة الكبار .. مبادرة القيادة .. مبادرة القرار الجريء والحازم الذي يخرجنا من عنق الازمة الخانق الى انفراجها الدائم . فما هو سبيل الخروج من الازمة ؟ هل في اتفاق المجتمعين على المشتركات ام في البحث عن تفسير يرضي المتخاصمين حول مفهوم المشاركة والشراكة ام في مراجعة الاساسيات وترك الجزئيات .. ومن الاساسيات الجديرة بالبحث والاهتمام ، ان ما يؤلم العملية السياسية ويزيد من عرقلتها او يضع العصا في عجلتها الدائرة التي تسير بدون توقف؛ امرين :- انعدام الثقة بين المكونات السياسية ، والسياسية حصرا .- التهديدات والتحديات الخطيرة التي تواجه البلاد داخلية كانت ام خارجية ، وبشكل يسعى لسرقة المنجز السياسي والديمقراطي الذي حققناه احيانا او يحاول الالتفاف عليه احيانا اخرى . اما آن الآوان ليمارس كلا منا دوره الوطني .. بعيدا عن الطائفية والمصالح الفئوية والحزبية؛ في التعاطي مع الآخر والوقوف بوجه التحديات .. اما آن الآوان للبرلمان ان يعلم ان من واجبه العاجل اقرار قانون للاحزاب وآخر جديد للانتخابات ينظم الاول العمل السياسي خلال السنتين المقبلتين وينصف الثاني المشاركة الانتخابية القادمة ليعطي كل ذي حق حقه وفقا لعدد اوراق الاقتراع لا غيرها .. اما آن للقوى السياسية ان تتفق على التعديلات الدستورية وتقرها حتى يتسنى محاصرة تأويلات المتربصين والنزول عند اتفاق الشعب على سلطة الدستور الاعلى في البلاد ورجوعه اليه دون غيره في قضايا الفيدرالية والاقاليم . ان كل ذلك لن يتحقق لا في هذا الاجتماع ولا في غيره .. اذا لم يعرف السياسيين ان الفرقة وانهيار الثقة بين المكونات السياسية داء علاجه المصارحة والمكاشفة داخل اروقة الاجتماع وامام وسائل الاعلام؛ ليس لانه اجتماع الفرصة الاخيرة ؛ بل لان غيابهما اس البلاء واستمرارا للازمة الخانقة وتجديدا لاوجه الاختلاف .
https://telegram.me/buratha