بقلم : رياض البغدادي
نعم العراق حسيني ومن أبى هذا فليبحث له عن عراق آخر ، هذا هو العراق الذي ورثناه عن آباءنا وأجدادنا الذين عاشوا على هذه التربة الطيبة منذ اليوم الأول الذي نزل فيه الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام على ارض الكوفة وهو اليوم الذي جعل من هذه المدينة عاصمة للبلاد الإسلامية التي كانت تمتد حينها من مصر في شمال أفريقيا إلى بلاد خراسان من جهة الشرق .لسنا ممن يفرض أمرا واقعا أو ممن يحاول أن يصادر ما يفكر به الآخرين ولسنا طلاب سلطة أو قرار ولا نريد إن نصدر الأفكار الإرهابية وكل ما نريده هو أن يقر الجميع بحقيقة الواقع العراقي وطبيعة مجتمعه الذي حمل الثورة الحسينية في فكره ووجدانه ... فالحسين حاضرا في أعراس العراقيين وفي كل أفراحهم فكربلاء قبلة العروس لتقضي بين عرصاتها شهر العسل الذي لن تنسى أيامه أبدا ...وكربلاء هي ما يختاره الشباب ليقضوا فيه أعيادهم ومناسباتهم الجميلة ... كربلاء هي الأرض التي تمر فيها كل جنائز العراقيين لتلقي السلام على مشرفيها قبل أن توارى الثرى في الغري الطاهرة ... كربلاء قبلة كل الأحرار وشرارة كل الثورات والانتفاضات العراقية التي تفجرت على مدى التأريخ بل تعدى تأثير الحس الكربلائي حدود العراق ليكون المحفز الرئيسي للثورات الشعبية في كثير من البلدان الإسلامية .يعيش في العراق وبين جنبات المسلمين العراقيين الصابئة المندائيين الذين يعتبرون أقدم طائفة دينية تعيش في بلاد مابين النهرين وهم كما هو حال العراقيين كلهم حملوا الفكر الحسيني وتواصلوا مع حركة الثورة التي أطلقها الحسين بن علي عليهما السلام وتشير المصادر التاريخية بأن علاقة الصابئة بالحسين لم تكن وليدة اليوم بل كان لأجدادهم حضور في ثورة المختار الثقفي الذي تعتبر ثورته أول حركة جماهيرية انطلقت على هديّ ثورة الحسين ع .ويعيش في العراق طائفة كبيرة من المسيح الذين يدينون لله بالديانة النصرانية وقد انتشر تواجدهم من البصرة جنوبا إلى زاخو في اقصى الشمال العراقي وكان لحضور هذه الطائفة الكبيرة في المراسيم العزائية التي يقيمها العراقيون للإمام الحسين ع مما لا يمكن نكرانه والتغافل عنه وقد سجل لنا المؤرخون عن حقيقة تواجد هذه الطائفة ممثلة بجون النصراني الذي اختلطت دماءه الطاهرة مع دماء الحسين وآل بيته الأطهار في طف كربلاء المقدس عندما اختار الصحابي جون طريق الحسين إعلاء لكلمة الحق التي أطلقها سيد الأحرار في وجه طغاة بني أمية ، هذه الكلمة الطيبة التي يعتز المسيحيون اليوم بأن يكونوا جزء من المجتمع العراقي الذي يفخر بالانتصار لها والإصرار على أحيائها كل عام ، ولم يكتفي الحسينيون من المسيح والصابئة بمجرد الانضمام إلى مواكب المعزين بل أنهم أسسوا مواكب للعزاء خاصة بهم تنطلق مراسيمها أسوة بمراسيم العزاء للمواكب الحسينية الإسلامية .ولا يمكننا التغافل عن الشريحة الكبيرة التي تعتبر الجزء المكمل لجناحي العراق الإسلاميين واعني أتباع المذاهب الأربعة المالكية والحنفية والشافعية وكذلك الحنبلية الذين لم يكونوا يوما من الأيام ببعيدين عن مراسم عزاء الحسين والبكاء على الحسين ، فلا يمكن لزائر بغداد أن يميز بين أحياء الشيعة والأحياء التي يقطنها السنة أيام شهر محرم الحرام فكل بغداد تتوشح بالسواد وكل بيوتاتها ترفع رايات الحسين معلنة الانتصار له والاستجابة لكلمة الحق التي أطلقها ولصرخة الثورة التي أصبحت شعار كل الثوار في العالم.ليجرب زائر العراق أن ينتقل إلى مدينة السليمانية أو اربيل في ثلث العراق الأشم ليرى بأم عينيه كيف هو تفاعل الكرد مع الثورة الحسينية وكيف أن للحسين مواقع لعزاءه فوق جبال كردستان التي لم تغب عنها مراسيم العزاء عندما منعت في مدن العراق الأخرى أيام الظلم ألبعثي ونظامه الدموي ... فالكرد كما كل العراق يعيشون أحزان عاشوراء ويفخرون بالانتصار للحسين وثورته الخالدة .أليس الكرد والمسيح والصابئة والسنة والشيعة هم ألوان الطيف العراقي الجميل ...؟أليس هؤلاء هم ملامح وجه العراق ...؟فإذا كانوا جميعا يحملون مشعل الانتصار للحسين والاستجابة إلى صرخته العظيمة وهم جميعا يشتركون بإقامة مراسيم العزاء له عليه السلام في كل عام ... إذن فليذهب الرافض لهذا العزاء إلى الجحيم واليبحث له عن بلد آخر ... فعراقنا حسيني ولا يمكن أن يكون شيئا آخر .من هنا أطالب الحكومة العراقية أن تنكس أعلام الحزن رسميا في العراق من الأول من محرم الحرام إلى العشرين من صفر من كل عام لتكون كل مؤسسات الدولة ملزمة بالتأدب بآداب العزاء للحسين ع بما فيها المؤسسات الإعلامية والقنوات الفضائية عسى أن يكون ذلك رادعا قانونيا لقناة السومرية وغيرها من الفضائيات التي تتعمد استفزاز العراقيين بإقدامها على بث الغناء وأهازيج الفرح في يوم عاشوراء بالرغم من أن العراقيين جميعا يمتنعون عن إظهار مراسيم الفرح في هذا الشهر الحزين ، فلا نحسب لهذا التصرف المؤلم الذي أقدمت عليه قناة السومرية إلا نابعا من نفس المعين الأموي التي دعا المجرم المقبور عدي صدام بتنظيم حفلات الأعراس في يوم عاشوراء إمعانا منه في إذلال الشعب العراقي والتجاوز على ثوابته الدينية والفكرية .ارجوا من الإخوة الإعلاميين وكافة المؤسسات الإعلامية المرئية والمقروءة أن تتضامن مع هذا المطلب الجماهيري الذي حتما سيكون سببا لتوحد العراقيين جميعا تحت لواء الثورة الحسينية الخالدة .
https://telegram.me/buratha