نعيم الهاشمي الخفاجي ||
يوميا نقرأ ونشاهد تصريحات للمسؤولين في دول الخليج في محاربة التطرف ودعم الخطاب المعتدل، والعمل على التجديد والعدالة والإصلاح، لكن هناك حقيقة لايمكن إنجاح الإصلاح، بدون تبني السلطات الحاكمة وهي صاحبة القرار مشروع الإصلاح ونشر ثقافة الاعتدال، فكيف يتم الإصلاح بدون تنقية منهاج الدراسة من المواضيع التكفيرية من منهاج الدراسة في المدارس والمعاهد والجامعات المدنية والدينية والعسكرية.
شاهدت مقطع فيديو لمدرسة سعودية تدرس طلاب المرحلة الابتدائية، وكان الموضوع عن سقوط الدولة الأموية، قرأت للطلاب موضوع أسباب سقوط الدولة الأموية، مقتل الحسين، وثورة المختار وكثرة الفتن، التفتت للطلاب وقالت لهم سجلوا النقاط التالية وتكون اجابتكم عليها عندما يأتيكم سؤال في الامتحان، السبب الأول خروج الحسين على مين، على الخليفة الأموي يزيد، خروج المختار والشيعة والخوارج هم من أسقطوا الدولة الأموية، يعني الأمام الحسين ع خارج على خليفة شارب الخمر وفاسق وظالم، حكم ثلاث سنوات، السنة الأولى قتل الإمام الحسين ع وسبى بنات رسول الله ص، وفي السنة الثانية استباح المدينة المنورة في واقعة الحرة قتل بها ثلاث آلاف صحابي واغتصبت عشرة آلاف امرأة من نساء المدينة المنورة، وفي السنة الثالثة حرق الكعبة وقتل عبدالله بن الزبير وهو بالكعبة.
المطلوب من حكومات الخليج وبشكل خاص حكومة المملكة السعودية العمل على تنقية مناهج التدريس بشكل جاد، الخطاب بالإعلام حول الإصلاح مختصر على دعم حفلات الغناء وشرب الخمور، الحفلات لايمكن أن تجلب الاعتدال، بل يزيد التطرف والكراهية، عملية الإصلاح الحقيقي تحتاج تعليم وبرامج مدروسة وهادفة وجادة، في إزالة أفكار الكراهية من مناهج التدريس ومن وسائل الإعلام ومنع الخطباء وأئمة المساجد من التشجيع على الكراهية، بل يكون واجب الخطباء وائمة المساجد ينصب على نشر ثقافة التعايش السلمي والأخوة واحترام المواطنة والمساواة والعدالة الاجتماعية والإنسانية.
كل ماذكرناه هو الطريق الصائب والمحكم والصحيح للإصلاح والمساواة والعدالة، التعليم في المدارس بنشر ثقافة الاعتدال يفتح الأبواب والتعاون مع ابناء الطوائف المسلمة التي تعيش بالسعودية ودول الخليج مثل الشيعة والزيدية والاسماعيلية والاباظية، بل نشر ثقافة الاعتدال تفتح طرق التواصل مع ثقافات العالم الأخرى من أصحاب الديانات الاخرى.
الكثير من شعوب العالم المحترمة تركز على احترام حقوق الإنسان، كثير من جامعات العالم ترفض التعاون وتبادل المعلومات العلمية والمعرفية وتوأمة الجامعات مع جامعات دول تتبنى الفكر التكفيري والكراهية، في وسط العاصمة الدنماركية كوبنهاكن وعلى بوابة المحكمة العليا بالدنمارك مكتوب الكلمات التالية، بالقوانين والعدالة يبني الإنسان الوطن.
الامم المحترمة تصرف جزأ كبير من ميزانية الدولة إلى وزارة التربية والمؤسسات الخاصة في تطوير البحث العلمي، عندنا بالشرق الأوسط يسمونها في وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، بينما في دول أوروبا الغربية توجد مؤسسات تطوير مراكز مرتبطة في جامعات علمية في دعم طلاب الدراسات العليا والاستفادة من ابتكارات طلبة علوم الدراسات العليا، رأيت في الدنمارك وجود مؤسسات تقدم مساعدات بمبالغ كبيرة جدا لطلاب الدراسات العليا في مجالات الهندسة والطب، وجدت أثرياء دنماركيين قبل وفاتهم كتبوا وصية التبرع في نصف أموالهم لطلاب الدراسات العليا للطلبة الدنماركيين وأعداد هؤلاء المتبرعين ليسوا قلائل بل اعدادهم كثيرة، مضاف للدعم الحكومي.
لذلك التعليم هو السبيل لتغيير وتحديث القيم الإنسانية، وزيادة المعرفة والنبوغ العلمي، للاسف معنا بعض الكتاب من نفايات فلول البعث وهابي كتاباتهم كلها منصبة في تشويه سمعة الشيعة والكذب والافتراء عليهم، يشغلون الساحة بالصراعات الطائفية والقومية السقيمة، يفترض تتضافر جهود الكتاب وخاصة الكثير من الكتاب العراقيين لديهم تجارب عملية في عشرات الدول الاسيوية والأوروبية ولديهم إمكانيات ونظرة للمستقبل من خلال طرحهم مشاريع ومقترحات في مجال الصناعة والزراعة ورفاهية المواطنين بالعراق، الأموال التي صرفت وبددت بسبب سفالة فلول البعث وارهابهم والتفجيرات والقتل كانت كافية لجعل العراق يعيش شعبه في أفضل وضع اقتصادي بالعالم.
كل الأديان ترفض القتل، لايوجد خلاف مابين الأنبياء والرسل،كلهم يدعون إلى التسامح والتعاون والتعايش السلمي، الخلافات بين البشر، عندما يتم صناعة مجموعة من المتخلفين من قبل قوى استعمارية أصحاب تاريخ اسود في قتل شعوب أفريقيا وآسيا وإبادة الهنود الحمر ويتم تمكين مجاميع متخلفة تقوم في احتكار الدين الإسلامي وفق فهم وفقه متخلف بدوي تكفيري لايعرف سوى الاستنجاء بالحجر والاستمناء في البطيخة، مثل فتوى ابن القيم الجوزية في استعمال الاكرنبج.
قيم الإسلام السمحاء ضد منهج الاستعلاء أو تكفير أو الاستقواء على الآخر، أو يرفع حق المواطنة لصالح عقيدة بدوية متخلفة.
الكثير من التيارات التكفيرية خريجي كليات علمية رصينة تجد منهم الطبيب والمهندس والكثير منهم متعلمون حاصلون على الشهادات العليا، دكتور سعودي فجر شاحنة مفخخة على مركز الأبحاث العلمية في حلب، طبيب سعودي قتل في الموصل وهو يقاتل مع الدواعش في الموصل، هؤلاء الإرهابيين والذين هم فعلا أطباء ومهندسين أصحاب شهادات محترمة، أيمن الظواهري طبيب مدني كان حليق اللحية عندما درس الفكر الوهابي أصبح متوحش متعطش للدماء ، السبب كل مايدرس في الجامعات الخليجية والعربية ليس تعليم، وإنما تم تعليم الطلاب من الصغر على الكراهية والتكفير من خلال تلقينهم وتحفيظهم أحاديث تشجع على القتل وهذا الفهم التكفيري، لا يشجع ترسيخ القيم والعدل والمساواة، بل المناهج التعليمية وبشكل خاص الخليجية وتعليم حقبة نظام البعث المقبور تحمل بداخلها بذور الفرقة والانقسام والتكفير والإقصاء.
هناك الكثير من الكتاب الخليجيين يعرفون الحقيقة لكنهم يحملون رجال الدين بعدم الحديث عن الاعتدال والتنوير، الحقيقة هؤلاء رجال الدين ينفذون مايطلبه منهم الملك أو ولي عهده محمد بن سلمان، اذا أمرهم الكف عن التكفير باليوم الثاني تجد شيوخ الوهابية الكبار يذهبون لحسينيات ومساجد الشيعة للصلاة معهم، هذه هي الحقيقة التي يجب قولها، منطقتنا تعاني من صراعات مذهبية قديمة وليست وليدة اليوم، ومفتاح الحل بيد الحكام العرب، الملك الأردني عندما تكلم ضد الشيعة باليوم التالي الشرطة والجمارك وموظفي المطارات الاردنية قاموا في معاملة المسافرين العراقيين الشيعة معاملة قذرة.
نعيم عاتي الهاشمي الخفاجي
كاتب وصحفي عراقي مستقل.
31/8/2023
https://telegram.me/buratha