نعيم الهاشمي الخفاجي ||
تخيل أبنك يدرس في الصف الأول الثانوي وفجاءة تدخل عليه عصابة وتبرحة ضرباً في وسط المدرسة وأمام الطلاب وثم يتم أقتياد أبنك إلى جهه مجهوله وبعد عدة سنوات يأتيك أتصال بأن أبنك في السجن وبعدها بأيام ترى خبر في الإعلام بأن ابنك تم قطع رأسه بالسيف ، هذا ما حصل لمواطن سعودي شيعي في الأحساء بشرق السعودية، وليس من قصص خيالية.
في أقل من ٢٤ساعة نفذت السلطات السعودية جريمتين، استهدفت مواطنين سعوديين شيعة من أبناء منطقة الشرقية الأحساء، وكأن النظام السعودي الطائفي يقول لمواطنيه الشيعة لا أسمح للألم أن يهدأ ألمه، بل يسارع في زيادة آلام الناس من خلال إعدام المزيد من الضحايا الأبرياء، من يتحمل الألم، الذي به الألم بالدرجة الاولى، شاءت الظروف أن دول الاستعمار شنت الحرب العالمية الأولى ليس لتحرير العرب من سيطرة الأتراك، مثل ما خدعوا شريف مكة اللاشريف حسين، كان مخططهم دعم عبدالعزيز سعود والوهابية وتقسيم المنطقة العربية إلى ٢٢ دولة قابلة للانشطار، بسبب تقصد الاستعمار دمج مكونات وطوائف، غير متجانسة، مع بعض بدون إقرار دساتير حاكمة، وقامت دول الاستعمار بدعم عملائهم للتسلط على رقاب الشعوب العربية.
من قاوم الاستعمار بالحرب العالمية الأولى هم الشيعة بالعراق والخليج واليمن والشام، أكثر الناس تضررا، بسبب قيام دول الاستعمار بتقسيم المنطقة العربية، هم شيعة العراق والخليج، وأكثر الناس تضررا من الشيعة، هم شيعة الجزيرة العربية، كان ولازال الشيعة العرب السعوديين يسكنون شرق السعودية والتي كانت تعرف سابقا، في البحرين التي تضم شرق السعودية ودولة البحرين الحالية.
في يوم دخول عصابات ابن سعود إلى الطائف، المجرم ابن جلوي ال سعود دعى لصلاة جامعة، حظر الناس لسماع ما يريده هذا المجرم، قام في قطع رؤوس أكثر من خمسة آلاف ضحية في باب المسجد لكون الضحايا شيعة، تاريخ أسود ومظلم.
انا عشت بالسعودية اربع سنوات تنقلت بعدة سجون ومدن، رأيت العجب العجاب، دولة اعلامها الحكومي ومناهج الدراسة وخطباء المساجد ليل نهار تكفر الشيعة، وبعد تبادل الحديث مع سجانيين سعوديين منهم تعاطفوا معي بسبب الجانب العشائري، المعروف قبيلتي خفاجة قدمت للعراق من وادي الدواسر، وبقي الدواسر وهم فرع من قبيلة خفاجة ليومنا هذا في السعودية والكويت والإمارات وقطر والبحرين، كان بعض السجانين، يقولون لي الحكومة السعودية تحصر الشيعة في الشرقية هم يلفظوها في لهجتهم بالشركية، نظام آل سعود ليس جديد عليه الولوغ في إعدام الضحايا الشيعة وبدون ذنب إنما لاشباع نزعته العدوانية التكفيرية التي تعتبر قتل الشيعي من أعظم الأعمال التي تقرب الوهابي إلى الله عز وجل.
تم إعدام ثلاثة من أبناء بلدة أم الحمام، وبعدها في أقل من اربع وعشرين ساعة تم قطع رقبة شاب آخر، وكان الضحية الرابع ، معتقل رأي وهو الشهيد الشاب أحمد بن علي بن معتوق آل بدر، الأخير من أبناء جزيرة تاروت في القطيف، اعتقل عام ٢٠١٦أثناء مراجعته إحدى الدوائر الحكومية، حيث حكم عليه بالسجن ٢٥عاما ثم استبدل الحكم إلى الإعدام بتهم تعسفية متعلقة بالإرهاب دون أن دليل، التهمة التخابر مع دولة معادية، وهذا الأسلوب استنسخه ال سعود من محاكمة مرسي في مصر من قبل حكومة السيسي حيث وجهة تهمة التخابر مع دولة معادية والغاية سجنه، بل السلطات المصرية لايمكن مقارنتها بالنظام البدوي السعودي الوهابي المتخلف، مرسي سجن ومات بالسجن ولو بقي حي ليومنا هذا لاطلق سراحه الرئيس السيسي، تم توجيه التهمة إلى الشهيد احمد آل بدر وتم البناء ان الضحية كان ينوي في الالتحاق بأحد معسكرات تلك الدولة، والتدرب على الأسلحة والقنابل، والعودة للمملكة، تصوروا الضحية لم يذهب ولم يلتحق في معسكر تدريبي، كل هذا الاتهام بني على كذبة التخابر مع دولة معادية، وهي إيران، أتذكر بحقبة العبودية والاذلال التي عشناها في حقبة حكم صدام الجرذ الهالك، كنا في وحدة عسكرية، كان آمر الوحدة عقيد مصلاوي متكبر متغطرس دائما يعاقب الجنود، كنا في ساحة العرضات، تم تقديم الموجود إلى الآمر من قبل المساعد، وبدأ الآمر يفتش الجنود المصطفين وصل إلى جندي اسمه سالم حمد الله، سالم رأسا فتح فمه، قال له قشمر كيف تفتح فمك امامي، قال له سيدي انا حالق لحيتي وصابغ بسطالي وقيافتي نظيفة فما عندك حجة لمعاقبتي سوى أن تقول لي افتح فمك هاي ليش ما منظف اسنانك، الكل ضحك بما فيهم هذا آمر الوحدة المتخلف، واعطاه آمر الوحدة نفسه شهر اجازة.
قرأت بيان الداخلية السعودية، حول تنفيذ حكم القتل تعزيراً بالجاني / أحمد بن علي بن معتوق آل بدر بالمنطقة الشرقية، بعد أن ضم أكاذيب انه تم محاكمته بمحكمة وأحيل إلى التميز وحصلت موافقة ديوان المملكة في إعدامه، ليس جديدا على النظام السعودي قيامه في إعدام مواطنين سعوديين شيعة، شاب شيعي منشد القى قصيدة حسينية لقبه الغريب قصيدته (انا ظلمنا)، النتيجة تم قطع راسه، بدون أي ذنب لكونه
القى قصيدة حسينية ، شهداء بلدة العوامية هم كل من حسن عيسى آل مهنا، وحيدر حسن مويس، ومحمد إبراهيم مويس، أيضا التهم التخابر والذهاب إلى معسكرات وفي الحقيقة أنهم ذهبوا إلى زيارة الإمام علي بن موسى الرضا بوقت كانت علاقة السعودية مقطوعة مع إيران، لو الآن ذهب هؤلاء إلى مشهد لما تم إعدامهم، نظام بدوي قمعي متخلف.
منظمات حقوقية قالت أن هذه الإعدامات، تؤكد زيف الادعاءات السعودية الرسمية التي تكررها في المحافل الدولية، فيما يتعلق باقتصار العقوبة على الجرائم الأشد خطورة. ورأت المنظمات أن الإعدام الجماعي لثلاثة أفراد سوية، يثير مخاوف جدية على حياة المعتقلين المهددين، حيث تتابع المنظمة قضايا ٦٣معتقلا ٩بينهم قاصرين، هؤلاء كلهم مواطنين شيعة سعوديين غير مشمولين في قرارات العفو والمرحمة التي يطلقها الملك وولي عهده.
المعارض السعودي الدكتور فؤاد إبراهيم، كتب تغريدة في تويتر هذا نصها، سواء كان القتل داعشيًا بالأحزمة الناسفة في القديح والدمام وقبلها بالاسلحة في الدالوة او كان بسيف البغي السعودي فإن المنطلق الايديولوجي واحد، عشرات قضوا شهداء بحقد داعش وعشرات الشهداء قضوا بحقد ال سعود، المجرم يفلت من العقاب ولكن ليس الا ما لا نهاية، الاعدامات في مملكة الاجرام هي سياسية بامتياز وأن الهراء الذي يغطي بيانات الداخلية لا ينطلي على من يخبر اجرام هذا النظام..واستغلال الدين لا يزال قائمًا، الوهابية الدينية توقفت عن العمل ولكن الوهابية السياسية لا تزال تعمل وبأقصى طاقتها، اختطاف الدين واحتكاره جريمة سعودية قديمة لتبرير القتل والنهب والسلب، أن استهلال بيانات الداخلية بآية قرآنية هو عدوان على كتاب الله ولن تضفي مشروعية على الجريمة، أو تمنح النظام وصفة الشرعية الفاقد لها ابتداء وتأسيسًا.
إذا رأيت الظالم مستمراً في ظلمه فاعرف أن نهايته محتومة, وإذا رأيت المظلوم مستمراً في مقاومته فاعرف أن انتصاره محتوم، هذه المقولة الجميلة إلى الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام.
تنفيذ أحكام الإعدامات بحق المواطنين الابرياء بشرق السعودية لم ولن يبني مجدا إلى النظام في السعودية، وكان ولازال بإستطاعت النظام السعودي الكف عن قتل الابرياء والتفكير بشكل جدي في إعطاء المواطنين حرياتهم والعمل على المساواة والكف عن لغة القتل والاضطهاد، لأن أتباع أسلوب العدالة يكون عامل مهم لبقاء النظام لعقود وقرون من الزمان، ال سعود اصبحوا ملوك وهذا الأمر بات واقعي، لذلك عليهم تغير لغة التكفير والقتل وعليهم إعطاء الناس حقوقهم وليبقوا حكام وملوك.
عدموا الشيخ باقر النمر لأسباب مذهبية، وحياة نمر النمر بدأت بيوم اعدامه، كل عام يتم استذكار يوم جريمة ال سعود في إعدام الشيخ باقر النمر رحمه الله ويبقى في الذاكرة إلى يوم القيامة، ولو ترك ال سعود شيخ باقر النمر حي ربما مات في فيروس كورونا وانتهى أثره، لكن دائما الطغاة يساهمون مساهمة فعلية ورئيسية بصناعة رموز وطنية ودينية عندما يرتكبون حماقات اعدامهم، الشهيد الشاب أحمد ال بدر تم اعدامه ظلما، النتيجة هذا التصرف لم ولن يقهر ابناء الأحساء بل يزيد كراهية الناس إلى آل سعود، بكل الاحوال كل البشر لابد أن يموتون، لكن الطغاة عندما يعدمون الضحايا فهم يشاركون في صناعة رموز وطنية تبقى بالذاكرة البشرية، قيام السلطات السعودية في إعدام هؤلاء الضحايا الأبرياء هي محاولة حسب تفكيرهم البدوي لجس نبض إيران حول الردود حول تنفيذ هذه الجريمة النكراء، عقليات بدوية متخلفة للأسف.
كاتب وصحفي عراقي مستقل.
26/5/2023
ــــــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha