اعتمد المسؤولون السعوديون في تعليقاتهم على حادث التدافع المأساوي في منى، منطقا غير مستقيم، لا يقبله عقل ولا تفكير سليم، محملين الضحايا الحجاج مسؤولية موتهم بسبب "الجهل" بشعائر الحج وتدافعهم غیر المبرر، واضعين إي تقصير وإهمال في المسؤوليات على شمّاعة "القضاء والقدر"، دون ان تنتظر هذه السلطات حتی نتائج تحقیقاتها بالحادث.
وفي هذا الصدد، حمل وزير الصحة السعودي خالد الفالح مسؤولية حادث التدافع، الذي ادى إلى مقتل أكثر من 717 حاجا بالقرب من منى، إلى "عدم التزام بعض الحجاج بالتعليمات"، قائلا "لو التزم الكل بالتعليمات لما حصلت مثل هذه الحوادث"، دون ان يذكر حجم الاخطاء والسلبيات من الجهات المسؤولة عن الحجيج وسلامتهم؛ كما اشار الفالح إلى ان مختلف القطاعات التابعة لوزارته تتعامل مع الحدث بأفضل ما لديها"، معتبرا ان هذا الحادث مجرد "قضاء وقدر"، على حد تعبيره.
كما ان وزير الداخلية السعودي اللواء منصور التركي لم يوضح في مؤتمره الصحافي السبب الاساسي وراء ازدحام الحجاج المتجهين إلى رمي الجمرات عند شارع رقم "204" لدى تقاطعه مع الشارع رقم "223" بمنى، مكتفيا هو وملكه سلمان بن عبدالعزيز، بالدعوة إلى التحقيق في ملابسات حادث التدافع ورفع النتائج في أسرع وقت ممكن.
وتجدر الإشارة إلى ان التركي لم يعرض اي شريط مصور لاي من کامیرات المراقبة والسیطرة والاشراف التي تنقل كل حركة في المشاعر، فضلا عن حركة إقفال وفتح الطرق المؤدية إلى منى وسير الحجاج، كما لم يوضح كيف تعاملت قوات الأمن والطوارئ والقوات الخاصة لدى حدوث تراكم في منطقة التدافع.
إلا ان الهواتف الخليوية التي لم يعد بامکان السلطات السعودیة من مصادرتها من مئات الاف الحجاج، صورت ونشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، التقاء کتلتین بشریتین من الحجاج في نقطة واحدة وفي زمن واحد والذي ادى إلى هذا الازدحام والتدافع.
مصادر مختلفة أكدت أن طریقا أغلق "لأسباب مجهولة" بالقرب من مکان رمي جمرة العقبة في منی، هو الذی تسبب بهذا الحادث المأساوي، كما ان صحیفة "الدیار" اللبنانیة نقلت عن مصادرها الخاصة ان موکب ولي ولي العهد السعودی محمد بن سلمان الذي دخل منطقة منی، ادی إلى تغییر مسیر افواج الحجاج مما سبب التدافع ووقوع القتلی والجرحی بالالاف.
واضافت الصحیفة "من یتجرأ علی القول ان ولی ولی العهد کان فی الموکب الرسمی في طریقه إلى منی، بل ان کل المصادر السعودیة نفت وجود موکب رسمی"، وتساءلت "هل تستطیع السعودیة اخفاء شرائط الفیدیو بعد بضعة ایام عندما ستظهر فی الاعلام؟"
وما فضح الادارة السیئة لمراسم الحج، هو كذلك التعامل اللاانسانی، من قبل عمال الاغاثة والشرطة والامن السعودي، مع جثث الحجاج وجرحاهم، فالصور توضح ذلك جليا، دون اظهار اي مشاعر متعاطفة مع الضحایا، وکأنهم مضطرون لاداء هذا الدور وعلی مضض.
وقبل 13 يوما، لم يستطع نظام آل سعود القاء اللوم علی الحجاج كما فعل امس، ففي حادث سقوط الرافعة علی الحجاج ومقتل اکثر من 100 حاج في الحرم المکي، القت السلطات السعودية لومها على الریاح التی کانت تهب بسرعة وصلت على حد زعمهم إلى 130 کیلومترا/الساعة، بینما جمیع الادلة اکدت ان سرعة الریاح لم تصل حتی إلى 60 کیلومترا/الساعة، وليست كافية بإسقاط رافعة ثقيلة الوزن.
ان کارثة منی وغیرها من الکوارث، کشفت حقیقة باتت واضحة للجمیع ومفادها ان السلطات السعودیة ام تعد صالحة لادارة شؤون الحج، وهذا ما ذكره مسؤولو بعض الدول التی تربطها علاقة وثیقة مع السعودیة مثل اندونیسیا وترکیا، فقد دعا رئیس الشؤون الدینیة الترکیة محمد قورماز إلى عقد مؤتمر دولي لمناقشة تأمین شؤون الحج، وقال ان هناك مشکلة واضحة في هذا الشأن.
https://telegram.me/buratha