عبود مزهر الكرخي ||
و لنناقش ما جاء في النشيد الذي يحمل عنوان(سلام فرمانده)اي بالعربي (سلام أيها القائد)والمقصود هو الإمام الحجة المهدي(عجل الله فرجه الشريف).
ولو تتبعنا النشيد نجد أنه قد ذكر ثلاثة شخصيات ، وهي شخصيات كلها لا تدعوا إلى العنف والذبح والقتل ، بل هي شخصيات وطنية وتمثل شخصيات قومية لدى الشعب الإيراني وحتى هي شخصيات تاريخية تمثل قيم الحق والبطولة والتصدي للظالمين والطغاة ، وهي شخصيات تلتزم خط ديني مقاوم لكل مظاهر الظلم والطغيان ، وتتخذ من الدين الإسلامي لكل ما تقوم به منهاجاً ودليل عمل لها.
ولنتنبع سيرة هؤلاء الشخصيات التي وردت في النشيد لنثبت كلامنا وأنه كلام صحيح ولا يرقى إلى الشك واللبس في تحديد وتقصي هذه الشخصيات.
الشيخ محمّد تقي بن محمود بهجت فومني (1334 هـ - 1915 / 2009 - 1430 هـ)
هو فقيه ومرجع دين شيعي إيراني.
وهو عالم رباني قضى عمره في الدراسة والبحث والتحقيق ودرس على الاساتذة الكبار في الحوزة العلمية وكانت دراسته في النجف الأشرف ، ومن بين اساتذته السيد أبو القاسم الخوئي(قدس الله سره الشريف)وباقي اساتذة الحوزة الكبار في النجف الأشرف.
وهو عابد زاهد ولهذا يقال له عالم رباني لأنه منقطع لهذا الأمر ، وعندما تنظر إلى عبادته تراها عبادة أسطورية، وبعيدة عن التصديق، وهي كالعبادة التي تنقل عن الأولياء الماضين.. فهل تصدق بأنه يصلي صلاة الليل كل يوم بهدوء وتأن، ويقرأ كل يوم زيارة الجامعة الكبيرة، وزيارة عاشوراء الكاملة مع اللعن والسلام مائة مرة، ويقرأ دائماً دعاء الصباح، وزيارة سيدة نساء العالمين، والسيدة فاطمة المعصومة سلام الله عليها، ويصلي دائماً صلاة جعفر الطيار، ويسجد السجدات الطويلة دائماً، ويذكر الله –تعالى- في كل حين ومن دون انقطاع أبداً ولو للحظة واحدة، ويعبد الله كثيراً، ويقوم بعبادات لم نسمع بها أبداً، ويكفينا القول عنه: بأننا لا نعلم بأنه ملك أو إنسي؟!.. وَمَا شَهِدْنَا إِلاَّ بِمَا عَلِمْنَا!... وعندما تنظر إلى انشغاله بالتحقيق والتعليم ـ وهو لا يزال يدرس ويدرس وله من العمر ما يقارب التسعين عاماً ـ وكأن صحبته للكتاب والدفتر والتحقيق أصبحت جزءاً من شخصيته وسماته ، وربما أنه قام بمجاهدة نفسه وتنمية مواهبه في الصعيد الأخلاقي والعرفاني منذ سنوات المراهقة، فلهذا ينقل عنه حكايات عجيبة وغريبة عن اهتمامه بالكتب والكتابة من ذلك الحين. وكان الإمام يوصي جماعة المدرسين ليطلبوا منه أن يدرس الأخلاق، بل أرشد الإمام ذات مرة أعضاء مجلس الخبراء لينتفعوا من الشيخ بهجت في سلوك السبيل المعنوي، وعندما تبين البعض الهدوء الظاهري الذي كان الشيخ بهجت متصفاً به إزاء الأمور الاجتماعية والسياسية ـ وذلك قبل مرجعتيه ـ وذكروا ذلك للإمام الخميني، قال الإمام: يكفينا دعاء الشيخ بهجت. ومن حسن الحظ طبعت لحد الآن عدة كتب حول بيان حالات وكرامات، والتعاليم الأخلاقية والعرفانية والسياسية المرتبطة بشخصية آية الله الشيخ بهجت دام ظله، وقد احتوت بعض الكتب الأخرى أيضاً على بعض النكات المهمة جداً في هذا المجال..
فهو عالم ويمثل شخصية دينية ذات تقوى وورع لدى الشعب الإيراني وحتى على مستوى المذهب الشيعي فهو يمثل عالم وفقيه ديني قضى عمره في التدريس ، بدأ سماحة الشيخ بتدريس البحث الخارج في الفقه والأصول منذ قرابة ( 50 ) عاماً ، ويُعزى السبب في عدم اشتهاره كونه قد اعتاد التدريس في منزله (1).
وكان منقطعاَ لله سبحانه وتعالى والعبادة وذكر الله في جميع الأوقات والأحوال.
التقوى والورع
اهتم بتهذيب نفسه من الشيخ منذ نعومة أظفاره، فقد كان يولي تحصيل العلوم وتزكية النفس اهتماما بالغا يجعلك تشعر بأنه ليس له أي عمل آخر سوى الانشغال بهاذين الأمرين. فكان يصرّ دائماً على الجهد المتواصل والسلوك الشامل لتقوية بنية الإنسان الأخلاقية، والتي تمكنه من مواصلة الصراع والانتصار على الرذائل الأخلاقية، وتعينه في جهاده الأكبر ضد أهوائه ونفسانياته.
كما كان يؤمن دوماً بضرورة ملازمة العلم والأخلاق، ويحذر من خطورة افتراقهما، ويعتقد بأن الخسارة التي يمكن أن تنجم من العالم اللامهذّب والعلم اللامزكى هي أكبر وأكثر بكثير من أية خسارة أخرى.
فالشيخ إنسان مخلص ومشتاق، يحرص دائما على الاستفادة من جميع لحظات حياته في سبيل الله، ويسعى أن يكون دوما متصلا بالله سبحانه وتعالى، فهو ينظر إلى كل شيء وشخص بعين إلهية ربانية (2).
وله مواعظه وتوصياته في باب الأذكار والأوراد ، وكثيرة لا يحتمل المقال ذكرها.
ومن هنا نلاحظ أنه شخص عابد زاهد ومتواضع في كل حياته ولم نجد له أي ذكر أنه يدعو الى العنف او التطرف أو التعصب فكل هذه الأمور هو بعيد عنها و لا يتقرب إليها ، وغير موجودة في حياته ، وهي شخصية تستحق أن تتخذ قدوة في الدين والأخلاق والزهد ، وكل القيم الأخلاقية التي يتحلى بها وهي تمثل خلق المؤمن الحقيقي والمرآة العاكسة لها.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصادر :
1 ـ مأخوذة من(مقتطفات من سيرة العالم الرباني آية الله الشيخ محمد تقي بهجت ...)ومن عدة مواقع من الانترنت. مقتطفات من سيرة العالم الرباني آية الله الشيخ محمد تقي بهجت. المكتبة الشاملة.
2 ـ منقول من مجلة الوحدة الإسلامية. مقال بعنوان(العارف الكبير الشيخ محمد تقي بهجت كوكب تألق في قلوب المؤمنين). السنة الرابعة عشر ـ العدد 162 ـ (شعبان - رمضان 1436 هـ) حزيران ـ 2015 م). بقلم: غ. ع.
ـــــــــــ
https://telegram.me/buratha