د.مسعود ناجي إدريس ||
سؤال :ما هو اساس ترتيب السور؟.
جواب: ترتيب سور القرآن وآياته لم يكن حسب الزمن الذي نزلت فيه، وبيان ذلك فيما يلي :
1- أما ترتيب آيات القرآن الكريم فأمر توْقيفي، بمعنى أنه وصلنا كما رتَّبه رسول الله صلى الله عليه واله وسلم، بناءً على توجيه جبريل عليه السلام، وهذا أمْر مُجْمَع عليه لم يختلف فيه أحد من الأئمة، وحُكي الإجماع على ذلك عن جماعة منهم الزركشي في كتابه ” البُرهان ” وأبو جعفر في كتابه ” المناسبات ”.
2- وأما ترتيب سور القرآن الكريم ففيه ثلاثة آراء للعلماء :
أ ـ رأي يقول إنه توقيفي من عند رسول الله صلى الله عليه واله وسلم.
ب ـ ورأي يقول إنه باجتهاد الصحابة، حيث جعلوا السور الطوال في الأول، ثم المئين بعدها، وهي التي آياتها مائة أو تزيد، ثم المثاني بعدها، وهي التي أقل قليلاً من مائة آية، ثم بعدها المُفَصَّل وهو قصار السور، والمُفَصل نفسه منه طوال ومنه أوساط ومنه قِصار .
ودليل هذا الرأي أن مصاحف الصحابة كانت مختلفة في ترتيب السور قبل أن يُجْمع القرآن.
ج ـ ورأي ثالث يقول : إن بعض السور كان ترتيبها بتوقيف من النبي ـ صلى الله عليه واله وسلم ـ وبعضها الآخر كان باجتهاد الصحابة، وهو الذي مال إليه أكثر العلماء . وممَّا رَتَّبه الرسول بنفسه البقرة وآل عمران .
3 – لم يُرَتَّب القرآن في سوره وآياته حسب النزول؛ لأنه نزل مُفَرقًا ومنجمًا على مدى ثلاثة وعشرين عامًا، كما قدَّمنا، ينزل حسب الظروف والمقتضيات، ليبيَّن حُكم قضية، أو يجيب على سؤال، أو يوجه إلى سلوك رشيد أو غير ذلك . وقد تنزِل في ذلك سورة بأكملها، وقد تنزل آيات فقط من السورة الواحدة لموضوع معين، ثم تنزِل آيات لموضوع آخر، وقد تكون في السورة نفسه أو في سورٍ أخرى . ولما كان بين بعض الآيات والبعض الآخر تناسُب في حُكم من الأحكام أو في الحديث عن ظرفٍ معيَّن كان من تقدير الله ـ سبحانه ـ أن يضُم هذه الآيات المتناسبة بعضها إلى بعض، كما أن توْزيع بعض الآيات التي تتحدث عن قصة نبي من الأنبياء كموسى عليه السلام مثلاً وجعْلها متباعدة في السور له حكمة أيضًا، ليعطي فيه جرعة للنبي ـ صلى الله عليه واله وسلم ـ في الاقتداء والتأسي ليثبِّت فؤاده، أو يعْرِض عليه هذه القصة من زاوية معيَّنة تتناسب مع ظروف نزولها، فيُوضع هذا البعض من القصة مع حُكم شرعي، أو آيات يناسبها أن تقرن القصة بها، فيكون هناك توزيعٌ للقصة الواحدة يجعل بعض الذين لا يفهمون السر في ذلك يقولون : لماذا لم يجمع الله كل القصة في سورة واحدة مثلاً ؟ لكن ترتيب الله أحكم، فهو ليس ترتيبًا عشوائيًا، وإنما هو صُنْع الله الذي أتقن كل شيء .
ـــــــــــ
https://telegram.me/buratha