حسن المياح ||
وكيفية التعامل معه ومعها ...
《 الإمام الحسين عليه السلام النموذج الحر الواعي الثائر 》
-- الحلقة العاشرة --
عرض ومناقشة التفسيرات الجزئية للنهضة والثورة والتضحية الحسينية
نبدأها بإستهلال وتوضيحات وتفصيلات لما هو التفسير الجزئي ..
نقول عنها ، ونعينها ، ونحددها ، ونؤكد على تسميتها بأنها تفسيرات جزئية ، وليست تجزيئية ، لأنهم ( أي الكتاب والباحثين وما اليهم من المهتمين ) يؤكدون أن السبب هو واحد ، وهذا الواحد هو يتناول جانبآ واحدآ من عدة أسباب ، وهذه الأسباب هي ثانوية لما هو السبب الأساس الجوهري العميق الذي يؤديها ، ويجعلها بما لها من أهمية ، وكأنها هي السبب الأساس ، ولذلك نقول ، ونعبر بمصطلح * الجزئية * ، لأنها جزء من كل ، وليس هذا الجزء هو الكل ، وهم يصرون على هذا الجزء ، ويعتبرونه هو السبب الأساس الكل الجوهري الأعمق لما هي نهضة وثورة وتضحية الإمام الحسين عليه السلام . والتجزيئية هي غيرها الجزئية ، لأنها عامدة وقاصدة أن تتناول الجزء على أنه جزء ؛ وليس كل ، ولذلك هم يستهلكوه بحثآ وتحليلآ ومحاورة ومناقشة ، ليخرجوا بنتيجة يرتاحون اليها ، وهي المعوضتهم عن الجهد الفكري الذي بذلوه ، لتوصلهم الى ما هو مهم عندهم ، وما يرونه يستحق بلاء الجهد ، وعناء إنفاق وقت ، ولا يقولون ، ولا يعبرون عنه أنه هو الكل ..... ونموذج هذا التفسير التجزيئي هو تفسير آيات القرآن الكريم آية آية ، على أساس تناوله لكل آية بمفردها .
والبحث التاريخي الموضوعي السليم يرفض قطعآ ، ولا يقبل الجزئية بتاتآ ، في البحث عن دراسة الحادثة وأسبابها والنتائج التي تنتهي اليها ، وأنها تصوغ هذا البحث على أنه بحث * الكلية * ، أو ما ينوب عنها ، أو ما هو مماثلها ومشابهها سببآ ونتيجة ..... ولذلك ترى الإختلاف والتعدد والتنوع والتراشق والتضاد في البحث التاريخي للحادثة والحوادث عن أسبابها وما تؤول اليها من نتائج ... بسبب إعتمادها وإرتكازها والتصميم المؤكد المعاند على السبب الجزئي الثانوي بإعتباره هو السبب الأساس الجوهري الأعمق للحادثة ، والحوادث الأخرى .... بما هم ( أي الكتاب والباحثون وما اليهم ) عليه من إنطلاقات وإعتبارات جزئية في تناول الحادثة ( وهذا ما يخص ذات الباحث نفسه وميوله وعواطفه والمؤثرات التي تتملكه وتؤثر عليه ، وإنتماءاته ، وإرتياحاته ، وأريحيته ، وما يعجبه ويريده ، ونوعية مصادره وإطلاعاته المعرفية وقراءاته وتوجهاته ، ودرجة ثقافته ، ومقدار صبره في البحث ، وما الى ذلك من أسباب وعوامل ومؤثرات تضطره ، وتؤثر عليه ، وتميله ، الى أن يؤكد الجزء على أنه الكل ) ، والحوادث الأخرى ، والتي تهم ذات الباحث ..... ، والفكرة التي تشغل ذهنه وتملأ عقله وتقنع تفكيره ، وكل ما هو له علاقة بالحادثة ذاتها ، والحوادث الأخرى نفسها ...... فتراه يصر على الجزء الواحد في دراسته وتحليله ، ويقدمه على أنه التفسير الكل الأساس الذي يفسر سبب وقوع الحادثة ، وما آلت اليه من نتيجة ونتائج .... وعلى أساس إستنتاجه هو من السبب الجزئي ، وجعله السبب الأساس الجوهري الأعمق الكلي ، ويبدأ بناءاته عليه من رؤى وأفكار وأحكام فيما يحق لهذا السبب الجزئي الذي هو يستنتجه ، ويؤكد عليه على أنه هو السبب الأساس المقدم وحده ، وهل أنه يستحق هذه التضحية ، أو أنه لا يستحقها ، وأنها يجب أن تكون ، أو لا تكون ، ولا يحدث وقوعها ، ولا أقول غير هذا من الكلمات والعبارات والمصطلحات التي هم يتحدثون بها ، ويتعاملونها ..... وأن التضحية كانت أكبر وأكثر وأثرى وأغنى من السبب ، وهو لا يستحقها ، لأنها أكبر منه قيمة وأهمية وبقاء وجود ، لا ذهابه ، وفناءه ، وربما كما يقولون موته ويطلقون عليه《 الإنتحار ، أو إنتحاره 》..... وحاشا الإمام المعصوم الحسين عليه السلام من الإقدام على الإنتحار ، لأنه معصية عظمى وجرم أكبر ، يحاسب عليه الله سبحانه وتعالى بشديد عقابه ، ويرمي المنتحر في قاع سقر ، حيث جهنم لا تبقي ولا تذر . وكيف يكون هذا للإمام الحسين المعصوم عليه أفضل التحايا وأزكى السلام ، الذي هو وأخوه الأكبر منه سنآ الحسن الإمام المعصوم عليه مثل ما على أخيه الحسين من تحايا وسلام ، اللذين قال عنهما النبي الأكرم والرسول الأعظم محمد بن عبدالله صلى الله عليه وآله《 الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة 》..... فكيف يكون سيد شباب أهل الجنة في النار .. مالكم كيف تحكمون ..
والذي يتعلق ، ويعتقد ، ويؤكد ، ويصر ، ويركز ، ويعتمد ، السبب الجزئي الضعيف ؛ وربما يعاضده ويقويه ببعض سبب جزئي آخر مثله ، ويردفه إياه ، ضعفآ على ضعف ، ووهنآ على وهن ، لما هي النتائج التي تؤول اليها ، ولم تكن هي السبب الأساس الجوهري الأعمق الأوعى الأشمل ....
فإن هؤلاء هم حتمآ يستكثرون ، ويستكبرون ، ويستعظمون ، التضحية الحسينية العظمى والفداء الحسيني الأكبر ، لما هو سبب وأسباب أقل أهمية ، ويعتبرونهما تهورآ ، وسفاهة ، وقلة أناة تفكير ، وجهل عواقب ، وإنخفاض وعي ..... ، وأنها ثورة غضب أعصاب منفلتة ، سرعان ما تثور وتتملك السلطة المانعة والسلطان الحاجب المؤثر الفاعل على العقل أن يفكر ، وعلى الذهن أن ينفتح لما هو أرحب وأوسع وأصلح وأهم ...... وما الى ذلك من التخرصات والهوس ، والتقليعات والوهن ، الذي هم يريدون .... !!!
وما دروا ، أو أنهم نسوا ، أو تناسوا ، أن الإستدلال البرهاني الإستنباطي تكون النتيجة أصغرآ ، أو مساوية لما هي المقدمات ، وهم لم يعتمدوه أساسآ في بحوثهم وكتاباتهم ، على ما هو السبب أكبر أهمية ، وما هي النتيجة الأضعف والأقل ....... بينما في الإستدلال المنطقي الإستقرائي تكون النتيجة أكبر من المقدمات ، بالرغم مما هي المقدمات من أفراد قلائل ونماذج صغائر ، وعندما يكون الإعمام ( التعميم ) لما هو عليه من قفزة إستنتاج ، وطفرة إستيعاب وشمول وإستغراق ..... وطبعآ هذا يكون في الأشياء المتماثلة والمتساوية والمتشابهة ، جردآ وتتبعآ لما هي الأشياء والنماذج ، بينما في نهضة وثورة وتضحية الإمام الحسين لا يشملها هذا الإستقراء ، كما هي الحوادث الأخرى وإرهاصاتها ، والسبب في ذلك ، أن حادثة الطف في كربلاء ليست هي من مثل بقية الحوادث أهمية وقوع ، وشأن حدوث ؛ وإنما هي حادثة من نوع فارد متميز ، لا مشابهة لها في السبب المؤدي اليها والدافع لها ، ولا في النتائج المستخلصة منها ، لأنها حدث إلاهي سماوي عظيم مخطط له ، والله مريده لما هو عليه من أهمية سبب فخم عظيم كبير ، وهو رعاية تطبيق《 عقيدة لا إله إلا الله 》 ، وأن هذا الحادث الكبير العظيم الفخم الجليل لا بد له من تضحية كبيرة جسيمة ، ومن فداء عزيز كريم جليل ، يقاربان عظمة وجسامة السبب ، ويكونا النتيجة الملائمة له ، والمنسجمة معه ، وليس هناك من فداء وتضحية تقدم ، مثلما هي تضحية وفداء الإمام المعصوم الحسين بن علي بن أبي طالب ..... { وعلى سمو درجة ، وإرتفاع مرتبة ، وأهمية مقام السبب ..... تكون النتيجة } .....
وهؤلاء الكتاب وكل من بحث ودرس نهضة وثورة وتضحية الإمام الحسين عليه السلام ، فإنهم درسوها وفقآ لما هو * إستقراء * عادي طبيعي من حيث ما يتناوله من نماذج ووجودات قليلة وصغيرة كمقدمات ، وبقفزة واثبة ، وطفرة ناطة ، تؤدي ما هو عموم سبب كامل تام ، وشمولية أساس ، يفسر ما يطرح عليه من حوادث ..... ولم تتوسع عقولهم وتنفتح أذهانهم وتتوسع مداركهم ، ويتخذوا من الدليل المنطقي الإستقرائي مسلكآ لهم في دراسة النهضة والثورة والتضحية الحسينية ، وطريقآ لهم في الإستنتاج والخروج برؤية واضحة ، وموقف سليم ، ودرجة تفكير عالية مستوعبة ، ومرتبة تحليل شامل ، تساوي ، أو تضاهي النتيجة التي اليها [ عن《 التضحية 》] ، يريدون إن يتوصلون ..... بالرغم مما للتضحية الحسينية من مقام عظيم ، وما لها من مرتبة دوام خلود أثير كبير ، على ما هو الإمام الحسين عليه السلام من أهمية وجود معصوم هاد رحيم ، وأنه خط إمتداد إمامة تشريع وحكم ومرجعية تفكير وقدوة سلوك وأسوة خلق نبيلة مؤمنة زاكية سامية وسمت وقوام تعامل إنساني كريم .... ، تواصلآ كمال تمام لما هو خط نبوة مستقيم صاعد تتلقى الوحي السماوي الإلهي ، لتأسيس وتفعيل وتحقيق شمول حاكمية عقيدة 《 لا إله إلا الله 》 على من خلق ، ولما خلق ....... وهكذا كان هو الإمام المعصوم الحسين عليه السلام البقية القدوة لما هي الإمامة ، والأثر الأسوة لما هي النبوة ، والتضحية الفداء لما هي عقيدة 《 لا إله إلا الله 》 ...... فكانت النتيجة من جنس السبب مقامآ وقوامآ ، ودرجة ومرتبة ، وعلوآ وإرتفاعآ ، وعظمة وفخامة .....
فذكر إن نفعت الذكرى ..... وما يتذكر إلا أولو الألباب .......
وسنبدأ في دراسة التطبيق العملي لما هو التفسير الجزئي لحادثة الطف ، وتحليل نهضة وثورة وتضحية الإمام الحسين عليه السلام ، ومناقشته .... والله سبحانه وتعالى هو المعين والموفق .... وما توفيقي إلا بالله ، عليه أتوكل ، واليه أنيب .....
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
https://telegram.me/buratha