حسن المياح ||
وكيفية التعامل معه ومعها ...
《 الإمام الحسين عليه السلام النموذج الحر المؤمن الواعي الثائر 》
التضحية هي نوع تزاحم في وجوب تقديم الأهم على المهم، أو تفضيله ..... والواعي لمعنى ومغزى وفلسفة معطى التضحية بعمق وتفكير رسالي مؤمن كريم، فأنه يرى ويصر على وجوب تقديم الأهم على المهم، لأن الأهم يعني المهم بكل ما هو عليه، وزيادة نوعية وكمية.
والذي يؤثر الحياة الدنيا على أنها كمال السعادة، فهو لا يرى وجوب تقديم التضحية، وأنه لا يأنس، ولا يشتاق العيش الكريم فيها، لأنه يعتقدها هي نهاية حياته الدنيوية، وأنه سيفقد سعادتها وزينتها وزخرفها وما تقدمه من رغبات، وما تهيئه من شهوات مادية بحتة خالصة --- وهذه هي آيدلوجية، وعقيدة، ووعي، وفهم، البيت الأموي المنحرف عن خط إستقامة《عقيدة لا إله إلا الله》، كما هي في كل تفاصيلها وتشعباتها وتفرعاتها وإستغراقاتها الشاملة المستوعبة المودعة وجودآ حيآ ناطقآ واضحآ زاهيآ في القرآن المنير الحكيم الواعي الكريم، ولو وعاها، لأدرك أنه قد سما عليها وإزداد رقيآ ورفاءآ على السعادة التي عاشها، وألف عليها، وتمتع بها..ولذلك الإمام الحسين --- لما كان يعيها، وهو الواعيها عصمة تفكير، وتمام تحليل، وجمال تقدير، وكمال آدراك مستنير --- قرر وجوبها لأنه يعيها حق وعيها، وقد حقق مناله منها، وأنه منى أهله وأصحابه وأنصاره ومحبيه أن يوجبوها، ويؤثرها على كل وجميع غيرها، ليتمتعوا بسعادتها وحلاوتها، لأنها الحياة الأبدية السعيدة الخالدة التي لا تزول، ولا تخمل، ولا ينقضي أمدها، وأن الدار الآخرة لهي الحيوان، لو تعلمون، كما علم الإمام الحسين عليه السلام، وأهل بيته وأصحابه وأنصاره ومحبوه..ويا ليتنا نكون معه، ومعهم، إلتذاذآ بصحبتهم والعيش بسعادتها وهناءها، لما نعي، ونضحي، ونوجب تقديم الأهم على المهم .
وما قول الإمام الحسين في خطابه الذائع المجلجل الصاعق المهيب الشجاع الشهير ( فإني لا أرى الموت إلا شهادة .. ) فإنه أبلغ وأعمق فلسفة القول لتوضيح حقيقة الموت، وإرتقاء مراتب درجات تسلق أعلاها، وصولآ سمو صعود هادف الى الشهادة، وهي التي تعني وجوب تقديم الأهم على المهم، وهذا هو معنى التضحية في المفهوم الرسالي الإسلامي الواعي، لا في المفهوم الإكليروسي الكنسي المسيحي الصليبي، الذي يعتبر إقدام السيد المسيح على الموت هو لغفران ذنوب كل فرد مسيحي، بما قدمه النبي الرسول السيد المسيح عليه السلام من تضحية نفسه لأجل محو وإلغاء ونسف ذنوب كل المسيحين منذ عهد السيد المسيح الى قيام يوم الدين . ولذلك أشاد المسيحيون بموقف السيد المسيح التضحوي البطولي على أنه بطل الفردية، وأنه المبشر بها، وأن فردية المسيح هذه التي تمثل --- في فهمهم الإكليروسي الكنسي المسيحي الصليبي --- أنه الإطار الذي يمر من خلاله، ما دام السيد المسيح قد تحمل مسؤولية الذنوب، وحاشا السيد المسيح، النبي الرسول المعصوم، أن يجعل من نفسه المانع من تحمل الإنسان الفرد ذنوبه وأخطاءه وإنحرافاته وهناته وإجرامه وآعتداءاته وظلمه ودكتاتوريته الحاكمة الظالمة المتسلطة المستبدة لما يكون حاكمآ متمكنآ متسلطآ، وهذا هو الجهل الجاهلي الظالم المنحرف المركب المطبق، الذي يعتقد بفردانية السيد المسيح ( الفرد الإنسان ) الذي فدى نفسه، وتحمل مسؤولية ذنوب كل الناس المسيحيين الآخرين، وكل فرد إنسان الى قيام يوم الدين ...... وهم على أساس هذا الفهم الجاهلي المنحرف يبشرون، ويعملون، ويدعون ...... علمآ أن حقيقة الأساس في الحكم الرسالي الإسلامي هو أن يكافح الذنوب، ويمنع من إرتكابها، لا أن يتحملها فرد شخص النبي الرسول، أو الإمام الفرد المعصوم كالحسين عليه السلام، كما هو في السيد المسيح بما لها عليه من ثقل حمل وقسوة الآم وعذابات، إلتذاذآ بغفران ذنوب أناس آخرين يرتكبون الذنوب ويقترفون السيئات، وسنوضح هذا الأمر بعد أكثر..
ولكن نشير الى أن القرآن الكريم الحكيم يعلن بعالي نبرة الصوت الإلهي الجهور الواضح المفهوم أن《لا تزر وازرة وزر أخرى》، وهذا هو الفهم الرسالي الإسلامي، الذي أشرنا له في حقيقة معنى التضحية، التي تعني وجوب تقديم الأهم على المهم، أو تفضيله (أي تفضيل الأهم) عند من لا يعي الوعي الكامل الأعمق لما هو مفهوم ومعنى التضحيةالمؤمنة الكريمة الشجاعة الهادفة.
وما تكملة قول الإمام الحسين لخطابه المدوي القاض لمضاجع الجبناء المصنمين والحكام المتصنمين، لما أشار وأوضح《ولا الحياة مع الظالمين إلا برما》، فإنها تؤكد أن الحياة الدنيوية --- بكل ما فيها من مغريات وتزويقات، ورغائب وزركشات، وجواذب وتعلقات، ومسكنات ومهدئات مادية لذيذة --- مع الحاكمين المتسلطين الفاسدين المنحرفين الظالمين، ما هي إلا حياة يأس وإستعباد، وخبل وإستحمار، وخنوع وخضوع، وجبن وخناثة، وعقد وكنود، وآلام وعذابات، وملل وضجر، وفقدان وهجر، وجنون وعقر .... ولذلك، وعلى أساس كل هذا، يتحقق وجوب تقديم الحياة الأخروية الأكثر سعادة الأهم على الحياة الدنيوية الذي لا يذاق طعم، ولا تشم ريح وعطر السعادة الحقيقة المهم، الذي هو التضحية بمعناه الأوعى المتسع الأعمق، لما يوازن المرء بين حرية الوجود الإنساني الواعي العزيز الكريم، وبين العيش في نير ظلم قيود عبودية إستعباد التصنيم وإستحمار التوثين، ولا تكون حياة عيش الإنسان هذه، إلا حياة عيش بهائم لا تعي، ولا تدرك، ولا تميز الغث السقيم من الطيب الناضج الصحيح السليم القويم.
وهذا الفهم الإكليروسي المسيحي الصليبي الذي حدا بالقوى الدولية العظمى المسيحية الصليبية مثل أميركا الطاغية المجرمة، وبريطانيا المستعمرة المستبدة اللئيمة العجوز، أن تستخدمه مكيافيليآ نفعيآ لما هي تحقيق مصالحها الذاتية الفردية على حساب وجودات الدول الضعيفة والشعوب المستضعفة، لما تستخدم القوة المميتة الهالكة المفرطة والأسلحة الجبارة القاتلة المهلكة، لإحتلال وإستعمار الدول الضعيفة، وإستعباد وإستحمار الشعوب المستضعفة، لنهب الثروات، والإستيلاء على الخيرات، والتمكن لوجود قوات غازية محتلة لمواقع إستراتيجية تصدر من خلالها الرعب والإرهاب، والطغيان والفساد، والإجرام والإستعباد .... على أنها حركات تحرر من حكومات الطغيان والإستبداد والدكتاتوريات الجاثمة على صدور شعوب العالم الثالث وغيره من مستضعفات الدول، ومستضعفي الشعوب الفقيرة المتخلفة، وربما النامية البطيئة نمو تدرج نهوض صعود وإزدهار، بحيل مجرمة، ومكائد لئيمة، وحجج إحتلال وإستعمار جبانة.
وسنتحدث بعمق وعي، وكمال معرفة، وسعة إدراك، لما هو الفهم الإكليروسي الكنسي المسيحي الصليبي للتضحية، وما هو الفهم الرسالي الإلهي الإسلامي القرآني الحقيقي لما هو مفهوم التضحية على أساس مباديء عقيدة التوحيد الإلهية الرسالية في الإسلام.
ـــــــــ
https://telegram.me/buratha