سعود الساعدي *||
الجزء الأول
يلعب ما يسمى اليوم بالإعلام الجديد أو البديل أو الإعلام الاجتماعي أو إعلام الحياة الثانية يلعب ادوارا كبيرة بل ومصيرية في حياة المجتمعات المعاصرة وخاصة مجتمعاتنا التي تعاني من استهداف خارجي وبيئة داخلية مضطربة ومأزومة.
استبدلت الدول الحديثة وظيفة الجيوش بدور الإعلام ووسائل الاتصال وباتت هذه الوسائل هي خط الهجوم أو الدفاع الأول وأداة الحسم لا وسيلة نقل الاخبار والأحداث بل باتت الوسيلة الأبرز في الصراعات وأداة التضليل الشامل وصولا للتدمير الشامل فما عادت الحروب تخاض في ميادين المواجهة وجبهات القتال بل في ميادين العقول وساحات التصورات والأذهان.
يعتمد هذا الإعلام على أساليب ذكية ترتكز على ما يسمى ب"البرمجة النفسية" وبالإستناد إلى أهم ما توصل إليه علماء النفس في هذا المجال، ويمكن إجمال أهم أساليبه بالآتي:
1/ الاستدراج: يعمل الإعلام الجديد على تنظيم الأولويات بحسب المصالح والغايات والخطط المرسومة فبعد صناعة الزيف وقلب الحقائق وبث ثقافة التثبيط ونشر ثقافة التفاهة والتخدير والتسطيح والتجهيل وصناعة الواقع الافتراضي الكاذب على حساب الواقع الحقيقي تقوم غرف السيطرة المركزية لهذا الإعلام على استدراج الضحية عبر إستراتيجيات الجذب الشامل ك "الإغراق المعلوماتي" و تكتيكات "الانطباع السريع" وليس "الاقناع البطيء" وأساليب "التكرار" و"الخلط والتضليل والفبركة والتدليس" وغيرها.
2/ صناعة اليأس: عبر الترويج لثقافة الإحباط والسوداوية وتهويل قضايا الفساد والانحرافات والشذوذ وبث وترويج كل ما هو سلبي ومحبط عبر تقديمها ك"قصص إعلامية" مهولة ومبالغ بها على حساب "الحقائق الموضوعية" الواقعية لقتل الأمل والتفاؤل والوصول لليأس.
3/ صناعة الغيبوبة: بعد صناعة اليأس وعزل الضحية "الجمهور المستهدف" عن كل عناصر ومواقع التأثير المناوئة وعن بيئته الحقيقية والتمكن من التحكم به وتشكيل تصوراته واللعب بمشاعره وعواطفه وقيادة مواقفه تتم عملية "صناعة الغيبوبة" وتأثيرها كتأثير تناول "الخمر والمخدرات" لهذا حرمهما الإسلام ليقوم الإعلام البديل بدور الخمر والساحر والمخدر للعقول والنفوس ليصبح الضحية جاهزا وما على الاعلام وغرف السيطرة والتحكم إلا تحديد موعد تفجير الفوضى باسم الإصلاح والتغيير.
4/ صناعة المصيدة الإعلامية: وتأتي في المرحلة الأخيرة بعد صناعة الإستدراج واليأس والغيبوبة وتتمثل بإستدراج الضحية الى ميدان التلاعب وتحويله الى أداة بشعارات مدروسة براقة ومحفزة تخاطب حاجاته النفسية أو تحويله حتى الى ضحية وهنا تأتي مرحلة "صناعة الضحية أو الشهيد" وصناعة القضية التي ستبقى مصدرا للتهويل والجذب وإثارة العواطف واستدراج الجمهور للمصيدة من جديد.
انتهى
الجزء الثاني سيكون بعنوان "آليات التصدي لأساليب الإعلام المعادي الجديد"
*مستشار إعلامي / محاضر في أساليب الإعلام الجديد
https://telegram.me/buratha