د. علي المؤمن ||
وفق آخر استطلاع رأي أجراه معهد غالوب الأمريكي (American Institute of Public Opinion) في مطلع آذار / مارس 2021 حول آراء الشعب الأمريكي بالدول الأجنبية؛ كان ملفتاً للنظر وجود تطابق بين أراء أغلبية الأمريكيين مع حكومتهم؛ فالدول المتحالفة مع الحكومة الأمريكية حظيت بقبول ومحبة الشعب الأمريكي، على العكس تماماً من الدول التي تخاصمها الحكومة الأمريكية، مثلاً: كانت أراء 75% من المستطلعين الأمريكيين إيجابية تجاه اسرائيل، بينما بلغت الآراء السلبية للأمريكيين تجاه أعداء إسرائيل نسباً عالية، وفي مقدمتها فلسطين بنسبة 65 %، والعراق بنسبة 77%، وإيران بنسبة 85 %. أما الصين؛ فإن نظرة الأمريكيين السلبية تجاهها بلغت 79 % من مجموع المستطلعين من الشعب الأمريكي، بينما حظيت تايوان (عدوة الصين وحليفة أمريكا) بنظرة إيجابية عالية بلغت 72 %، وهكذا الأمر بالنسبة لحلفاء أمريكا الأوربيين، فقد صوّت 91 % لمصلحة بريطانيا، و87% لمصلحة فرنسا. وفي المقابل حصلت روسيا على درجة إيجابية متدنية لم تتجاوز 22%.
هذه النتائج تظهر بما لايقبل الشك أن الرأي العام الأمريكي يخضع بالكامل لتوجيه وسائل الدعاية والإعلام الأمريكية الرسمية وغير الرسمية والانتاج الدرامي والسينمائي، وكلها منحازة ضد العرب والمسلمين وخصوم الحكومة الأمريكية، وكثير منها يغذيه اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة، ولا وجود لرأي عام شعبي أمريكي خارج إطار دعاية الدولة، وأن الحديث عن التفكير الحر وحرية التفكير هو وهم كبير، وإلا كيف يمكن تفسير انحياز أغلبية الشعب الأمريكي الى جانب إسرائيل وتايوان وبريطانيا وفرنسا وكندا، ونظرتهم السلبية تجاه ايران وروسيا والصين وفلسطين والعراق؟ هل هي الصدفة؟ أو أن الشعب الأمريكي خرج برؤاه هذه، بعد دراسة وتمحيص وتدقيق، مستقل عن تأثير الدعاية؟
والمثير في الموضوع؛ ان نظرة الشعب الأمريكي تجاه الدول الأخرى، تتغير سنوياً وفق موقف الحكومة الأمريكية؛ فترتفع نسبة الكراهية بارتفاع حدة خصومة الحكومة الأمريكية مع هذه الدولة وتلك، وتنخفض كلما انخفض الخطاب السلبي للحكومة الأمريكية. ومن السهولة الوقوف على هذه الحقيقة من خلال مراجعة استطلاعات الرأي العام الأمريكي التي يجريها معهد غالوب سنوياً، وخاصة خلال السنوات العشر الماضية. ولاتختلف نتائج معهد غالوب مع النتائج التي تخرج عن مراكز استطلاع الرأي الأمريكي الأخرى، ومنها ـــ مثلاً ـــ مركز بيو ( Pew Research Center)، وغيره.
ولطالما كانت مصادر معلومات الشعب الأمريكي، بل مصادره في تحليل الأحداث الدولية وتفسيرها، هي وسائل الإعلام والدعاية الأمريكية الرسمية وغير الرسمية والصهيونية؛ فليس غريباً أن لايحبنا الشعب الأمريكي.
https://telegram.me/buratha