د. علي المؤمن ||
لاتزال محاولات تشكيل رأي عام شيعي مستقر وثابت مضاد للحركة الإسلامية الشيعية، مستمرة وتزداد قوة وخطورة، عبر توسعة الدائرة الزمنية في الرأي العام الشيعي المؤقت، ورفع حدة الرأي العام الظاهر وتوسعة دائرته علنياً، وهو ما يمهد لظهور تدريجي لثلاث حالات ممكنة:
1- خلق اتجاه عام شيعي تراكمي ضد الحركة الإسلامية الشيعية، من خلال إيجاد فاصلة في الوعي الشيعي بين الوعي التاريخي الشعبي الشيعي وأداء الحركة الإسلامية في السلطة.
2- زعزعة الدعائم التي تستند عليها الحركة الإسلامية الشيعية العراقية في رهاناتها على الرأي العام الكامن والثابت، ومنها الفصل بينها وبين ظواهر الاجتماع الديني الشيعي، وفي مقدمها المرجعية الدينية والحوزة وشعائر آل البيت.
3- دمج الرأي العام الشيعي الظاهر والمؤقت في الرأي العام الكردي السلبي والرأي العام السني السلبي، لخلق رأي عام عراقي عددي يرفع شعار فساد الإسلاميين الشيعة الحاكمين وفشلهم وعمالتهم ومليشياويتهم، مقابل استثناء الجماعات الأخرى المشاركة في السلطة، أي الأحزاب والزعامات الكردية والسنية، ونظيراتها الشيعية العلمانية، بمعنى خلق رأي عام عراقي موحد وعابر للطوائف والقوميات ضد الأحزاب الاسلامية الشيعية حصرأ، وليس ضد جميع كتل السلطة.
وقد بلغت هذه المحاولات ذروتها خلال تظاهرات تشرين في العامين 2019 و2020، لتبرز على شكل صراع شامل عنيف، وقصف دعائي منهجي منظم، وحرب نفسية شعواء، اشترك في دعمها وتأجيجها أحزاب وشخصيات ووسائل إعلام سنية وكردية، ودول إقليمية وعالمية. وهو ما يؤكد حقيقة أن أي شعب في العالم، لم يتعرض الى محاولات إعادة تشكيل وعي مضاد للذات، بالشكل الذي ظل شيعة العراق يتعرضون له بعد العام 2003. صحيح أن لهذه المحاولات جذور ضاربة في التاريخ القديم والمعاصر، لكنها تضاعفت نوعياً وكمياً بعد العام 2003. وصحيح أيضاً أن هذه المحاولات تتمظهر في تأليب الشيعة ضد الجماعات الإسلامية الشيعية، بهدف إزاحتها عن السلطة، لكن أهدافها البعيدة أعمق بكثير، وتنطوي على أبعاد عقدية وثقافية واجتماعية وأخلاقية، وفي المقدمة ضرب عناصر القوة الشيعية أو تحييدها كما كان يحدث خلال حكم البعث، وصولاً الى إسقاط تجربة المشاركة الاسلامية الشيعية في العراق، وإعادة تأسيس العراق العلماني والدستور العلماني والدولة المرتهنة للغرب والمجتمع العلماني.
https://telegram.me/buratha