دراسات

الجوهر في الصفات الانسانية


 

عبد الخالق الفلاح ||

 

يشهد عالمنا اليوم انعداما في المساواة أكثر من أي وقت مضى وذلك لضعف القيم الانسانية كمعاملة وسلوك و يقصد منها ممارسة الوعي الإنساني في التعامل بين الإنسانيين وفي معاملتهم لجميع احتمالات الإنسان على أساس التماثل الجوهري بين جميع البشر ، باعتبار أن كل إنسان هو النموذج الآخر لكل إنسان آخر ، ومعاملته بالحب الإنساني  وبالمساواة الإنسانية وباحترام الكرامة والحقوق لكل إنسان اخر،كثيرون هم من يدعون الإنسانية ،لكن للأسف ، قليل من يعطي ويبخل في العطاء. وكثير من يأخذ ولايشبع وهناك الكثير من مَن يعتقد أن العطاء يقتصر على العطاء المادي فقط  ،لا ابداً انما العطاء في الانساني تعني كل شيئ ينتفع منه وفيه بصمة خير لإغاثة الملهوف والتنفيس عن المكروب، وبصمة سلام في التعافي من الأزمات والكوارث وضحايا العنف والحروب، وبصمة أمل في التنمية والخدمات الإنسانية، وتأهيل المجتمع بشكل يبعده عن الجوع والتخلف والفقر والمرض في ظل السلوك الإنساني و يعني كذلك النشاط الذي يمارسه الإنسان في استجابته للمواقف والأحداث، سواء كان سلوكا حركيا، أو لفظيا، أو سيكولوجيا، أو معرفيا، أو غير ذلك من أنواع السلوك، الذي هو سلوك غائي، يكف الإنسان عن ممارسته متى تحققت الغاية التي يريد الوصول إليها من وراء قيامه بهذا السلوك أو ذاك ، وبالطبع لا يمكن ان  يستدام فقدان الانسانية لمكانته لفترة طويلة لان انعدامه يهدد وجوده اولاً و يحد من نمو المجتمع  اقتصادياً وفكرياً  وجهود القضاء على الفقرو يعطل التقدم في التعليم والصحة للسكان، وبهذا يقوض القدرات البشرية ذاتها لتحقيق الحياة ّ الكريمة، وهو كذلك يحد من الفرص ومن إتاحة الموارد المعيشية والاجتماعية والسياسية، و يؤدي الى انعدام المساواة مما يسبب الصراعات والازمات و تهدد الامن واستقرار المجتمع.

يدخل في مفهوم الإنسانية العديد من الاعتبارات الفلسفية؛ وكلمة "الإنسان” تعني الكائن البشري الذي هو ليس بحيوان اجلكم الله واعزكم. انما هو اسم جنس لكائن لديه القدرة على التفكير، والكلام والاستدلال بالعقل، وتُطلق كلمة إنسان على الأكثر تطوّراً من النّاحية العقلية والناحية العاطفية وبصيغة المفرد على الاحوط ،ويدل على التسميات القائمة على وصف الكائن البشري أو الجنس البشري ،أي أن كلمة إنسان هي نقيض الحيوان من حيث المواصفات التي تميّز الإنسان عن الحيوان . ولكن كلمة الإنسان لا تدلّ على أيّ إنسان محدّد ، و هي مفهوم لغوي عام لا وجود له إلاّ في القاموس،و التي يقصد بها الخصائص المشتركة بين أفراد النوع البشري التي تميّزهم عن الحيوانات . بينما البعض من أفراد النوع البشري يختلفون عن بعضهم اختلافات جوهرية حادّة تجعل الفرق بينهم أكثر حدة وعمقاً من الفرق بين البشر والحيوان كما نشاهد ذلك عند المجموعات الارهابية المتوحشة وعصابات الاجرام التي تقتل دون وجود اي نزعة انسانية عندهم،

الجوهر الإنساني  في كل إنسان هو النواة الرئيسية التي تحتوي على الإستعدادات النوعية الوراثية المكوّنة للشخصية الإنسانية وما تكتسبه من قدرات ومؤهلات وإمكانيات للتعامل الإنساني مع الآخرين، الإنسانية التي تعني المواصفات الإيجابية ضمن نطاق التصرفات العفوية والسلوك الإيجابيفي اطارالعلاقات والمواقف العائلية والاجتماعية او التعاملات العامة التي تفتضيها المصالح المشتركة.

رغم اختلاف جميع المعاني لكلمة الإنسانية ولكن المقصود بمعنى الجوهر الإنساني الذي هو فيه مقومات تشكل الاستعدادات الوراثية النوعية للبشر في كل إنسان ،الإنسانية بشكلٍ مُجرَّد تدلّ على نوع الإنسان واختلافه عن بقية الكائنات الحية، فما نسمعه من وسائل الإعلام وغيرها من المواقع والكتب والمجلات تَعتبر أنّ الإنسانية هي مجموعة من الجوانب الإيجابية والأخلاقية للإنسان التي تعني المخلوقات البشرية جميعا، وتحمل في نفس الوقت مضمون الإحسان والإيثار عند البعض و التي تعني و توحي الى قوة روحية، ولكن ومع الاسف قد اغتصبها البعض لذلك تم دمجها في مفاهيم معاصرة مثل حقوق الإنسان والتنمية والتدخل الإنساني وأمن البشر.

الانسانية تعني بالمدلول التربوي الجانب المرتبط بالمؤثرات التي تحدد السلوك الإنساني وتضبطه باتجاه معين سواء المحتوي الذاتي للفرد الذي يكون له بطبيعة الحال تأثير على السلوك ، أو العوامل الخارجية التي يهتم بها للفرد ، بحيث يكون لها انعكاس على سلوكه ، و السلوك الإنساني يتأثر بعوامل عديدة  و أهمها ،القانون : ونعني بالقانون بالمعني الاعم الذي يشمل الشريعة وغيرها من القوانين الوضعية التي يضعها الإنسان لتحديد السلوك ، ومن الواضح ان هناك مستويات متعددة ومختلفة لتأثير هذا العامل ترتبط بخلفية ومدي فهم الإنسان للقانون ومدي إيمانه بخلفياته ،كافة الديانات تضمنت مفهوم المعنى الانساني بكونه يُعلي من شأن النفس الانسانية ويضعها موضع التكريم اللائق بها ليمكنها من اداء دورها الحقيقي في العمل والعطاء والانتاج الذي يهدف الى تحسين حالة الفرد وتقدمه في المجال المادي والمجال الروحي بكل توازن وعدالة وواقعية ومسؤولية.

 علينا ان نفهم بأننا اليوم لازلنا نعيش في بحبوحة من الانسانية  والحميمية  في ظل واقع لا يزال يحمل عوامل الانسانية  ولكن نتحصر على الاجيال القادمة التي سوف تذهب بهم الحياة أكثر اغترابا، وأكثر فردية، وأكثر قسوة في ظل مناخات العولمة وثورة المعلومات المتنامية اذا ما استغلت بشكل غير صحيح .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك