د. سيف الدين زمان الدراجي *||
· سلسلة مقالات في إستراتيجيات الأمن الوطني ومواجهة التحديات
يعد أمن الطاقة أحد أهم مرتكزات الأمن القومي من حيث توفير الموارد الطبيعية لاستهلاك الطاقة وتنوع مصادرها لتحقيق الأمن وتعزيز الرفاهية والاستقرار.
يقضي المفهوم الاستراتيجي للتعامل مع ملف الطاقة إلى تطوير القدرة على المساهمة في الحفاظ على أمن الطاقة بما في ذلك حماية البنى الأساسية الحيوية للطاقة وخطوط النقل وتعزيز التعاون مع الدول الصديقه والشركاء، مع الأخذ بنظر الاعتبار مفهوم الردع وتوازن القوى وتغير معطيات البيئة الجيوسياسية على الصعيدين الدولي والإقليمي. كانت ولا زالت الطاقة هي المحرك الرئيسي لعجلة الاقتصاد حيث تلعب دورا أساسيا في دفع عجلة النمو و تجنب الصراعات المسلحة في ظل ماتنتهجه بعض الدول للسيطرة على هذا القطاع الحيوي ومحاولة الضغط لتحقيق مكاسب سياسية.
تتنوع مصادر الطاقة من حيث النفط والغاز والصخر الزيتي، الا أن هناك توجه كبير نحو تأمين الطاقة من مصادر أخرى متجدده - كالطاقة الشمسية وطاقة الرياح والطاقة الهيدروليكية
(المياه) والطاقة العضوية - لسببين رئيسيين هما توفرهما بشكل كبير في بعض الدول من جانب وغيرملوثة للبيئة من جانب آخر.
إن مسؤولية وضع استراتيجيات وطنية تؤمن مصادر الطاقة وامداداتها تقع على عاتق الجهات الحكومية بالتعاون مع مراكز الفكر المتخصصة فضلا عن الاستشاريين، للحيلولة دون استغلال ملف الطاقة لتقويض الأنظمة السياسية وتهديد الأمن الداخلي، لذا فإن صناع السياسة والاستراتيجيون مطالبون في الوقت الحاضر -أكثر من أي وقت مضى- إلى تقدير موقف ملحوظ يفرق بين الفهم المتصور و الواقع الفعلي، ووضع سيناريوهات متنبئة وخطط طوارئ بديله لاسيما في ظل تزايد التوترات في منطقة الشرق الأوسط.
من ما تقدم فإن الاستقرار الاقتصادي والسياسي وبالتالي تحقيق الأمن يرتبط ارتباط وثيق بأمن الطاقة خصوصا وإننا نشهد بيئة اقتصادية غير مستقرة في ظل الوضع الحالي، ومن أجل مواجهة التهديدات التي قد يشكلها الفشل في تأمين الطاقة لابد من السعي إلى تنويع مصادرها و العمل على تأمينها خصوصاً وأن هناك العديد من الدراسات التي أشارت إلى أن الصراع سيستمر على الطاقة ومصادرها وهو ما سينعكس بشكل واضح على سياسات الدول الخارجية سواءاً كانت منتجة أم مستهلكة من حيث اختلال توازن العرض والطلب في سوق الطاقة والقيود المفروضة على إمداداتها.
*باحث في شؤون السياسة الخارجية والامن الدولي.
https://telegram.me/buratha