دراسات

أميركا والهجرة إلى الأصول الأولى

1918 2021-01-26

 

حازم أحمد فضالة ||

 

    تُعَرَّض أميركا إلى أحداث لم تشهدها منذ قرنين، إذ يقتحم أميركيون محتجون ثائرون مبنى (الكونغرس) في أثناء جلسة التصديق على الانتخابات بفوز الرئيس المنتخَب (جو بايدن) في يوم الأربعاء الموافق: 6-كانون الثاني-2021، هؤلاء المحتجون يقتحمون مبنى (الكونغرس أو ما يشيرون إليه بالكابيتول هيل) في إشارة للمجمع الحكومي الأميركي، المبنى هذا المحمي بواسطة (جهاز شرطة الكابيتول) المُكلَّف بتأمينه مُذ أُسِّسَ هذا الجهاز في عام (1828م).

    يبلغ عدد أفراد هذا الجهاز (2300) فردٍ من الأمن والمدنيين، ويتمتع بميزانية سنوية تصل (460) مليون دولارًا.

    دخل المحتجون (أنصار ترمب) قاعة (روتُندا - Rotunda) حيث مركز مجمع الكونغرس التي توصَف بأنها (قلب الكونغرس النابض)، وهي تفصل بين مجلسَي: النواب والشيوخ، ومِنْ ثَمَّ وصل أنصار ترمب إلى (قاعة مجلس الشيوخ) التي كانت تشهد جلسة التصديق على النتائج، وبعدها اخترقوا عدة مكاتب مهمة من بينها مكتب نانسي بيلوسي (رئيسة مجلس النواب الأميركي، كاثوليكية المذهب، إيطالية الأصل)!

·        أميركيون قُتِلوا على يد حماية الكونغرس

    بعد دخول المحتجين إلى مبنى الكونغرس؛ حدثت مواجهات مسلحة بالرصاص والسلاح الأبيض بين المحتجين وقوات الأمن، ذهب ضحيتها بعض الأميركيين، والضحايا هؤلاء هم كُلٌّ مِن:

١- (برايان سكنك - Brian Sicknick)، وهو من قوات حماية (الكابيتول).

٢- (آشلي بابيت - Ashli Babbitt)، عمرها خمسةٌ وثلاثون عامًا، من ولاية كاليفورنيا، أُطلِقَ عليها الرصاص بواسطة أحد ضباط شرطة حماية المبنى!.

٣- (كيفين كريسون - Kevin Greeson)، عمره خمسةٌ وخمسون عامًا، من ولاية ألاباما.

٤- (روزان بويلاند - Rosanne Boyland)، عمرها أربعةٌ وثلاثون عامًا، من مدينة (كينيساو) في ولاية جورجيا.

·        الأعلام والرموز التي حملها المحتجون

    حمل هؤلاء المحتجون أعلامًا ورموزًا كانت مهمة ولافتةً جدًا، وأحصينا منها ثلاثة عشر علمًا ورمزًا، مِنْ بينها:

١- العلم الوطني الثاني للولايات الكونفدرالية الأميركية، هذا الذي كان قد رُفِع بتاريخ: 1-آيار-1863.

٢- رمزية (حبل المشنقة)، الذي يرمز إلى خيانة أعضاء الكونغرس بسبب تصويتهم على فوز جو بايدن.

٣- علم (ميليشيا الثلاثة بالمئة).

٤- رمز (أطلِق الكراكن)، الكراكن: هو مخلوق بحري أسطوري مُدمِّر، رُفِعَ هذا الرمز بناءً على تصريحات المحامية السابقة في إدارة ترمب (سيدني باول) حيث قالت: «سأطلق الكراكن»، إذ تُشير في هذه العبارة الفنية بأنها تملك كمًّا كبيرًا من الوثائق التي من شأنها تدمير فوز بايدن!.

٥- رمز (الأولاد الفخورون).

٦- علم (حراس القَسَم)، وهم جماعة مؤيدة للرئيس ترمب، وترى بنفسها ميليشيا كُلِّفَت بحماية البلاد والدفاع عن الدستور.

٧- علم (أميركا أولًا - America First)، وهو الشعار الذي أطلقه الرئيس دونالد ترمب.

    كان أبرز هذه الأعلام هو (أميركا أولًا)؛ لأنّ الرئيس ترمب أوصل رسالته للأميركيين بأنه لا يعترف بالحزبين: الجمهوري والديموقراطي، بل أسس حزبًا جديدًا بعنوان (أميركا أولًا)، لم يكن ترمب خسر خسارة مدوية، بل حصد نصف أصوات الشعب الأميركي تقريبًا، إذ نشرت شبكة (CNN) بأنَّ بايدن حصل على واحد وثمانين مليونًا ومئتَي ألف صوت، وحصل ترمب على أربعة وسبعين مليونًا ومئتَي ألف صوت، وبذلك نعم، صحيح أنَّ بايدن حصد أعلى الأصوات في تاريخ انتخابات أميركا، ولكن كذلك ترمب حصد المرتبة الثانية في تاريخ انتخابات أميركا (بعد بايدن).

    وهذا يؤشر حجم رغبة الشعب الأميركي بتجديد ولاية ترمب، إذ تجاوز بذلك الرؤساء السابقين كلهم من كِلا الحزبين!

·        الهجوم السيبراني الذي سبق اجتياح الكونغرس!

نشرت صحيفة النيويورك تايمز مقالًا بعنوان:

(بومبيو يقول إنَّ روسيا تقف وراء الهجوم السيبراني على أميركا)

    نُشِرَ هذا المقال بتاريخ: 19-كانون الأول-2020، للكاتب (ستيف كيني)، وساعَده في إعداد التقارير كلٌّ مِن: ديفيد إي سانجر، نيكول بيرلروث، إريك شميث، جوليان بارنز.

    يذكر المقال: كان بومبيو (وزير الخارجية الأميركي) هو أول مسؤول في إدارة ترمب يربط بصورة معلنة (الكرملن) بعملية القرصنة الإلكترونية التي اجتاحت مؤسسات أميركا.

    الهجوم الإلكتروني هذا استُخدِمَت به مجموعة مختلفة ومتعددة من الأدوات المتطورة؛ للتوغُّل إلى عشرات الأنظمة الأميركية الحكومية والخاصة، بما في ذلك: المعامل النووية، وزارة الدفاع (البنتاغون)، وزارة الخزانة، وزارة التجارة.

    ونقلت كذلك النيويورك تايمز عن شركة مايكروسوفت قولها بأنها حدَّدَت أربعين شركةً ووكالةً حكوميةً ومراكزَ أبحاث؛ اخترقها القراصنة في هذا الهجوم العاصف، وقالت مايكروسوفت إنَّ ما يقرب من نصفها شركات تكنولوجيا خاصة، وأكثرها تابعة للأمن السيبراني مثل شركة (FireEye) المسؤولة عن تأمين قطاعات واسعة للقطاعين العام والخاص.

    وقال براد سميث (رئيس مايكروسوفت): «يوجد ضحايا غير حكوميين أكثر من عدد الضحايا الحكوميين، مع تركيز كبير من القراصنة على شركات تقنيات المعلومات».

    هذا الهجوم الإلكتروني وصفه (ديفيد سانغر) -الذي لديه عدّة مؤلفات حول الأسلحة السيبرانيّة- بأنه (أعظم الإخفاقات الاستخبارية في العصر الحديث!)

    لم يكن هجومًا عاديًا، كان يشبه الزلزال عندما يضرب مدينة ما على ساحل البحر، وما أنْ تنتهي ضربته الأولى؛ حتى تعود (موجة تسونامي) لتدمير ما تبقى من المدينة!، نعم نحن ننتظر (تسونامي الاختراق) الذي ستظهر ضربته الارتدادية حتمًا، لكن التوقيت يظل بيد خبراء ومُنظِّري هذا المشروع.

·        الأصول في الحرس الوطني الأميركي

    لم يبقَ إلا أنْ نعيد للأذهان حقيقة الحرس الوطني الأميركي التي هي:

الحرس الوطني الأميركي كان أصله (ميليشيا)؛ إذ شُكِّلَت أول ميليشيا لمقاومة الاستعمار البريطاني في أميركا بواسطة ماساشوستس عام (1636م)، ولم تُطلَق عليها تسمية (الحرس الوطني) إلا في عام (1824م)! أي: بعد مرور (188) سنة على تشكيله!.

    فهذه أصول أميركا وحقيقتها، ترمب ليس منافقًا، ولا يرتدي الأقنعة، ترمب يقول نحن هؤلاء بحقيقتنا دون تزييف، دون هرطقات الديموقراطية، دون شعارات الحرية والاستقلال والمساواة وتصدير حقوق الإنسان لدول العالم!، يقول هذه أصولنا ونحن عائدون إليها، ويشاركه في ذلك أربعةٌ وسبعون مليونًا ومئتا ألف أميركي، أي: نصف أميركا!.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك