دراسات

لمحة عن تاريخ زيارة الأربعين في القرن الأول الهجري


  د.محمد العبادي ||

بعد وقعة الطف الاليمة في ١٠ / محرم الحرام / ٦١ ه ق اقتيد نساء ال البيت تتقدمهم رؤوس الشهداء المفصولة عن الأجساد الطاهرة ، وبعد أن وصلوا إلى الكوفة كان الناس قد احتشدوا للتطلع إلى ذلك المنظر الذي تكاد ان تتفطر  منه السماء  وتنشق الأرض وتخر  الجبال منه هدا . لقد تشفى ابن زياد منهم بفظاظته وغلظته المعهودة ،ولم يمهل بقايا ال محمد قسطا من الراحة حتى ارسلهم إلى الشام مع رجاله من جنود بني أمية وكان ذلك في يوم الثاني عشر أو الثالث عشر على اختلاف الروايات ، وفي نفس الوقت ارسل رسولا إلى عمرو بن سعيد بن العاص والي المدينة يخبره بمقتل الحسين عليه السلام ،وقد أوصاه ان يجد في المسير إلى المدينة ويوصل الخبر إليها ولايسبقه أحد في نقل الخبر ؛ وقال له : (لاتعتل وان قامت بك راحلتك فاشتر راحلة )(١). لقد كان مبعوث ابن زياد إلى المدينة قد أخذ بفرسه ينهب الأرض هدبا للوصول إلى المدينة اطاعة لابن زياد وطمعا في الحصول على جائزة أو مغنم،  وفي نفس الوقت قد اسرع أولئك الهمج بما تبقى من النساء والأطفال وتتقدمهم الرؤوس المقطوعة والمرفوعة . لقد كانت أجساد الاسارى نحيلة لاتقوى على طي الطريق الطويل ،لكن الجفاة ساقوهم بقسوة وبسرعة!!! لقد كانت كلمة الإمام السجاد عليه السلام تشير إلى تلك الغلظة ( ونسوتنا خلفي على بغال اكف ، والفارطة[ اي يسبقون]خلفنا وحولنا بالرماح)(٢).  لقد عاد موكب السبايا من الشام وعطفوا نحو كربلاء ومعهم الرؤوس في اليوم العشرين من صفر ، وقد وجدوا هناك الصحابي الجليل جابر بن عبدالله الأنصاري . وذكر المفيد أن جابر بن عبدالله بن حزام الأنصاري ورد في يوم العشرين من صفر الى كربلاء لزيارة قبر الإمام الحسين عليه السلام وكان أول من زاره من الناس.(٣) وذكر ابن طاووس ان جماعة من بني هاشم كانوا قد جاءوا معه للزيارة ، وقد التقوا ببقايا الركب الحسيني فقد ذكر في اللهوف ( لما رجع نساء الحسين عليه السلام وعياله من الشام وبلغوا العراق قالوا للدليل مر بنا على طريق كربلاء فوصلوا إلى موضع المصرع فوجدوا جابر بن عبدالله الأنصاري(ره) وجماعة من بني هاشم ورجالا من آل رسول الله صلى الله عليه واله قد وردوا لزيارة قبر الحسين عليه السلام فوافوا وقت واحد ، وتلاقوا بالبكاء والحزن واللطم وأقاموا المآتم المقرحة للأكباد واجتمع إليهم نساء ذلك السواد فأقاموا على ذلك.)(٤).     وقد زار الإمام الحسين عليه أحد التابعين وهو عبيد الله بن الحر  وهو أحد إشراف الكوفة حيث خرج من الكوفة متوجها نحو كربلاء فنظر إلى مصارع الحسين ومن قتل معه وقال :  وقفت على اجداثهم ومحالهم☆☆ فكاد الحشا ينقض والعين ساجمه  لعمري لقد كانوا مصاليت في الوغى ☆☆ سراعا إلى الهيجا حماة خضارمه . (٥)   وذكر المفيد في الامالي ان اول ما رثي به الإمام الحسين عليه السلام هو شعر عقبة بن عمرو السهمي من بني سهم بن عوف بن غالب وهو من شعراء القرن الأول الهجري وقد أشار  فيه إلى توافد الزوار من كل فج عميق  لزيارة الإمام الحسين عليه السلام؛ ومماقال :  سلام على اهل القبور بكربلا☆☆ وقل لها مني سلام يزورها  سلام بآصال العشي وبالضحى☆☆تؤديه نكباء الرياح ومورها ولابرح الوفاد زوار قبره ☆☆ يفوح عليهم مسكها وعبيرها (٦)   ان الشاعر يشير بوضوح إلى توافد الزوار على قبر الإمام الحسين عليه السلام ، الذي تضوع منه رائحة طيبة . وبناء على ما تقدم يتبين من هذه اللمحة التاريخية ان زيارة الإمام الحسين عليه السلام كانت قد بدأت منذ الأشهر الأولى من استشهاده ثم هوت إلى قبره الشريف القلوب وأصبح ضريحه قبلة الأحرار .     _______ ١-الطبري،تاريخ الطبري،ج٤ص٣٥٦ . ٢-ابن طاووس، الاقبال،ج٣ص٨٩. ٣- المفيد ، مسار الشيعة ، ص٤٦. ٤- ابن طاووس،اللهوف ، ص١١٤.  ٥-ابن الأثير،الكامل في التاريخ،ج٤ص٢٨٩. ٦- المفيد ، الامالي ، ص٣٢٤.
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك