وفي هذا المقال سنتناول المستويات المحتملة لإنتاج النفط في العراق وتبعاتها الممكنة في ظل موازين العرض والطلب العالميين على الطاقة/النفط كما تعرض أساساً في التقرير الأول مع ذكر النتائج المقارنة الواردة في التقرير الثاني. وستختصر الإشارة للتقرير الأول بعبارة “تقرير المنظمة” وللثاني “تقرير الوكالة”. من ناحية أخرى، بالإضافة “لتقرير الوكالة” هناك تقرير آخر يتعلق بالعـراق حصراً أعدته وكالة الطاقـة الدوليـة في تشرين أول/أكتوبر 2012، IEA (2012). انظر قائمة المصادر. ومنعاً للالتبـاس سنشير للمقـال الآخر بعبارة تقريـر الوكالة-2012. يحتوي تقرير المنظمة في ثناياه توقعات بعدة حالات/سيناريوهات عن مستقبل العرض والطلب العالميين على أنواع الطاقة المختلفة ومن ضمنها العرض والطلب على النفط وسوائل الغاز وما يُسقَّطه التقرير كحصة لمجموعة دول الأوبك في إشباع الطلب العالمي. ومع تعرضه للحالات/السيناريوهات المتعددة فإن الشرح والتحليل والتوصيات في التقرير تتركز حول حالة/سيناريو “الإشارة” reference case. إن ما يحدد الحالات/السيناريوهات هو مجموعة من العوامل هي من جانب الطلب: مستوى ومعدلات نمو النواتج المحلية الإجمالية العالمية وسياسات الطاقة للدول والمجموعات المختلفة وسياسات البيئة العالمية وتوجهات إحلال أشكال الطاقة المختلفة. ومن جانب العرض: حجم الموارد والاحتياطيات النفطية ومدى توفر أشكال الطاقة الأخرى وطاقات الإنتاج والتطورات التكنولوجية والبيئية والظروف الجيوسياسية في مناطق العالم المختلفة. ومع أن تقرير المنظمة يمكن أن ينظر له كوظيفة تقوم بها سكرتارية الأوبك سنوياً ولا تمثل بالضرورة رأي الحكومات الأعضاء إلا أن مؤشراتها ينبغي أن تناقش ومضامينها تحلل فيما يخص أثارها على العراق خاصة فيما يتعلق بمستقبل العرض والطلب العالميين على النفط ودور الأوبك والعراق في تجهيز الزيادات المتوقعة في الطلب مستقبلاً. مع العلم أن تقرير المنظمة يتجنب تفصيل أو ذكر برامج الإنتاج في دول الأوبك المختلفة ومنها العراق. على سبيل المثال، ليس هناك أي إشارة للبرامج الطموحة لزيادة إنتاج النفط الخام في العراق في الامدين المتوسط والطويل. ومع نظرته التي تتخطى عقدين من الزمن حتى 2012-2035، يتم في تقرير المنظمة أيضاً التعرض إلى الأمد المتوسط 2012-2018/2020. وهذا التعرض مناسب للعراق حيث قد تشهد نهاية هذه الفترة الوصول إلى مستوى إنتاج الهضبة plateaus المتعاقد عليه (أو المستويات المعدلة منه) في عقود الخدمة. ومن المناسب ابتداءً ملاحظة أن اسقاطات تقرير المنظمة للعرض النفطي تقسم النفط إلى نفط خام وسوائل الغاز الطبيعي وغيرها من السوائل في حين أن الطلب يقسم النفط حسب نوع المنتجات النفطية (بنزين، وقود طائرات، وقود سفن، الخ). اي ليس هناك مقابلة تامة بين مكونات العرض ومكونات الطلب. في حين في الحقيقة هناك طلب على النفط الخام قد يختلف، قليلاً او كثيراً، عن الطلب على السوائل النفطية الأخرى. وفي غياب تفصيل في هذا المجال، سنفترض وجود احلال تام بين النفط الخام والسوائل النفطية كمجهز للطلب العالمي. وهذا الافتراض فيه شيء من التحكم الاضطراري.منهجية الاسقاطات المستقبلية وأهم نتائجها لعل أهم منطلق ضمني لتقرير المنظمة في اسقاطاته المستقبلية هو دور منظمة الأوبك الأساس في الحفاظ على استقرار أسعار النفط العالمية. ويستخلص من هذا المنطلق إن مجموعة دول الأوبك هي منتج “متبقي” swing producer. ويتبين ذلك واضحاً في منهجية الإسقاط في التقرير للفترة 2013-2035. حيث أنه بعد إسقاطه للطلب العالمي على الطاقة ومن ثم على النفط الخام والسوائل النفطية الأخرى، للفترة المبينة، يطرح منه العرض العالمي المتوقع من خارج الأوبك لنفس الفترة (بما فيه النفط من المصادر غير التقليدية، خاصة من الولايات المتحدة وكندا والبرازيل وغيرها) لتتبقى بعد ذلك حصة الأوبك في اشباع الطلب العالمي حتى سنة 2035. فالمتبقي والحالة هذه ليس تنبؤاً لما ستنتجه مجموعة دول الأوبك مستقبلاً حسب برامجها النفطية وإنما ما ينبغي عليها إنتاجه للحفاظ على تحقق مستويات للأسعار العالمية مبينة في الإسقاطات، كما سيشار اليه أدناه. وتظهر محددات هذه المنهجية في سيناريو الإشارة (وبدرجة أكبر في سيناريو أخفض للطلب العالمي على النفط) في تقرير المنظمة. حيث يلاحظ (أنظر جدول 1، أدناه) ان التقرير يفترض أنه بين 2012 و2018 فإن كل الزيادة في الطلب العالمي والتي تبلغ 5.5 مليون برميل/يوم (م-ب-ي) سيتم إشباعها بالكامل من قبل دول منتجة للنفط خارج الأوبك. لا بل أن تقرير المنظمة يفترض أنه خلال 2012-2018 فإن مجموع أنتاج دول الأوبك ينبغي أن ينخفض لاستيعاب العرض الإضافي من خارج الأوبك والذي يتخطى الزيادة المتوقعة في الطلب العالمي ليبلغ 5.7 م-ب-ي (5.5 م-ب-ي لإشباع الزيادة في الطلب العالمي و0.2 م-ب-ي كمية إضافية). أي أن إنتاج مجموع دول الأوبك من النفط الخام والسوائل ينبغي أن ينخفض من 36.8 م-ب-ي في 2012 إلى 36.0 م-ب-ي في 2018. ومن ضمن ذلك ينخفض إنتاج النفط الخام من 31.1 م-ب-ي في 2012 إلى 29.2 م-ب-ي في 2018 (مع العلم أنه يصل قعراً مقداره 28.8 م-ب-ي في 2017). أي ان الانخفاض في ما يشبعه نفط خام الأوبك، من الطلب، سيكون شديداً نسبياً ولا يخففه إلا ارتفاع إنتاج السوائل خلال هذه الفترة. ويعني ذلك أن كل دولة عضو في المنظمة ينبغي أن تخفض إنتاجها من النفط الخام خلال الفترة 2012-2018 للحفاظ على مستوى الأسعار العالمية الواردة في الإسقاطات. وهذا، بدوره يعني، إذا افترضنا جدلاً، أن العراق إذا أراد أن يلتزم بالتخفيض (بالرغم أنه خارج نظام حصص الإنتاج الآن) فإنه ينبغي أن يخفض إنتاجه خلال الفترة 2013-2018 عن إنتاج 3.2 م-ب-ي في 2012. جدول (1) الطلب والعرض العالميين وإنتاج العراق من النفط 2012-2035
المصــادر: إسقاطات تقرير الأوبك، OPEC (2013), P.P. 9, 10, 52, 55, 57, 62, 66.الأرقام حسب الاستراتيجية الوطنية للطاقة، السيناريو الوسطي MEES (2013).الأرقام حسب تقرير وكالة الطاقة الدولية عن العراق، السيناريو الوسطي IEA (2012).
https://telegram.me/buratha