السيناريوهات الى عام 2030 في انتاج النفط والغاز الجاف والكهرباء:
ذروة انتاج النفط، مليون برميل يومياً
ذروة انتاج الغاز الجاف، مليار قدم مكعب يومياً
الحاجة الكلية لانتاج الطاقة الكهربائية في العراق،
ميغا واط يومياً
الطاقة الكهربائية المستهلكة لوقود الغاز، ميغا واط يومياً
كمية الغاز اللازمة لإنتاج الكهرباء، مليار قدم مكعب يومياً
حاجة الصناعة والمنشآت النفطية للغاز، مليار قدم مكعب يومياً
الحاجة الكلية للغاز، مليار قدم مكعب يومياً
الفائض من الغاز الجاف، مليار قدم مكعب يومياً
2015
4.5
4
18000
8500
2.2
1
3.2
0.8
2020
7
6.3
23000
16500
4.2
1.3
5.5
0.8
2030
10
9
37000
32000
8
1.5
9.5
-0.5
مصدر تحليل المعلومات عن معهد العراق للطاقة: انتاج النفط والغاز والطاقة الكهربائية دون احتساب اقليم كوردستان العراق. علماً ان حاجة اقليم كوردستان العراق في عام 2030 ستصل الى 6000 ميغاواط يومياً وهذه تستهلك بحدود 1،2 مليار قدم مكعب من الغاز. تجدر الاشارة الى ان حسب معدلات الانتاج هذه والتي تعد مقاربة لتقديرات الخطة الوطنية الا ان العراق سيكون بحاجة الى استيراد نصف مليار قدم كعب من الغاز الطبيعي لسد الحاجة المحلية في عام 2030، الا اذا قام العراق بعمليات استكشافية كبرى لمضاعفة الانتاج المحلي للغاز الطبيعي ومن ثم توفير الفائض اللازم للتصدير فهذا بحث آخر. الشاهد من هذه الاشارة هو ان الدراسة الاولية المعدة من قبل شركة شيل (Gas Master Plan) والتي اعتمدتها وزارة النفط عام 2007 في وضع خطة الغاز (أي بعد أربع سنوات من تغيير النظام)، كانت تتحدث عن حاجة العراق الى مليارين قدم مكعب من الغاز يومياً أو أكثر بقليل والباقي يُعَد فائضاً عن الحاجة المحلية لذا نصحت خطة شركة شيل (علماً ان للشركة مصالح تجارية في استثمار الغاز العراقي قبل تقديم توصياتها للحكومة العراقية) بتصدير مجمل انتاج الغاز، وعلى هذا الاساس توجهت الحكومة العراقية الى توقيع مذكرة تعاون استراتيجي مشترك مع الاتحاد الاوربي لامداد أوربا بالغاز الطبيعي، حيث بدأت المفاوضات مع هيئة الطاقة في الاتحاد الاوربي عام 2008 واختتمت بتوقيع الاتفاقية عام 2010. لكن الجدير بالذكر ان وزارة النفط كانت قد راجعت معدلات الانتاج بعد استكمال جولات التراخيص الاولى والثانية (فيما يخص الغاز المصاحب، والذي تُعَد نسبته أغلب المخزون الوطني المثبت) مع الاخذ بعين الاعتبار نتائج جولة التراخيص الثالثة (على محدودية انتاج الغاز من الحقول الثلاثة المتعاقد عليها) وقد توصلت وزارة النفط الى حاجة العراق الى أربع مليارات قدم مكعب يومياً للاستهلاك المحلي فقط والباقي يُعَد فائضاَ للتصدير، علماً ان هذه النسبة أقل بـ (50٪ ) مقارنة بنسبة التوصيات المقدمة من مستشار وزارة الكهرباء (Parsons Brinckerhoff) في عام 2011 وآخرها توصيات ستراتيجية الطاقة الوطنية. الشيء بالشيء يُذكر، ان وزارة الكهرباء كانت قد عقدت العزم قبل عام 2008 باستيراد التوربينات التي تعمل على وقود الغاز من شركتي سيمنز و جي إي لتوليد الطاقة الكهرباء، لكن تلكؤ وزارة النفط في الاسراع باستثمار الغاز المصاحب واعتمادها على شركة واحدة وهي شركة شيل (صاحبة الخطة الاولى) قد أخر توفير الغاز لمحطات الطاقة الكهربائية فضلاً عن تلكؤ وزارة الكهرباء في جذب مستثمرين محطات الطاقة الكهربائية (Independent Power Producer – IPP) وهذا عكس ما حصل في اقليم كوردستان العراق الذي وفر الطاقة الكهربائية لمحافظات الاقليم باستخدام الغاز دون انقطاع والنهوض بواقعه الاقتصادي. علماً ان الـ IPP لم تجد لها سوقاً جاذباً في العراق (عدا اقليم كوردستان)، لأنعدام 1) شروط توفير الوقود و 2) تنظيم التسعيرة التي لم تجتهد الحكومات العراقية في حلها منذ تغيير النظام عام 2003 وحتى هذه الساعة. بعكس السياسة الغير واعية التي انتهجها النظام المصري السابق، انتهجت المملكة العربية السعودية سياسة مغايرة تماماً في استثمار الغاز، وهي التي تملك ضعف حجم الاحتياطي العراقي المثبت من الغاز الطبيعي وربع النسمة السكانية لدولة بحجم مصر. لقد كانت سياسة المملكة العربية السعودية واعية في ابتعادها عن تصدير الغاز كمادة أولية واتجهت الى استثماره محلياً لانتاج الطاقة الكهربائية وتطوير الصناعات المحلية للبتروكيماويات والاسمدة والصناعات الكيمياوية والالمنيوم والستيل والصناعات الثقيلة الاخرى، حتى اصبحت مجموعة شركات سابك من أكبر المنتجين العالميين والمصدرين للمنتجات التي يُمثل الغاز فيها لاعباً محورياً ليصل انتاجها الى 55 مليون طن سنوياً مع ترجيح زيادة الانتاج الى 130 مليون طن سنوياً في عام 2020 كما ان قيمة شركة سابك العالمية قد تجاوزت 95 مليار دولار. هذا وان الطاقة الانتاجية لكهرباء السعودية قد تجاوزت الـ 47 ألف ميغا واط وستصل الى 75 ألف ميغا واط سنوياً في حلول عام 2017. من الجدير بالذكر ان شركة سابك تم انشاؤها في عام 1977 أي بعد عام واحد فقط من انشاء شركة البتروكيماويات في البصرة (PC1) وبطاقة انتاجية أقل من البصرة، في حين ما زال PC1 ينتج أقل من نصف مليون طن سنوياً. لذا، من الضروري توجه الحكومة العراقية الى انتهاج سياسة مماثلة للمملكة العربية السعودية في استثمار كامل الغاز العراقي محلياً والاستفادة من منتجاته ومن ثم تصدير الفائض من المنتجات دون تصدير الغاز الخام، لأن هذه السياسة ستسهم في انتقال الاقتصاد العراقي من الريعي الى المتنوع وبالتالي تعدد مصادر الدخل القومي وزيادة فرص النهضة للعمالة المحلية وتحويلها الى عمالة منتجة، مع احتمال حاجة العراق لعمالة وافدة ترفد القطاعات العامة والخاصة والمختلطة بسبب ضخامة حملة الاعمار التي يجب على العراق التزامها ليعود لاعباً اقليمياً وعالمياً، كل ذلك قد تكون بدايته من خلال اعتماد الغاز كعامل أساسي في تطوير خطط التنمية الاقتصادية (economic multiplier). ان العراق بأمس الحاجة للاستثمار الاجنبي ويتطلع الى دور ايجابي من قبل الشركات العالمية لكن في نفس الوقت على الدولة العراقية ان تأخذ بعين الاعتبار كيفية التعامل مع العقود المبرمة لإحقاق التوازن التجاري مع احترام التعاقدات على اسس قانونية دون تعرضها للإخلال والخلل والتلكؤ في المسيرة. أقول هذا مع تحفظي الشديد على السياقات التي اتـُـبـِعَت في التمهيد للعقود وابرامها دون اشراك المحافظات النفطية المنتجة بدور فاعل (وليس بصورة شكلية) بحسب نصالمادة الدستورية 112 التي تـُـلزِم اشراك الاقاليم والمحافظات المنتجة مع الحكومة الاتحادية في رسم السياسات والتنفيذ والادارة استناداً لنظام الدولة الاتحادية القائم، ومن دون تحقيق هذا الشرط تُعد جميع العقود البترولية من شمال العراق الى جنوبه في إشكال دستوري وبالتالي للمحافظات المنتجة حق المراجعة أو النقض محفوظ قانونياً ولا يتلاشى بالتقادم. لكن، لقد أصبحت جميع العقود البترولية تحصيل حاصل وأمر واقع علينا جميعاً التعامل معها بايجابية وبراغماتية مع مراعاة ترشيدها لحفظ الحقوق والتوازن التجاري، ودون خلق اى مشكلة أخرى قد تواجه العراق خاصةً وأننا قد خرجنا تواً من طائلة الفصل السابع الذي أثقل العراق لأكثر من عقدين بسبب السياسات الرعناء التي انتهجها النظام السابق. نصيحتي للحكومة العراقية ان تكون مؤتمنة على حقوق الشعب العراقي والاجيال القادمة دون التسرع في رهن الاقتصاد وتكبيله من خلال توقيع اتفاقيات ملزمة لتصدير الغاز بسبب أي فائض محلي (وقتي)دون جاهزية البنى التحتية والمشاريع الاستثمارية في الوقت المناسب، علماً ان عقود الغاز عادة ما تكون طويلة الامد ومُلزمة (أكثر من 20 سنة) لارتباطها باتفاقيات جانبية معقدة قد تكون مع دول لها علاقة بالعراق، وهذا هو عين الفخ الذي وقعت به دول مثل جمهورية مصر ودولة الامارات وسلطنة عُمان، حيث أقنعتها بعض الشركات العالمية بتصدير الغاز “الفائض” من خلال استثمار مبالغ هائلة في مشاريع تصدير عملاقة دون النظر الى حاجتها الفعلية في المستقبل بسبب الزيادة السكانية والفرص الاستثمارية الواعدة التي قد تدر على شعوب تلك البلدان بواردات المنتوجات وليس الوارد المحدود من تصدير الخام، مما دفع بهذه الدول الى تصدير غازها الطبيعي (رغماً عن انفها) وهي بأمس الحاجة له، لتصبح اليوم مستوردة للغاز الاجنبي بأكثر كلفة من غازها المُصَدَر في تعاقدات الامس، ثم تكون دول مصدرة للغاز المحلي في نفس الوقت (Net Importer) – معادلة فيها من الألغاز الكثير الكثير لكنها سهلة الحل، والحليم تكفيه الاشارة. ختاماً، أرجو ان تعتمد الحكومة العراقية ستراتيجية الطاقة الوطنية بواقعية ولكن مع بعض المراجعة الواعية لسيناريوهات تصدير الغاز، وان تبتعد عن التوجيهات الملحة من بعض الشركات العالمية، والاسراع بانشاء المؤسسات المستهلكة للغاز وتصنيع منتجاته ووضع الاطر القانونية اللازمة لإنشاء المؤسسات الاتحادية المستقلة وأولها مجلس النفط والغاز الاتحادي بعضوية الجهات التنظيمية الاتحادية والمحلية والذي بدوره سيضع السياسات الاتحادية والاشراف على تنفيذ خطط الطاقة الوطنية وضمان حقوق الكل، حفاظاً على مستحقات العراق من جهة ومستحقات المستثمرين من جهة أخرى في الامد البعيد، ودون الاعتماد على السياسات العشوائية والارتجالية. *) الرئيس التنفيذي لمعهد العراق للطاقة – لندن luay@iraqenergy.org www.iraqenergy.org شبكة الإقتصاديين العراقييناشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
https://telegram.me/buratha