يعمل الدكتور قاسم العكايشي حاليا كرئيس مهندسين في شركة وست كود الإنكليزية (احدى مجموعات شركة IXYS الأمريكية) في مدينة جبنهام ويعيش في مدينة برستول (انكلترا). ايضاً يشغل منصب المدير التنفيذي لشركة استشارية (Iraqi Professional Forum ).
عمل سابقاً في وزارة الكهرباء الحالية – بغداد ( قديماً تسمى: المؤسسة العامة للكهرباء) في المديرية العامة لمشاريع الكهرباء الكبرى – محطة كهرباء المسيب الحرارية.
شبكة الاقتصاديين: اجرى السياسي المعروف د. أحمد الجلبي مقابلة مع قناة الاتجاه وتحدث عن أزمة الكهرباء في العراق، وتم تداول التسجيل بشكل واسع على الانترنت تحت عنوان “كلام خطير يشيب الرأس”، حيث ذكر في المقابلة ارقام مذهلة على سبيل المثال ان الحكومة العراقية انفقت لحد الان أكثر من 27 مليار دولار من دون نتيجة ملموسة كما تمت الاشارة الى فضيحة شراء 56 مولدة غازية من شركة سيمنس وجي إي بقيمة 2,5 مليار دولار في عام 2009 ولم تنصب لحد الان. كيف يمكننا ومن وجهة نظر تكنوقراطية التمييز بين الحقائق والتسيس في كلام احمد الجلبي؟
د. قاسم العكايشي : قبل ان ابتدأ بالتعليق على الأرقام التي ذكرها الدكتور احمد الجلبي، دعني اذكر لك بعض الحقائق عن منظومة الطاقة الكهربائية في العراق.. حالة المنظومة منذ سنة 2004 والتي كانت متمثلة بالوحدات المنصوبة فعلياً بأنتاج ما يعادل 8500 ميككا واط، البخاري منها يعادل 50% والمائية 22% والمتبقي هي وحدات توليد غازية اي تمثل ال 28% من المجموع الكلي. اكرر هنا هذا لايعني تلك الوحدات المنصوبة عملياً لها القدرة الأنتاجية للرقم المذكور في اعلاه.. الكثير من هذه الوحدات في احسن حالاتها لم يصل انتاجها الى 75% ( في عام 2003).. ما علينا ياسيدي الكريم.. كانت خطة الأمريكان (بعد سقوط النظام السابق في 2003 ) في استثمار مبلغ ( قريب جداً من 5 مليار دولار)، الحصة الأكبر من ذلك المبلغ وهو 2.77 مليار على مشاريع التوليد اي اضافة وحدات انتاجية جديدة واعادة تأهيل واعمال صيانة . اما مشاريع النقل والمقصود هنا مشاريع نقل الطاقة الكهربائية فإن المبلغ المخصص لها كان 1.499 مليار دولار ليبقى من المبلغ الأصلي تقريبا 0.978 مليار دولار هو لإعمار شبكات التوزيع في محافظات العراق Network infrastructure كافة وما يسمى في كثير من الأحيان بالبنى التحتية.
ما ذكر في اعلاه لا يخص ابداً خطة وزارة الكهرباء ( في عام 2004 ) ايضاً للمشاريع الخاصة Development of IPP Projects .
المعذرة لأنني لم اجب لحد هذه اللحظة على السؤال الموجه لي.. الإطالة مهمة هنا في ربط الأمور ببعضها. المعلومات جميعها تؤكد بان برنامج الأستثمار الامريكي (هذا البرنامج كان من قرار الحكومة الإمريكية حينذاك بصرف مبلغ اقل بقليل من 19 مليار على القطاعات والمرافق الحيوية لنذكر منها: الصحة، التعليم، الطرق والمواصلات،المياه، النفط والغاز، الأمن واخيراً مشاريع الكهرباء ذو الحصة المقررة 5.5 مليار دولار، ننقل اليكم هذا الرقم تحديداً من محاضرة السيد سايمون ستولب Simon Stolp من الجيش الأمريكي والمشارك في مؤتمر توليد الطاقة في الشرق الأوسط لعام 2004 في مدينة المنامة – البحرين PowerGen Middle East
حسب المعلومات المتوفرة لدينا، ان برنامج الإستثمار هذا لم يشرع بتنفيذه ابدأ ( اقصد هنا في قطاع الكهرباء، طبعاً)، واذا كانت هنا وهناك بعض الإضافات المحسوبة على برنامج الأستثمار المقصودً هنا: ما انجزته الوحدة الهندسية التابعة للجيش الإمريكي
US Army Corps) Engineer of)، ولكنه لم يأتي بنتيجة عملية على حياة المواطن اليومية..
بالتأكيد انا مثل اي شخص متابع هنا .. أسأل الآتي: لماذا توقف برنامج الأستثمار الأمريكي اعلاه؟
لعل كل واحد منا عنده ما يضيف على الجواب ..ما يراه ويسمعه من خلال الإعلام .. وما حدث في العراق ويحدث يومياً .. الف شك وشك في نوايا الإستثمار الإمريكي في العراق ليس على مشاريع الكهرباء ، فحسب بل تشمل قطاعات البنى التحتية الأخرى لذلك بدأت الحكومات العراقية المتعاقبة بتنفيذ برامجها التي تخلو من دراسة حقيقية لتنفيذ مشاريع الكهرباء ولنبتدأ بحكومة الجعفري .. وفيها السيد الجلبي يرأس مجلس الطاقة، وليس بمقدور الوزير حينها التعاقد على اي مشروع تزيد قيمته على 5 مليون دولار .. ارجو الملاحظة للدخول على الإجابة.. تلك الحكومة استمرت لمدة تسعة اشهر ولم يتسنى لها وضع حتى لمسات على مشاريع جدية على الرغم من الزيارة المشهورة للبيت الأبيض برئاسة الجعفري والوفد المرافق له، بصحبته طبعاً وزير الكهرباء السابق الدكتور محسن شلاش، ولمناقشة هموم الكهرباء في العراق.. وراحت حكومة الجعفري لتأتي بعدها حكومة المالكي، وفعلا تم خلالها ابرام العقد الكبير مع شركة جي اي الأمريكية وهذا ما ذكره السيد الجلبي في المقابلة.. عقد تجهيز الوحدات الغازية لتوليد الطاقة الكهربائية وعددها 56 وحدة لتوليد 125 ميككا واط (الطاقة المتولدة للوحدة الواحدة، أي مجموعه 7000 ميككا واط).. طيب من المسؤول هنا ؟ الوزير السابق كريم وحيد؟ او رئيس الوزراء السيد المالكي ؟ أم نائب رئيس الوزراء المسؤول عن الملف الاقتصادي في حينه برهم صالح؟.. الله اعلم.. كيف يتم الإتفاق على التجهيز.. بدون معرفة مسبقة بالجهة التي سوف تنصب المعدات ومن ثم تشغيلها وربطها مع الشبكة العامة ليتنفس الصعداء منها ، اقصد المواطن العراقي.. هذا بالضبط ما حصل فعلاً مع عقد سيمنس الألمانية.. حيث يختلف حجم الوحدات.. اعتقد اكبر وبسعة 165 ميككا واط للوحدة الواحدة . من الممكن جداً حصل اتفاق بين الطرف الأمريكي والألماني للتجهيز المذكور الى شبكة الكهرباء العراقية.. الذي اعرفه بان وزارة الكهرباء المسكينة اعلنت المناقصات لتنصيب وبناء المنظومة وتشغيلها وابدت رغبتها الملحة لبناء وتنصيب هذه الوحدات وتشغيلها والموزعة على محافظات العراق.. للأسف لم تدخل الشركات المحترفة (اقصد الغربية او الإمريكية ) لهذا الغرض بل الشركات المحلية التركية والإيرانية .. على ما اظن كان لها نصيب طيب)
طبعا انا سوف استمر بالإجابة المطولة، ولنذكر هنا ما تزوده لنا دول الجوار ومنها ايران والتي تشكل نسبة ضئيلة بما نحتاجه، ولو مهما كانت كميته يعد امراً مهماعلى الأقل لتزويد اكثر من 5000 عائلة عراقية، ولكنه مصدراستنزاف لميزانية الكهرباء، يعد هذا استنزافاً للميزانية حيث لم يخطط استيراد الطاقة من الدول المجاورة بكميات تفوق مستوى التبادل بينهما والمنفعة المشتركة وليست على حساب العراق كبلد مستهلك فقط لها‘ هذا النظام معمول به في اكثر البلدان التي ترتبط بمصالح توفير واستهلاك الطاقة المرسلة بينهما) حيث تبلغ قيمة الكهرباء المستورد من الدول المجاورة وايران بضمنها ما يساوي 878 ميككا واط وكما هو معلن على صفحة التوليد والطلب لوزارة الكهرباء العراقية ليوم 5 من هذا الشهر الجاري).
لو نحسب ما يصرف على هذه المنظومة وشبكتها الكهربائية المتهرئة والخارجة عن نطاق الخدمة في معيار التقيس والسيطرة النوعية .. لغالبية الوحدات وتبعاتها .. نعم ما يذكر بما صرف على هذه المنظومة مبلغ 27 مليار دولار لا يخلو قدر انملة من التشكيك .. طبعا لا نريد الخوض في معمعة الفساد.. خلينا نسولف فقط على ادامة ما ينتج حالياً.. واضافات جديدة هنا وهناك..
شبكة الاقتصاديين: على ذكر الفساد نحن نعلم ان أول وزير كهرباء بعد 2003 أيهم السامرائي ادين باختلاس مبالغ طائلة، ثم وضعت علامات استفهام كبيرة على الوزراء الثلاثة الذين أخلفوه محسن شلاش، كريم وحيد و رعد شلال ..اين يكمن الخلل؟ هل هو في مؤسسة وزارة الكهرباء، حيث تميزّت بالفشل المستمر بالمقارنة مع الوزارات الاخرى، أو في شخصية الفرد العراقي كما حللها عالم الاجتماع العراقي الراحل علي الوردي، والتي في تركيبتها ضعيفة المناعة ضد الامراض الاجتماعية ومنها وباء الفساد؟
د. قاسم العكايشي: لابد ان نذكر هنا للقاريء الكريم بأن وزارة الكهرباء تضم مجموعة من الدوائر والأقسام التابعة لها، جميعها يتلخص في تجهيز وتأمين المقدار المطلوب من الطاقة ليس للمواطن فحسب، ايضا الى القطاعات الخدمية والصناعية والصحية من مؤسسات الدولة العراقية وبشكل هندسي محسوب على مدار الساعة لليوم الواحد، ولمدة 365 يوماً في السنة. المعنى والتفسير العملي لهذه المنظومة الحيوية بان هناك دائرة المشاريع لأضافة الوحدات الجديدة وبالتنسيق مع دائرة التخطيط والدراسات ومن ثم استلام هذه المشاريع من قبل دائرة التوليد والتشغيل ليتم بعدها نقل الطاقة عبر خطوط النقل للضغط العالي وارسالها (الطاقة) الى دوائر التوزيع في كافة المحافظات وبالتنسيق مع مراكز السيطرة الوطنية (يعني هناك دائرة عامة لتوزيع كهرباء المحافظات والتي ترتبط بها كافة دوائر توزيع الكهرباء في كل محافظة من محافظات العراق).
لا نريد ان نربك القاريء الكريم بالتفصيلات المهمه في اعلاه لهذه الوزارة، ولكن ذكر بعضها يعطي تأملاً بان هذه الوزارة تمثل ركناً اساسياً من حياتنا اليومية. لذا بات من الضروري ان العاملين فيها ومن الوزير حتى آخر الدرجات الوظيفية يشكلون خلية النحل الواحدة لإخراج هذا المنتج (الطاقة الكهربائية) بأحسن صورة للمواطن اولاً واخيرا، تلك المقدمة تبين اهمية مفاصل هذه الوزارة مع الإنسجام الفني في الأداء، فعلاً يظهر جلياً بأن هذه الوزارة تتميز عن غيرها بل نؤكد على اهمية من يستلم مهامها، بالدرجة الأولى الشعور العالي بالمسؤلية نحو المواطن العراقي البسيط ليمتد هذا الشعور حتى الساكن بعيداً في قرية نائية لربما حدودية او مهجورة.
بكل بساطة، نعم فشلت هذه الوزارة بالأداء العالي، على الرغم من كفاءة المسؤول الفنية ودعني اذكر اليك ومن معرفتي الشخصية لبعض منهم، الكفاءة وحدها لا تعني الوطنية والشعور العالي بالمسؤلية، بربك ماذا تسمي قائمة الإتهامات على هؤلاء وبدون استثناء من ايهم السامرائي، محسن شلاش، كريم وحيد، وحتى رعد شلال.. نتمنى ان تكون هذه الإتهامات اشاعات، ولكن المثل الشعبي الماثل امامنا حول النار والدخان، لايعفي احد منهم سوى المثول امام القضاء لتبرئتهم من كل التهم، وهذا حق المواطن العراقي في مثول المسؤول امام القضاء ليرد على التهم وينال عقابه ان ثبت عليه ذلك (من تمتد يده على المال العام).
شبكة الاقتصاديين: في الوقت الاخير نسمع تصريحات كثيرة في الاعلام من المسؤولين بما في ذلك الوزير الجديد عفتان ونائب رئيس الوزراء لشئون الطاقة د. حسين الشهرستاني عن مشاريع عديدة وكبيرة تحت التنفيذ وعن قرب الانتهاء منها. هل يمكن ان تفيدنا بحقيقة هذة التصريحات وتقيميك لجدواها وهل تمثل الحل للمشكلة؟
د. قاسم العكايشي: هذا صحيح، لقد تم التعاقد مع الكثير من الشركات الأجنبية لبناء ما تم تجهيزه من الوحدات الغازية من العقود المبرمة سابقاً مع شركة GE الأمريكية وشركة Siemens الألمانية، من المعلومات المتوفرة لدينا على الأقل حول العقد المبرم بين الوزارة وشركة هيونداي الكورية الجنوبية بأن العمل مستمر في مواقع عديدة اتذكر منها الآن بغداد، والبصرة ، ومكان آخر لإنتاج طاقة إجمالية تفوق 2200 ميككا واط. هذا ما حدثني به الزميل Glenn Nassey الذي يشغل منصب المدير التجاري لشركة Hyundai هيونداي للهندسة والبناء ومقره في لندن، والجدير بالذكر نحن نلتقي مع مجموعة من الشركات العالمية والعاملة في مشاريع الطاقة والبنى التحتية في الشرق الأوسط تحديدا او كافة ارجاء المعمورة ضمن الدعوة الموجهة من Herbert Smith LLP, لحضور ما يسمى International EPC Contract master classes
عودةً على ما ذكر بخصوص مشاريع هيونداي، وبالتأكيد مع انتاج طاقة كهربائية من المشاريع المماثلة سوف تنقل شبكة الكهرباء العراقية الى حالة التفاؤل بالتحسن الملحوظ من قبل المواطن وبعدد ساعات التجهيز للكهرباء الوطنية.
شبكة الاقتصاديين: متى ينعم العراق بتجهيز الطاقة الكهربائية بشكل مستمر؟
د. قاسم العكايشي: لعل السؤال الذي يخطر ببالك او على بال اي واحد منا .. كيف الحل، او شنو الحل مع الكهرباء ؟ ليس هناك حلاً سحرياً او سهلاً .. سوف تستمر مشكلة الكهرباء في العراق لسنوات عديدة.. ومتوقعة على الأقل لمدة تزيد على الخمسة اعوام ..او اقل في حالة الإستقرار السياسي في العراق .. وبشرط ان تدخل الشركات الغربية المحترفة للعمل على تصاميم جديدة واضافة وحدات ونصبها ومن ثم تشغيلها وربطها مع الشبكة، ايضاً يوازي هذا العمل باعطاء فرص للمستثمريين ولربما في تاميم الشبكة وعلى مراحل وليبقى الجانب الحكومي مشرفاً بل يتقاضى الضرائب فقط.. وفعلا ما ذكره السيد الجلبي عن هذا الشخص المستثمر والذى ، اتى بمقدار ربع قيمة ما تولده المنظومة الكهربائية العراقية 2250 ميككا واط في اقليم كردستان تعد تجربة ناجحة.. بالمناسبة اعتقد انني اعرف هذا الشخص، التقيته مرة في العراق. وتحدثنا كثيراً عن امكانية العمل سوية والتقيته ايضاً في مؤتمر الطاقة للشرق الأوسط سنة 2006 في ابو ظبي.
ارجو المعذرة على الإطالة .. نتفق بما جاء به الدكتور الجلبي ولكن تفاصيل الكهرباء عليه ان يتجنبها( هو إن استطاع بقدر الإمكان).. لان امورها الفنية والسياسية متعبة اذا لم تكن مرهقة في اغلب الأحيان.
19/5/13405
https://telegram.me/buratha