قال سبحانه وتعالى ( واعدوا لهم ما استطعتم من قوة 0000) أن مفهوم القوة مفهوم تاريخي متطور يعني الكثير من المفردات التي تتوزع في قواميس العلوم العسكرية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية بآلياتها المختلفة وهو لايعني التصادم مع ثقافة الحوار ولا رفض سماع الأخر ،وهو يؤمن بحوار الحضارات ،و بنفس الوقت يقبل ثقافة الحرب دون الترويج للعنف ولا يخفي احتمالية تصادم الحضارات0
هذا الخطاب التشريعي من الخالق جل أسمه يستلزم من المؤمنين الإلمام بالعناصر التي تدخل في مفهوم القوة وآليات أخراج هذا المفهوم من حالة الاستعداد إلى حيز الفعل0كما أنه سبحانه وتعالى شاءت حكمته أن يخلق الإنسان مختاراً لا مجبوراً، ولذلك فأن الإنسان وفق هذه ألإشاءة أما أن يكون منتمي الى حزب الله الفاعل في الأرض لإخلاصهم الإيمان به جلة قدرته بما يجسم منهجه التشريعي المكمل للكينونة الفطرية للإنسان ( أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون) وبخلاف ذالك فأن الإنسان ينتمي إلى حزب الشيطان0 وبهذه المنهجية أصبحت البشرية متدرجة في اختياراتها بين الإلحاد والإيمان ، فكانت شعوب وأمم ولكلٍ مميزات مشتركة من تاريخ وثقافة ومباني عقدية وبالتالي حضارات فيها مقدسات تشكل مساحات حمراء لا تقبل المساس تلتقي مع التضحيات الجسام في مسيرة الأمم قد تتداخل هذه المناطق الحمراء فتشكل مناطق تصادم بين الحضارات بغض النظر عن المحق والمعتدي0
غير أنّ الحق كل الحق وكما يعبر عنه أهل اللغة (هو ما عليه الشيء ) ولا يدرك إلا بالعلم والعلم كما هو ثابت (هو الاعتقاد المانع من النقيض ) (أن الله ينصر من نصره ) أي ينصر المحق ويخذل المبطل والمعتدي، وهذا هو دليلنا على فشل نظرية (التوازن العسكري ) التي يعتمدها أهل القرار في غرف السياسة العالمية وهذه الحقيقة لها مصاديق على طول وعرض التاريخ ومن مصاديقها معركة بدر الكبرى وغيرها من وقائع من المسلمين الأوائل في صدر البعثة النبوية الشريفة 0ورغم أن الشعوب الإسلامية قد تناستها بسبب ما ران على قلوبها، إلا أن مصاديقها مستمرة في حياة امتنا ،فقد عاد المنتمون الى حزب الله في الأمس القريب وفي الساحة الإيرانية ليبرهنوا على أن الله ينصر من نصره فكانت أن انتصرت الثورة الإسلامية بتوفيق من الله وتحققت للمؤمنين الأرضية التي يجسدون عليها حكم الله حيث تصدى لقيادة طلائع المؤمنين ابن من أبناء القرآن ومن أحفاد المصطفى (ص) أدخره للقرن العشرين ومن سلالة نبي الله ابراهيم عليه السلام الذين نالهم دعاءه فجعله المولى للناس إماما دون العصمة، فكان هو الذي بث الروح في جسد الأمة بعد حالة الإحباط وسلسلة الإخفاقات 0فستشرق الأمل في افقها منذ لحظة الانتصار في شهر شباط من عام 1979 فكانت المواقف العملية المعبرة عن روح الإسلام تصدر من منبر صلاة الجمعة العبادية السياسية الشاملة لتظهر من خلالها الخطط والمواقف وهي واحدة من آليات الثورة الإسلامية التي نَّظر لها وسوقها الإمام روح الله الخميني حتى أصبحت النظرية الإسلامية في القيادة والحكم والسياسة حقيقة ويقين تمشي في القرار السياسي والتطبيق العملي لمفردات الحياة الاجتماعية وبآليات عمل عصرية، وبهذه المبدئية المستمدة من النهج المحمدي كان الإمام الخميني يستشف علاج المعضلات المعاصرة مثل استرجاع القدس إلى الحضيرة الإسلامية 0
لسان حال الإمام الخميني قدست روحه يقول (إذا حالت دون تكامل مقومات العمل العسكري المباشر لاسترجاع القدس تراكم سلبيات الوضع الراهن مثل تشرذم قرار الأمة وحالات الضياع بين تجاذبات الشرق والغرب والتخلف وعدم الثقة وحالات الاقتتال التي تعيشها الشعوب الإسلامية وسلب أرداة القرار ، فلا ينبغي ولا يجوز تعطيل كل مفردات القوة )( وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ) التي تقرب زمن الفعل العسكري المباشر ، كما أن مقدمات ومقومات نجاح الحرب العسكرية هو الحرب الناعمة ، وهو عمل متشعب ومسؤولية الجميع دون أي استثناء 00
ان المقاومة الإسلامية ضد العدوان مهما تنوع صهيوني مباشر أو صنائع الصهيونية عليها التمسك بهذه الحقيقة والصبر ،أن يوم القدس والإعداد له وإزالة أثار الانكسار في نفوس المسلمين الذي خلفته نتائج الحروب العسكرية وكل سلبيات المسيرة التحررية التي كانت وراء حالة إلاحباط لدى الكثير من العرب والمسلمين وهو هدف استراتيجي للطلائع الإسلامية المؤمنة بحتمية زوال الصهيونية إضافة إلى الاحتلال ، مهما طبل وعمل الإعلام المعادي على تضخيم القوة السكرية الاسرائلية مستفيد من نتائج الحروب الخاسرة ، أن جماهير الأمة لن تردد يوم في العمل ضمن مشروع تحرير القدس ضمن مفهوم ( واعدوا لهم 000) وقد يدخل العمل في مفهوم الحرب الناعمة وهو مسؤولية المؤمنون من حزب الله دائما وابدأ ومن أولوياته صيانة المعتقدات بما أتاهم الله من قوة الإيمان ، وقد تكون بعض حلقاته فعل عسكري كما حصل في لبنان حيث تعود ميليشية حزب الله لتذكر المؤمنين وتنبه الغافلين وتصفع المتخاذلين ،وتعيد الثقة إلى النفوس المنكسرة ، فما أروع ما صنع حزب الله حيث حرر الأرض وهزم الكتائب وضرب العمق بأخيار الأهداف في الوقت الذي كان لبنان الرسمي بجيشه وبمساعدة ألآخرين يعفى من الدفاع عن أراضيه خوفا من أن تجتاحه إسرائيل في بضع ساعات ، أن عطاء حزب الله للبشرية غير منقطع فهو يصل أمسه بيومه 0
لقد شهد تاريخ القدس تكرار التصادم الثقافي والحربي للأيدلوجيات والحضارات في هذه المنطقة. وهذه سنة الحياة عندما تتداخل المصالح وتتعارض الايدولوجيات والمفاهيم العقدية ، غير أن تاريخ اليهود يشهد بأن هؤلاء قوم لم يكن لهم دولة بالمفهوم الحديث، ولا حتى أرث حضاري ولا ما يعتز به من التضحيات للحفاظ على المقدسات، فلقد أكدت الأحداث بأنهم يعيشون أقليات ويساومون على معتقداتهم ويتعرضون الى السبي والاستعباد بسبب سلوكيات انتهازية، فهم لا يحترمون العهود والمواثيق ولا توجد بينهم ألفة اجتماعية نتيجة معتقد يوحدهم ( لَا يُقاتِلونكُم جميعاً إلاّ في قُرًى مُحصنةٍ أو مِن ورآءِ جُدُرٍ بأِسُهُم بينهُم شَدِيٌد تَحسَبُهُم جَمِيعاً وقلوبُهٌم شَتّى ذالِكَ بأنّهُم قَومٌ لا يعقِلُون )هكذا يصفهم الخالق العليم،كما أنهم معاندون للحق يعيشون على الخلافات والنزاعات بين الشعوب فتكاد لا تجد أزمة عصفت بالعالم إلا ومن وراءها مؤسساتهم من ماسونية وصهيونية من خلال ترويج حالة عدم الاقتناع بالدين التي تقوم عليها الماسونية للقضاء على مقومات الارتباط الإنساني الثقافي، وهذا ليست اجتهاد من الكاتب بل واقع تعترف به دور الثقافة الصهيونية، فهي تصرح بعدم وجود مشتركات الحياة الاجتماعية المتجانسة، فلقد اضمحل تأثير الدين تماما في المجتمعات اليهودية وسادت بدل الفضيلة الرذيلة، وحتى العلائق الاقتصادية التي تؤمن بها لم تكن تبنى على أسس التكافؤ بل الخداع والغش.
وأما الصهيونية المتخصصة بالعمل على العالم الإسلامي فهي مدرسة في ابتكار أسباب الفرقة والتناحر بين مكونات الشعوب، وهكذا كان دور اليهود في جزيرة العرب قبل ظهور الإسلام وبعده، وقد عملوا كثيراً لإيجاد حالة الفرقة من خلال الإسرائيليات والمنافقين، وقد حققوا نجاح في الابتعاد عن روح الإسلام المحمدي لدى ضعيفي الايمان. فقد أدى هذا الابتعاد إلى خلق حالة الاصطفاف الطائفي الذي تتبناه اليوم بعض الفرق بدفع وتمويل من الصهيونية وعملائها، مما عمق حالة انعدام الثقة والضعف التي اجتاحت الشعوب الإسلامية، بحيث جعلتها لا تتعامل من منطلق المشتركات الأساسية في كينونتها، خصوصا في مجال الدفاع المشترك، مما سهل للصهيونية تحيد اغلب البلدان الإسلامية عن القضية الفلسطينية، حتى أصبح ذالك واقع يحكمه قانون المنظمات العالمية التي يرسمون هم سياساتها، بحيث تنحاز دول عظمى إلى جانب إسرائيل في عدوانها المستمر.
للقدس في حياتنا ليست يوم بمعني قطعة من الزمن بل هو كألف سنة مما تعدون بل الزمن كله ولا تناقض في ذالك فنحن نعقد لقاء سنوي موسع في أخر جمعة من شهر رمضان المبارك بعد خلوة متميزة مع الذات أمام الخالق العظيم ،نراجع بها كل برنامج تحرير القدس مع كل المقدسيين والقديسين من أجل تصحيح ما يجب تصحيحه والتفاعل مع ما استجد في عالم السياسة وكل ما تعنيه المراجعة في برامج العمل الجهادي ، أن الانتظار في قاموسنا من مفردات القوة فهو يعني صفحة من صفحات العمل والإعداد ، أما العيش في الضمير يعني الصدق والإخلاص وكذالك الأمل يعني التواصل ،ومن آليات الانتظار والأمل الرد المؤثر على محاولات التغيير والتهميش وطمس هوية القدس الإسلامية وإجبار العرب على تكلم بالعبرية وموجة التحدي الثقافي والحضاري 0وهنا يجب إحكام الرد بما يحقق الانتصار ويحجم فعل العدو وذلك يتم من خلال تفعيل مراكز الدراسات المختلفة الفكرية والتراثية والعلمية ومراكز صنع القرا ، كما يجب أن يكون للقديسين والمقدسيين خطاب موحد موجه الى مختلف بقاع العالم على مستوى الحكومات والمنظمات وغيرها
وكما أن واجباتنا اتجاه القدس لا تنحصر بكم ولا بنوع، وعلى كل الأصعدة فردية واجتماعية ومؤسسات حكومية في مختلف الاختصاصات، لان القدس سُلبت وسُلب معها حق كل مسلم طفل كان أو شيخ مروراً بكل طبقات المجتمع تحت كل المسميات
0ومن واجباتنا التي تحتاج الى المراجعة هو التوجه نحو الشعوب الأوربية والأمريكية لتحييد البلدان الأوربية وكشف زيف الصهيونية وربط المصالح الأوربية في بلدان الإسلام مع بعضها البعض، من خلال مشروع حوار الحضارات وإنشاء المشاريع الاقتصادية المشتركة وتحجيم التفرد الأمريكي في صنع قرارات الأمم المتحدة التي عملت عليها الصهيونية في المنطقة وفي العالم من خلال زرع عدم الثقة بين الشعوب، والسيطرة على اقتصاديات العالم بواسطة المنظمات الاقتصادية والشركات متعددة الجنسيات الخاضعة للسيطرة الأمريكية، وتكوين الزعامات الدكتاتورية المرتبطة بالامبريالية دون ترك الحكومات، ولكن بعمل موازي ذو نتاج مؤثر في تقصير عمر الضياع، وقد يكون أكثر تأثير في مستقبل الأمة الإسلامية0 فهناك برامج لدى الحكومات تغطى بنسب معينة من الميزانيات التخطيطية للبلد، علينا أن ندفع بالاتجاه الذي يجعل القدس من مفردات البرامج الحكومية وأن يكون للمنظمات الإسلامية دور في الصحوة الإسلامية وتحويلها من منظمات تشكل صورة للتناقضات والخلافات القائمة بين البلدان، إلى عوامل جمع للكلمة على كلمة التوحيد إذا اعتبرنا الصحوة الإسلامية هي رد طبيعي على فشل الايدولوجيات الوضعية فهذا يكفي لتصحيح مسار حركة التحرر الشعبية من الحكام السائرين في ركاب الصهيونية بإرادته او من دون ان يشعر وبالتالي نمو الوعي الإسلامي للوصول إلى حالة التكامل
أن لإمام العصر سلام الله عليه وقفة مع القدس ليست لإعادة الحق إلى نصابه فحسب بل حتى تلعب القدس دورها في حركة الإصلاح العالمي لذا فأن إعداد النفس للتوجه نحو القدس واجب يومي حتمي0
https://telegram.me/buratha