اعتاد النجفيون في كل عام أن يجتمعوا بعد إفطار يوم التاسع والعشرين من شهر رمضان أمام مكاتب العلماء يترقبون الفتوى حول إتمام عدة شهر رمضان أو الإفطار في اليوم الثلاثين منه . كما اعتادوا على الخروج في مجاميع الى شارع الرسول ومنطقة الجديدات في مركز المدينة القديمة وإلى الساحات العامة وسطوح المنازل قبل أذان المغرب بدقائق ليترقبوا الهلال في مختلف مناطق النجف.
أما في المدينة القديمة فالحال مختلفة، لأن معظم أبناء المدينة القديمة يتوجهون إلى منطقة الجبل الواقعة وسط المدينة قرب الصحن الحيدري مرقد الإمام علي( ع) والتي تسمى (جبل الحويش) وهو عبارة عن تلة ترابية؛ ليتمكنوا من رؤية أفضل للهلال.
يقول الحاج إسماعيل الغزالي لـ (أصوات العراق) المستقلة " اعتدت أن أصعد مع أبناء منطقتي فوق جبل الحويش لترقب الهلال في كل عام ، ومن يراه منا يذهب للشهادة لدى المراجع العظام وهو تقليد اتبعناه منذ زمن بعيد. "
صاحب مكتبة في شارع الرسول السيد حيدر نزار يعقب " يتجمع الناس في كل عام بعد الإفطار في مثل هذه الليلة أي ليلة التاسع والعشرين من رمضان في شارع الرسول وهم ينتظرون ما يصدره السيد السيستاني أو أي من العلماء، كل حسب تقليده، حول إتمام الصيام أو الإفطار ،فتراهم يترقبون وترتفع أصواتهم بين الحين والآخر بالصلاة على محمد وآل محمد كلما جاء أحدهم للشهادة. "
وعن دور العلماء في تثبيت رؤية الهلال يقول الشيخ مهدي الحيدري أحد أساتذة الحوزة إن "براءة الذمة إزاء الواجبات الشرعية هو هاجس كل مؤمن متدين لذلك تراهم يحرصون بشدة على اخذ الأحكام والفتاوى من المصادر الموثقة، وتتمثل عند الشيعة بالمرجعية الدينية." ويضيف "من هنا ترى الناس في بعض المناسبات يتواترون بأفواج وجماعات كبيرة ويتجمهرون أمام باب المرجع بانتظار ما يصدر منه من فتاوى ، ومن أبرز تلك المناسبات مسألة أثبات هلال شهري رمضان وشوال حيث يكون للمرجعية الدينية دور كبير في تحديد صحة شهادة الشهود بعد أن تخضع إلى ضوابط صارمة يتحرى خلالها المرجع الديني أقوال الشهود العدول ومقابلتها مع بعضها وإسقاط ما لا يثبت صحته من الأقوال إلى غير ذلك من الإجراءات الدقيقة التي تتمخض عن إعلان المرجعية ثبوت الهلال أو عدمه."
ويضيف الحيدري " النتيجة تكون ملزمة ، ينبغي على المؤمنين أن يمتثلوا لها ولا يجوز لهم مخالفتها." وعن آلية ثبوت الهلال من عدمه، والإجراءات التي يتخذها المرجع الديني مع الشهود الذين يأتون للشهادة يقول الشيخ جواد المهدوي مدير مكتب آية الله العظمى الشيخ محمد إسحاق الفياض دام ظله " الفقه الشيعي لا يرى ثبوت الرؤية إلا بالعين المجردة، ولا تنفع رؤيته بالآلات والوسائل الحديثة، وبعبارة آخرى لا يعتمدون في إثبات الهلال على ولادته ( التي يمكن ضبطها وتحديدها بالثانية بحسب الحسابات الفلكية ) ، بل لا بد من إثبات رؤيته بالعين المجردة. "
وعن الشروط والأسئلة التي تسأل للذي يرى الهلال، قال المهدوي " أول ما يسأل عنه الشاهد هو ساعة رؤية الهلال بدقة ، ومن ثم شكل الهلال من حيث الوضع ، وعند الاطمئنان لشهادته تثبت لدى المرجع رؤية الهلال ويكفي في الشهادة شاهدان، وإذ لم يتوفرا فالشياع ، أي الشائع بين الناس." ويقول السيد هادي الدنيناوي أحد العاملين في مكتب الشهيد الصدر في النجف "في ليلة الثلاثين من رمضان تفتح اغلب مكاتب العلماء حتى الصباح ، ويتهافت الناس على المكاتب لمعرفة إن كان الشهر مكملا للعدة أم لا ، وأيضاً تردنا اتصالات من مختلف أنحاء العراق ، بل وحتى من خارج العراق من البحرين والكويت والسعودية وإيران."
ويضيف الدنيناوي " ترسل العوائل النجفية من ينوب عنها في تلك الليلة إلى المدينة القديمة من مختلف مناطق النجف وأقضيتها ونواحيها ليجلبوا البشارة وليفرحوا عوائلهم بقدوم العيد وهو إجراء متبع منذ عشرات السنين ."
اصوات العراق
https://telegram.me/buratha