التقارير

بين الاخلاق والسياسة ..الابحار بلا بلل

6065 13:36:00 2009-11-27

د.يوسف رشيد

بين السياسة والاخلاق بون شاسع قليلون هم الذين تمكنوا من الوثوب بين ضفتيه دون ان يمسهم بلل ذلك البلل الناجم عن التعثر في الجمع بين ما يبدو انهما متناقضين .. بين الاخلاق والسياسة يكمن ذلك الفرق الكبير الذي يبدو احيانا غير مرئي حين يجري الحديث عن حقائق مرئية وحركة تراف الاحداث على الارض وحين تزدحم الوقائع والاحداث ويصبح من العبث التقف دقيقة للتامل والتفكير .. التفكير يتاح فقط لصنع انطلاقات جديدة بعيدا عن سياقات المثل والاخلاق التي قد تصبح ضمن اولويات ثانوية حين يجري الحديث عن الوقائع والحسابات ..ربما عبر تشارلز ديكنز عن قحة الارقام كلغة تصدا الى جانبها القيم وتتعفن المباديء بل لا تجد من يقلبها ذات اليمين وذات الشمال في رقدتها الطويلة ..حينها فقد قدم الكاتب الانكليزي عالم القيم المفقود على شكل اخطبوط متعدد الاذرع بامكانه ان يخنق النسيج الاجتماعي برمته ويكسر اضلاع البشر خاطفا منهم ذلك الشعور بالمسؤولية تجاه الاخرين ..

قد تفهم السياسة احيانا بانها الاتجاه نحو الاستحواذ على مايمكن الحصول عليه من مكاسب ومغانم تسقط الى جانبها الوسائل وتصبح المعايير والقيم عديمة الجدوى بل مفقودة اصلا ولا وجود لها ..جرى الحديث في وقت سابق من القرن العشرين في عوالم متحضرة ومتقدمة ديمقراطيا عن الطريقين الذين ينتظران ثالثا : اهو العنف من اجل التحرر ...ام الحرية التي تصبح وسيلة وغاية للبناء والتقدم !!ما بين هذين الطريق يبدو ان الكثير منا قد يظل الطريق ...وتبدو الحسابات السياسية جزءا من اسقاطات الواقع وضروراته في حين انها اعادة بناء هرمي على جثث المباديء التي لا يجب ان يخلو منها العالم الذي نعتقد انه بدونها سيكون الى زوال .. كثيرا ما يبدو في العراق ان الوضع السياسي مربك ..فهو يقرأ بطريقتين ويأول وفق معنيين ..الاول يفرغه من ثوابت الاخلاق ويزج به في متاهات السياسة وقساوتها الرقمية ...بينما يرى البعض الاخر ان لا حياة بلا قوافل من القيم التي قد تعيق التقدم في البناء الجديد لانها تثقل كواهل المشرعين والعاملين على ترجمة تلك الرؤى الى تصورات مقنعة تقود الى تحريك المجتمع ليكون نافعا ..وحتى ذلك التشبث بعالم الاخلاق قد يخطأ السبيل احيانا ما يوقعنا في فخ الحيرة وفي متاهة الانصراف نحو تكفير المثال بصوره المختلفة لصالح الممارسة الواقعية ..

حين يجري الحديث عن قتل جماعي ومقابر ونزوح سكاني مهول فان ذلك يعني مجرد ارقام تتغير على الارض من وجهة النظر البشعة ..الرقمية ..الحسابية ..الربحية ..المتمعنة في اذى الاخر وامتصاص اخر قطرة من دماء المجتمع خدمة لمصلحة وقتية يعتبرها نقطة في رصيده الكبير ..ذلك الرصيد الخالي من الانسانية والمشطوب بالدم ..ان عقلنة الواقع لا عني بالضرورة تجريد الحركة السياسية من متبنايتها الفلسفية واخضاعها لا ملاءات المصلحة المجردة من ثوابت الاخلاق ومعايير حسن السلوك ..بل انها ممكنة في ضوء نحديث التجربة وزج دماء جديدة من الحيوية الى شرايينها ومفاصل بناءها ..نظرة سريعة لسيرة الشهيد محمد باقر الحكيم تكشف الكثير من تلك القدرة العجيبة على الابحار في عالم السياسة دون الحاجة الى ستر نجاة ..فالبوصلة التي يمكنها ان تنجيك في ذلك الابحار هي الاخلاق وهي وحدها الكفيلة بجعلك بمنأى عن الانجراف الى حافات الهلاك ..

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
احمد المالكي
2010-02-04
ان خير من مثل السياسي الخلوق بل القمة في الاخلاق هو امير المؤمنين علي ع فهو ومع تعامله مع دواهي العرب الذين لايحترمون عهودهم ومواثيقهم نراه عندما يقطع وعدا يفي به ولو كان سبب قتله فيما بعد ... اقد ان اقول لا ولن يكون هناك سياسي اسلامي متكامل كـ علي بن ابي طالب ع . ومقولته المأثورة : اتريدون ان اطلب العدل بالجور .. اي ان الغايات لاتبرر الوسيله مهما كانت الغاية المنشودة شريفة .
احمد المالكي
2010-02-04
ان خير من مثل السياسي الخلوق بل القمة في الاخلاق هو امير المؤمنين علي ع فهو ومع تعامله مع دواهي العرب الذين لايحترمون عهودهم ومواثيقهم نراه عندما يقطع وعدا يفي به ولو كان سبب قتله فيما بعد ... اقد ان اقول لا ولن يكون هناك سياسي اسلامي متكامل كـ علي بن ابي طالب ع . ومقولته المأثورة : اتريدون ان اطلب العدل بالجور .. اي ان الغايات لاتبرر الوسيله مهما كانت الغاية المنشودة شريفة .
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك