في خضم تزايد الحركة الاحتجاجية العالمية ضد داعمي الحرب الإسرائيلية على غزة، انطلقت حملة "حجب 2024" أو Blockout 2024 لحظر المشاهير بسبب الحرب على غزة، أو للدقة لموقفهم من الحرب، سواء بدعم إسرائيل، أو بتجاهل الحديث عن الحرب المستمرة لـ7 أشهر.
عن حملة حظر المشاهير بسبب الحرب على غزة
الحملة الداعية لحظر حسابات المشاهير على شبكات التواصل الاجتماعي بدأت غضباً من حفل "ميت جالا" (Met Gala) حيث حضر المشاهير بأزياء فخمة، في الوقت الذي بدأت فيه إسرائيل حملة قصف عنيف على مدينة رفح.
أثارت الأزياء الفخمة والاستعراض في حفل جمع التبرعات السنوي لصالح معهد "آنا وينتور" (إعلامية بريطانية-أمريكية) للأزياء؛ أثارت غضب رواد وسائل التواصل الاجتماعي، وكان هناك مشهد محدد زاد من الغضب.
لحظة "دعهم يأكلون الكعك" كانت اللحظة المفصلية التي حولت الغضب إلى حملة حجب، وذلك عندما قالت مؤثرة أمريكية شهيرة على تيك توك تدعى هالي خليل: "دعهم يأكلون الكعكة" خارج حفل "ميت جالا"، وفقاً لما أشارت وسائل إعلام عالمية بينها شبكة NBC News الأمريكية.
هذه الكلمات المشينة، التي غالباً ما تنسب إلى ماري أنطوانيت، ملكة فرنسا خلال الثورة الفرنسية، أصبحت في المخيلة الشعبية مرادفة للنخبة المنفصلة عن حياة المواطنين العاجزين عن العثور حتى على الخبز، بينما يقترحون الكعك كبديل للخبز.
عارضة الأزياء الأمريكية التي يتابعها نحو 9.9 مليون على تيك توك كانت ترتدي فستاناً مقتبساً أيضاً من أزياء الملكة الفرنسية، وقد تسبب نشر هذا الفيديو في 7 مايو/أيار في حملة غاضبة من عارضة الأزياء، والمشاهير المنفصلين عن الواقع.
إذ تزامن الفيديو مع أزمة مجاعة يعيشها أهل غزة، حتى إنه قبل يومين فقط من فيديو خليل، قالت سيندي ماكين، رئيسة برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، في مقابلة صحفية، إن شمال غزة يعاني من "مجاعة شاملة".
لذلك؛ بدأ المستخدمون في الدعوة لحملة الحجب تحت اسم Blockout، أو "digitine" أو المقصلة الرقمية، في إشارة إلى المقصلة التي استخدمت لإعدام بعض القيادات الحاكمة في فرنسا بعد نجاح الثورة الفرنسية.
يبدو أن الحملة أثرت بشكل كبير على خليل، ليس من الجمهور فحسب، بل من حضور "ميت جالا". إذ قامت بالاعتذار بفيديو نشرته عبر حسابها على تيك توك في 10 مايو/أيار، قالت فيه إنها لم تكن لديها دعوة فعلية لحضور الحفل ولم تشارك في الحدث إلا كمضيفة مع برنامج "أخبارE!”، وبررت استخدامها للصوت بالقول إنه كان صوتاً شائعاً على تيك توك.
فيما ردت على أسئلة حول سبب عدم حديثها عما يحدث في غزة بأنها: "لست على علم بما يكفي للحديث عن الأمر بطريقة هادفة أو تعليمية"، ولم تذكر "فلسطين" أو "غزة" أو "إسرائيل" في الفيديو، رغم أن هذا هو السبب الواضح للحملة ضدها.
يبدو أن اعتذارها لم يقبل، وتأخر؛ حيث انطلقت الحملة بالفعل ضد جميع المشاهير، حيث بدأ داعمو حملة الحجب بنشر قوائم المشاهير وشركاتهم ليتم حظرها.
بدأت الحملة بأسماء أشخاص مثل الممثل الإسرائيلي والجندي السابق جال جادوت، ونجمة تلفزيون الواقع كيم كارداشيان، والمغنية الأمريكية تايلور سويفت، والمغني البريطاني هاري ستايلز.
لم تقتصر الحملة على العالم الغربي وحسب، إذ امتدت إلى إعداد قوائم بأسماء نجوم ومشاهير عرب وحتى فلسطينيين، لم يتحدثوا عن الحرب منذ اندلاعها، أو رأى الجمهور أن مواقفهم كانت مخزية.
في المقابل، دعت صفحات ومنصات عراقية، للمشاركة في الحملة العالمية وحظر الفنانين والمشاهير العراقيين الذين يتجاهلون الحديث عن الحرب في قطاع غزة ودعم القضية الفلسطينية عبر صفحاتهم الرسمية.
كيف يؤثر حظر المشاهير عليهم؟
الهدف من هذه الخطوة هو تقليل الأرباح التي يحققها المشاهير من خلال الإعلانات على وسائل التواصل الاجتماعي.
ورغم خسارة كثير من المشاهير شريحة من جمهورهم وقلة أعداد المتابعين بقيام البعض بالاكتفاء بإلغاء المتابعة، لكن بعض الخبراء يعتبرون أن الحظر أكثر تأثيراً من مجرد إلغاء المتابعة.
يقول إنستغرام عن الحظر إنه يقيد مشاهدة منشورات الشخص المحظور وتسجيل الإعجاب والتعليق والإشارة في المنشورات أو إرسال الرسائل.
ما يعني أن الشخصية الشهيرة فقدت عدداً من متابعيها بحملة الحظر هذه، ما سيؤثر على أرقام الوصول والتفاعل المعتاد، لكن خبراء التكنولوجيا قالوا إن الحجب أكثر فعالية كاستراتيجية احتجاجية من إلغاء المتابعة.
إذ قال إيدي بورخيس ري، الأستاذ المشارك المقيم في جامعة "نورث وسترن-Northwestern" في قطر، إن تأثير إلغاء المتابعة على الجمهور العام للمشاهير ومقاييس التفاعل ضئيل للغاية.
وقال الأستاذ الجامعي الذي تتناول أعماله البحثية وسائل التواصل الاجتماعي والخوارزميات إن المشاهير يعتمدون في وسائل التواصل الاجتماعي بشكل كبير على معدلات الوصول والمشاركة لجذب الصفقات الإعلانية والحفاظ عليها.
وشرح في تصريحات للجزيرة نقلها الموقع في نسخته الإنجليزية أنه عندما يقوم شخص ما بإلغاء متابعة أحد المشاهير، فإنه ببساطة يتوقف عن رؤية منشورات المشاهير في صفحاتهم الرئيسية.
لكن؛ لا يزال من الممكن أن يظهر المحتوى بشكل غير مباشر من خلال صفحات البحث الخاصة بهم أو الصفحات المعتمدة على الخوارزمية مثل صفحة Instagram Explore أو صفحات For You على TikTok وX.
مشيراً إلى أنه حتى غير المتابعين يشاهدون محتوى المشاهير إذا لم يحظروه، ولذلك؛ فإن إلغاء المتابعة لا يضر بشكل كبير بمدى وصول المشاهير.
لكن الحظر؛ يعني قطع فرصة أي تفاعل مع المحتوى الخاص بهذا الشخص. تقليل تفاعل الجمهور وحجمه يدفع خوارزميات وسائل التواصل الاجتماعي إلى تقليل أولوية ترشيح هذا المحتوى لشريحة جمهور أوسع.
ما يعني أن قيام المزيد من الأشخاص بحظر أحد المشاهير، يجعل منشوراتهم أقل ظهوراً عبر المنصة ليس فقط للمستخدمين الذين حظروهم للتو، بل أيضاً للمستخدمين الذين كان من المحتمل أن ترشح الخوارزمية محتوى هذه الشخصية لهم.
انخفاض مستوى الوصول والظهور يمكن أن يدفع المعلنين إلى تقليص مبالغ الإعلانات أو حتى التوجه إلى شخصيات أخرى أكثر وصولاً، وهذا يترك أثراً مباشراً على إيرادات إعلاناتهم.
هل حققت حملة حظر المشاهير نجاحاً؟
صحيح أن الحملة بدأت منذ أيام، وصحيح أن منصات التواصل الاجتماعي المذكورة لا توفر إحصاءات بعدد الأشخاص الذين قاموا بحظر حساب معين، إلا أن بعض المنصات والمتابعين تحدثوا عن خسارة مئات آلاف المتابعين من حسابات بعض المشاهير.
إذ ذكرت شبكة الإذاعة الوطنية العامة (NPR) الأمريكية أن المغنية الأمريكية الشهيرة تايلور سويفت فقدت ما يقرب من 300 ألف متابع على تيك توك وحوالي 50 ألف متابع على إنستغرام خلال الأسبوع الماضي.
فيما ذكرت النسخة الإنجليزية لهيئة الإذاعة والتلفزيون التركية TRT أن الممثلة والمغنية الأمريكية سيلينا غوميز فقدت مليون متابع على إنستغرام و100 ألف على منصة "إكس" (تويتر سابقاً).
وفقدت المغنية وكاتبة الأغاني بيلي إيليش 1.1 مليون متابع على إنستغرام. بينما فقدت نجمة تلفزيون الواقع كيم كارداشيان 780 ألف متابع على إنستغرام.
فيما فقدت المغنية الأمريكية بيونسيه 689 ألف متابع على إنستغرام.
وخسرت نجمة تلفزيون الواقع كايلي جينر 540 ألف متابع على إنستغرام و53 ألف متابع على منصة "إكس" (تويتر سابقاً).
كما خسرت المغنية والممثلة ريهانا 110 آلاف متابع على منصة "إكس" (تويتر سابقاً)، حسب التقرير الذي نشر يوم الإثنين 13 مايو/أيار.
https://telegram.me/buratha