التقارير

تقرير امريكي: واشنطن تنظر إلى بغداد كـ"شريك متناقض" و"عدو ضمني"


نشرت مجلة "فورين أفيرز" الامريكية تقريرا حول العلاقة بين العراق والولايات المتحدة، ونظرة الساسة الأمريكيين إلى العراق. ورأت المجلة أن العراق كان عدواً ثم صديقاً للولايات المتحدة، لكنه أصبح الآن "الصديق العدو" اعتماداً على الإدارة الحالية في واشنطن.

واعتبر التقرير أنه وبعد عامين من الاستقرار النسبي في العراق وتشكيل حكومة جديدة في الولايات المتحدة، ربما أصبح البلدان أخيراً على الطريق نحو علاقات مستدامة، مضيفة أن ممثلين من كلا البلدين التقوا في واشنطن في أوائل أغسطس/ آب؛ لبدء مفاوضات ثنائية حول شراكة دفاعية طويلة الأمد بين البلدين.

ورأت "فورين أفيرز" أن هذا الحوار بين الولايات المتحدة والعراق، وأي اتفاقيات محتملة ستتبعه، يثير مجدداً تساؤلا متكررًا حول نوع العلاقة التي ينبغي على الولايات المتحدة أن تسعى للوصول إليها مع العراق.

**العراق في العقلية الأمريكية

وأشارت الصحيفة إلى أن صناع القرار الأمريكيين حاولوا في السابق الإجابة على هذا التساؤل استنادا إلى منظورهم للعراق، وما يلعبه من دور في "العقلية الأمريكية "،

فبعد الغزو الأمريكي للعراق عام 2003 والإطاحة بالنظام، أصبح العراق بالنسبة للأمريكيين "تجربة لبناء دولة"، وشريكاً فاتراً في الحرب ضد الإرهاب أما الآن فقد كلفت إدارة الرئيس بايدن نفسها بمهمة تتجاوز هذا "الإرث المتغير" وصولا لتطبيع دائم ونهائي مع العراق.

وأشار التقرير إلى أن دور القوات الأمريكية المتمركزة حاليا في العراق، والتي يبلغ عددها نحو ألفي جندي أمريكي، يتركز على التدريب وتقديم المشورة لقوات الأمن العراقية. كما يشن الجيش الأمريكي حملات ضد تنظيم "داعش" في العراق وسوريا بالتعاون مع شركاء محليين، بما في ذلك 313 عملية من هذا القبيل عام 2022.

ورجح التقرير أن يستمر الاتفاق والدعم الفني والمشورة بين الولايات المتحدة والعراق، لكنه شدد على أن "الاستقلال النهائي" المنشود للجيش العراقي، وخاصة قوات النخبة في الميدان، يتطلب تنسيقاً أفضل بين قوات الأمن العراقية المنتشرة،

وأشار التقرير إلى أن أحد العوامل التي تعقّد التقدم في العلاقات الأمريكية العراقية هو انتشار الجماعات المسلحة التي تعمل خارج هيكل القيادة الرسمي للجيش العراقي،.

وقالت المجلة إن مساعدة العراق على تعزيز قدرات دولته هي أفضل طريقة للتحرك نحو علاقة أمريكية عراقية أكثر طبيعية وودية ولخدمة مصالح الشعب العراقي، ولكن دون المساس بأمن الولايات المتحدة.

وتابعت "فورين أفيرز" أن التاريخ الحديث للعلاقات الأمريكية العراقية هو "قصة صراع متكرر"، ففي العقد الذي سبق حرب الخليج الأولى، كان العراق على رادار واشنطن في المقام الأول، باعتباره خصم إيران في حرب مرهقة استمرت ثماني سنوات.

وبعد انتهاء الحرب، أصبح العراق سوقًا رئيسيًا للحبوب من الغرب الأوسط، على الرغم من المخاوف من قيام العراق بتكديس أسلحة الدمار الشامل.

ومع غزو صدام للكويت عام 1990، تحولت بغداد من شريك تجاري للولايات المتحدة إلى "خصم استراتيجي"، حيث شن الرئيس السابق جورج بوش الأب حرباً لتحرير الكويت، على أمل تدمير وحدات النخبة العراقية، وجعله عرضة لثورة داخلية، لكن هذه الخطة لم تنجح.

وأخيراً، أطاح غزو الرئيس جورج دبليو بوش عام 2003 بنظام صدام حسين، الأمر الذي أدى إلى اندلاع حرب أهلية أسفرت عن مقتل عشرات الآلاف. ومع استمرار الاحتلال الأمريكي، كافحت إدارة بوش لدعم قيادة عراقية جديدة تتوافق أهدافها مع أهداف واشنطن، لكنه ظل حالة مستمرة من عدم الاستقرار السياسي.

إن مراوغة واشنطن في البداية في مواجهة هذا الهجوم تركت الباب مفتوحاً أمام الجماعات الشيعية في العراق لمواجهة هذا التهديد الجديد، وتعزيز موقفها في هذه العملية.

واعتبر التقرير أن العلاقة ظلت مشحونة في ظل إدارة الرئيس دونالد ترامب، حيث كان ينظر للعراق من قبل المسؤولين الأمريكيين باعتباره "دمية" بيد إيران، وعاملوا العراق بريبة وازدراء. وقد ركزت واشنطن حتى الآن على التعاون الاقتصادي مع التقليل من أهمية العلاقات العسكرية بين الولايات المتحدة والعراق، وهو التحول الذي أصبح ممكناً بفضل التحلل التدريجي لتنظيم "داعش" في السنوات الأخيرة.

العراق دولة صديقة وليست حليفة

والآن، تحوّل إدارة بايدن اهتمامها إلى العنصر العسكري في هذه العلاقة، حيث ستواصل واشنطن تقديم الدعم العسكري للعراق، معتبرة أنه وبدلاً من تقديم "التزامات مفتوحة" تجاه الجيش العراقي، فإنه يجب على واشنطن التركيز على عناصره الأكثر فعالية، مثل جهاز مكافحة الإرهاب. ومع تقدم الولايات المتحدة والعراق نحو إقامة علاقات دبلوماسية طبيعية، يجب أن يتبع ذلك سحب القوات الأمريكية مع الحفاظ على المساعدات، وهو أمر اعتبر التقرير أنه سيكون صعبا، فالتركيز الحالي على القضايا الاقتصادية والتنسيق والمساعدة العسكرية المتواضعة نسبياً يشير إلى المستقبل المنشود للعراق، كصديق وليس كدولة حليفة للولايات المتحدة.

"شريك متناقض" و "عدو ضمني"

وأشار التقرير إلى وجود بعض الجماعات الشيعية في العراق، ، و"تسامح" الولايات المتحدة مع هذه الوقائع، حيث يرى المتشككون في واشنطن أن استعداد إدارة بايدن للتعايش مع هذا الوضع بدلاً من القضاء عليه عسكرياً، أو جعل المساعدات الأمريكية مشروطة بمحاصرة الجماعات، دليل على الضعف الأمريكي.

ومن وجهة النظر هذه، فإن العراق هو في أحسن الأحوال "شريك متناقض"، وفي أسوأ الأحوال "عدو ضمني"، وبالنظر إلى ذلك  فإن العراق لا يمكن أن يكون شريكا إقليميا مستقلا، فالولاءات المتنافسة داخل الجيش العراقي تمثل مشكلة، حيث تعيق الميليشيات الدولة من تعزيز سلطتها بشكل كامل، وعلاوة على ذلك، تستوعب الميليشيات الشباب العاطلين عن العمل الذين قد ينخرطون في أنشطة إجرامية أوعنيفة. ورغم أن الجماعات قد لا تقدم سوى رواتب هزيلة لهم، لكنها تساعد في إبقاء الاقتصاد العراقي الضعيف على قيد الحياة، وإبعاد مجنديها عن المشاكل.

وتشكل الجماعات مصدر إزعاج للأمريكيين وتهديدا لهم، ومصدرا محتملا للتصعيد بين الولايات المتحدة وإيران طالما بقيت القوات الأمريكية في العراق، لكن الحل لهذه المعضلة لا يكمن في محاربة الجماعات بشكل مباشر أو إرغام الحكومة العراقية على كبح جماحها، ولكن عبر تطبيق "الدبلوماسية التقليدية" من خلال تعزيز قدرة الدولة العراقية عبر الوسائل الأبطأ والأكثر استدامة، والمساعدات المستهدفة والتعاون الاقتصادي، وفقا التقرير.

ما الذي تدين به أمريكا للعراق؟

ويشير التقرير إلى أن الولايات المتحدة حولت اهتمامها بالفعل إلى المشاكل الخطيرة الأخرى التي يعاني منها العراق، حيث يتمثل النهج العام للولايات المتحدة في تجاوز المخاوف الأمنية وإعطاء الأولوية للمسائل الاقتصادية والإنسانية الملحة.

وأشار التقرير إلى أن واشنطن تتحمل مسؤولية أخلاقية لمساعدة العراقيين، فعلى مدى 30 عاما، ألحقت الولايات المتحدة أضرارا جسيمة ب‍العراق، مضيفا أن مساعدة العراق على التعافي من عقود من الصراع، بدلاً من إلقاء اللوم عليه بسبب هيكل الجماعات الذي هو في حد ذاته نتاج الغزو الأمريكي، من شأنه أن يجعل الموقف الإقليمي للولايات المتحدة أكثر أمانًا، ويعزز سمعتها من حيث الموثوقية.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك