قالت وسائل إعلام سويدية، إن الأعمال المتكررة لحرق المصاحف الشريفة في الأشهر التسعة الماضية كلفت البلاد قرابة 200 ألف دولار، حيث أدت الأعمال الاستفزازية من قبل السياسي السويدي الدنماركي راسموس بالودان، واللاجئ العراقي سلوان موميكا، الذي يقيم بالعاصمة ستوكهولم، إلى خسارة الدولة 2.2 مليون كرونة سويدية (نحو 199.300 دولار)، وفقاً تقرير لإذاعة "Sveriges Radio" المحلية.
أوضح التقرير أن "هذه الاستفزازات والاعتداءات كبدت حكومة السويد تلك التكاليف المادية، على خلفية نشر المزيد من ضباط الشرطة وتعطيل قيام العديد منهم بواجباتهم الاعتيادية".
تكرر حوادث حرق المصحف في السويد والدنمارك
تكررت مؤخراً في السويد والدنمارك حوادث الإساءة للمصحف من قبل يمينيين متطرفين أمام سفارات دول إسلامية، ما أثار ردود فعل عربية وإسلامية غاضبة رسمياً وشعبياً، إضافة إلى استدعاءات رسمية لدبلوماسيي الدولتين في أكثر من بلد عربي.
في سياق متصل، فقد ارتفعت نسبة السويديين الذين يؤيّدون فرض حظر على حرق القرآن الكريم وغيره من الكتب المقدسة لدى مختلف المعتقدات إلى 53%.
وأوضح أحدث استطلاع أجرته شركة SIFO السويدية، أن نسبة المواطنين المؤيدين لهذه الخطوة باتت أعلى بنقطتين من الاستطلاع السابق، لتصبح 53%.
في المقابل، أيّد 37% "حرق الكتب المقدسة ضمن نطاق حرية التعبير"، فيما لم يُبد الباقون رأياً محدداً، بحسب الاستطلاع ذاته. وشمل الاستطلاع 1291 مواطناً سويدياً تم اختيارهم عشوائياً في الفترة من 15 إلى 27 أغسطس/آب الجاري.
تغيير قانون الاستفزازات ضد القرآن
يأتي ذلك، فيما تستعد الحكومة والمعارضة الرئيسية في السويد، لتغيير قانون الاستفزازات ضد القرآن. وفي هذا الإطار، أعلنت الحكومة في وقت سابق أنها تقوم بمراجعة قانون النظام العام لمنع الهجمات المتزايدة على القرآن الكريم في البلاد.
وقال وزير العدل جونار سترومر، في مؤتمر صحفي، إن تقريراً عن القانون سيُقدّم إلى البرلمان بحلول الأول من يوليو/تموز 2024 على أبعد تقدير.
من جانبها، ذكرت ماغدالينا أندرسون، رئيسة الحزب الاشتراكي الديمقراطي المعارض، أنهم يحققون في تعديل لقانون النظام العام، مشيرة إلى أن الاستفزازات بحرق القرآن الكريم يمكن أن تشكل "جريمة كراهية".
هذا التطور في السويد يأتي تماشياً مع إجراءات في الاتجاه نفسه بالدنمارك، حيث تم اقتراح قانون يحظر تدنيس الكتب المقدسة الأسبوع الماضي، وفق وزير العدل بيتر هوميلغارد.
وقال هوميلغارد في مؤتمر صحفي، إن الهدف الوحيد من الهجمات على الكتب المقدسة هو "إثارة الكراهية وزرع الفتنة"، وإن مشروع القانون المعني سيُدمج مع القانون الذي يحظر حالياً حرق أعلام الدول.
وأوضح أن "هذا القانون سيعاقب من يحرقون القرآن والكتاب المقدس في الأماكن العامة، ولن يستهدف إلا الأفعال المماثلة في الأماكن العامة أو التي تنفذ بغرض نشرها في بيئة أوسع".
ومن المتوقع أن يتم تقديم الاقتراح إلى البرلمان المؤلف من 179 مقعداً في سبتمبر/أيلول المقبل، والتصويت عليه في أكتوبر/تشرين الأول بعد المشاورات البرلمانية.
مبادرة "اقرأوه لتفهموه"
من جهتها، أطلقت منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة "إيسيسكو"، مبادرة "اقرأوه لتفهموه"، للرد على تكرار حرق نسخ من المصحف في عدة دول أوروبية.
جاء ذلك في كلمة المدير العام لـ"إيسيسكو" سالم بن محمد المالك، خلال الجلسة الافتتاحية لمؤتمر دولي يحضره العديد من العلماء ورؤساء الجامعات الإسلامية في العاصمة المغربية الرباط، وفق بيان للمنظمة.
وقال المالك في مستهل كلمته بالمؤتمر العلمي الدولي بعنوان "تأطير الحريات وفق القيم الإسلامية ومبادئ القانون الدولي"، إن المنظمة أطلقت مبادرة "اقرأوه لتفهموه"، رداً على حرق المصحف.
وأشار إلى أن المبادرة "تتميز بالشمول والدقة والجدية كرد فعل إيجابي في مواجهة تلك الحملات البائسة". ودعا المدير العام إلى تضافر الجهود لإبراز الوجه الحقيقي للحضارة الإسلامية، وفق المصدر ذاته.
من جانبه، قال محمـد بن عبد الكريم العيسى، الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، إن "الحريات لا يمكن أن تكون بلا ضوابط"، مشيراً إلى أن "الحقوق والحريات مضمونة في الشريعة الإسلامية"، وفق البيان نفسه.
وأشار إلى أن "الجهل والماديات والأحقاد والأيديولوجيات تدفع الناس للالتفاف حول أنفسهم".
الدكتور شوقي علام، مفتي مصر، قال بدوره إن "القرآن الكريم يدعو إلى الالتزام بالواجب المقابل للحق، وإنه لا معنى للتقدم والتطور من دون الأخلاق"، وفق المصدر نفسه.
يذكر أنه في 26 يوليو/تموز 2023 تبنت الأمم المتحدة قراراً بتوافق الآراء، صاغه المغرب، يدين جميع أعمال العنف ضد الكتب المقدسة، باعتبارها انتهاكاً للقانون الدولي.
https://telegram.me/buratha