كشفت مجلة "الإيكونوميست" البريطانية العريقة، بأن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، مستعد لتجاوز مبادرة السلام العربية في حال التوصل لاتفاق للتطبيع مع إسرائيل، إلا أنه يطلب "مهرا" كبيرا مقابل ذلك.
وذكرت المجلة البريطانية في تقرير لها إن الرئيس الأمريكي جو بايدن أراد من محمد بن سلمان تصعيد العلاقات مع إسرائيل لجعلها رسمية، لكن اللحظة لا تزال "غير مناسبة" للسعوديين لأن إسرائيل تقودها حكومة صعبة، في وقت اتهمت فيه جامعة الدول العربية هذا الشهر "نتنياهو" بارتكاب "جريمة حرب" بشن هجوم على مخيم للاجئين الفلسطينيين في جنين.
ومع ذلك، تأمل إدارة بايدن في التوصل إلى اتفاق بحلول نهاية العام لتطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل، حيث سافر مساعدو الرئيس الأمريكي إلى المملكة العربية السعودية في الأسابيع الأخيرة للاستفسار عن مطالب محمد بن سلمان.
وأوضحت المجلة أنه كان لدى بن سلمان بالفعل إجابة: لقد أراد "مهرًا كبيرًا" من الأمريكيين، بما في ذلك الأسلحة والمعاهدات الأمنية والمساعدة في البرنامج النووي الناشئ للمملكة.
ووفقا للمجلة، فإنه بعبارة أخرى، لن يكون التطبيع أشبه بصفقة سعودية إسرائيلية أكثر من صفقة سعودية أمريكية، مشيرة إلى أن مؤيدي مطالب محمد بن سلمان يقولون إنه في بداية حقبة جديدة في الشرق الأوسط ويستحق هذا السعر.
ونوهت المجلة إلى انه في أول 72 عامًا من قيام الدولة، أقامت إسرائيل علاقات رسمية مع دولتين عربيتين فقط هما: مصر والأردن، بينما أضيفت 4 دول أخرى في 4 أشهر من عام 2020 ، وهي: البحرين والمغرب والسودان والإمارات ، من خلال اتفاقيات إبراهيم.
وجعل الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب توسيع علاقات إسرائيل في المنطقة على رأس أولوياته، كما فعل خليفته جو بايدن، ويبدو أن المملكة العربية السعودية تفوز دائمًا في هذا الصدد، لأنها أكبر اقتصاد في المنطقة ومهد الإسلام.
لكن التوقعات بتطبيع العلاقات السعودية الإسرائيلية تضاءلت منذ عودة بنيامين نتنياهو إلى السلطة في إسرائيل في ديسمبر الماضي، موضحة أنه بينما تستمر صفقات التطبيع السابقة ، خفت حدة الحماس العام بين أصدقاء إسرائيل الجدد.
وقالت المجلة أنه لا يزال المسؤولون السعوديون خجولين بشأن التطبيع العام ، لكن في الأشهر الأخيرة يعتقد العديد من الخبراء أن الصفقة ممكنة بالفعل.
ولفتت إلى أنه لطالما أكدت المملكة العربية السعودية أنه لا يمكنها الاعتراف بإسرائيل إلا إذا قبلت مبادرة السلام العربية، وأيدت الجامعة العربية الخطة عام 2002 كشرط لعلاقات طبيعية مقابل إقامة دولة فلسطينية.
وأشارت المجلة إلى أن وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان لم يشر إلى المبادرة في مؤتمر صحفي مع نظيره الأمريكي في الرياض الشهر الماضي، وبدلاً من ذلك ذكر "طريق إلى السلام" للفلسطينيين: فبدونه، "أي تطبيع ستكون له فوائد محدودة" حسب قوله.
واعتبرت المجلة أنه لم يمر التحول في الخطاب دون أن يلاحظه أحد من قبل صناع السياسة في واشنطن، الذين يدركون أن المملكة العربية السعودية تريد دفع ثمن التطبيع في شكل صفقة دفاعية أقوى ستجبر الولايات المتحدة على حماية المملكة.
وبحسب المجلة، تريد المملكة العربية السعودية أيضًا وصولاً أسهل إلى الأسلحة الأمريكية ومساعدة الولايات المتحدة لبرنامجها النووي المدني، الذي يشمل منشآت تخصيب اليورانيوم على الأراضي السعودية.
وذكرت المجلة أن دعم الولايات المتحدة لتطبيع العلاقات العربية الإسرائيلية ليس بجديد، حيث قدمت الولايات المتحدة لمصر أكثر من 50 مليار دولار من المساعدات العسكرية منذ إحلال السلام بين مصر وإسرائيل في عام 1979.
كما نوهت إلى تعهد "ترامب" ببيع طائرات مقاتلة من طراز F-35 من خلال صفقة أبراهام لجذب الإمارات، على الرغم من أن الولايات المتحدة لم تسلمها بعد.
وبحسب المجلة، فإنه مع ذلك، فإن المطالب السعودية تتجاوز الأموال أو الأسلحة، ومن غير المرجح أن يتم تلبيتها، مشيرة إلى أن التصديق على معاهدة دفاع رسمية من قبل مجلس الشيوخ الأمريكي يعد أمرا نادرًا.
ونوهت إلى ان صفقات السلاح الامريكية عادة ما تتطلب موافقة الكونجرس، في وقت أعرب فيه عدد كبير من المشرعين عن خشيتهم من إرسال أسلحة إلى السعودية.
وأوضحت المجلة أن البرنامج النووي السعودي المقترح سيكون أكثر إثارة للجدل، فإصرار السعودية على تخصيب اليورانيوم، في وقت قامت فيه إيران بتخصيب لدرجة تكاد تصل إلى مستوى صنع الأسلحة، من شأنه أن يثير مخاوف من حدوث سباق تسلح إقليمي.
https://telegram.me/buratha