محمد صادق الحسيني ||
صحيح ان البطولات التي يسجلها الفدائيون الفلسطينيون ، في جنين ومخيمها على وجه الخصوص وفي شمال الضفة الغربية بشكل عام ، هي بطولات تاريخية تدون في السجل الذهبي للعمليات الفدائيه الفلسطينية ،قديمها وجديدها ، الا ان العملية الفدائية التي نفذت ظهر اليوم ، على الطريق المؤدي الى مستوطنة عيلي الصهيونيه ، شمال رام الله / على الطريق الموصل الى نابلس / عبر حاجز زعترة ثم حاجز حوارة ، عند المدخل الجنوبي لمدينة نابلس ، نقول : الا ان هذه العمليه الجريئة الناجحة تختلف عما سبقها من عمليات فدائية ، للاسباب التالية :
١) كونها تؤكد وجود غرفة عمليات ، تقود المواجهة بين الفدائيين الفلسطينيين في الضفة الغربية ، وبين جيش الاحتلال الاسرائيلي ، وان هذه الغرفة قد قررت توسيع رقعة المواجهة المسلحة مع جيش الاحتلال ، ليس لتخفيف الضغط العسكري والامني عن شمال الضفة فحسب ، وانما لتحقيق مزيد من استنزاف قوات الاحتلال على طول الضفة وعرضها .
٢) وهنا لا بد من التأكيد على الحقيقة التاريخية ، التي حصلت بداية سنة ١٩٦٨ وقبل معركة الكرامة في ٢١/٣/١٩٦٨ ، عندما سأل الرئيس المصري الراحل ، جمال عبد الناصر ،الزعيم الفلسطيني ابو عمار عما اذا كان بامكان قوات الثورة الفلسطينية مواصلة الضغط العسكري على قوات الاحتلال ، من خلال تصعيد العمليات الفدائية في منطقة الاغوار الفلسطينية المحتلة ( شرق الضفة الغربيه الممتد من جنوب البحر الميت جنوبا حتى بحيرة طبريا شمالاً ، وذلك بهدف تثبيت لواء من القوات البرية الاسرائيلية في تلك المنطقة ، تخفيفاً للضغط على القوات المصرية على طول قناة السويس ، خاصة وان القيادة المصرية آنذاك كانت تستعد لاطلاق حرب الاستنزاف ، ضد جيش الاحتلال الاسرائيلي في سيناء ، ما استلزم زج كافة القدرات العسكرية العربية في تلك المعركة ، التي مهدت لانتصار حرب تشرين / اكتوبر ١٩٧٣ .
٣) واذا ما نظرنا الى الخريطة المرفقة ، وهي خريطة مستطيل بطول اربعين وعرض عشرين كيلومتراً ، يمتد من نابلس شمالاً الى مداخل رام الله الشمالية جنوبًا ، وهو المستطيل الذي يحتاج الى لوائي قوات مشاة ميكانيكية ( مدرعات ) لتأمينه ، وليس للواءٍ واحد فقط ، لكثرة ما فيه من المستوطنات الصهيونية .
و اذا ما أضفنا الى هذا المستطيل شمال الضفة ، نابلس ، جنين طولكرم ،قلقيلية ، وجنوبها امتداداً من القدس وضواحيها ، مروراً بمدينة بيت لحم ووصولاً محافظة الخليل ، التي هي اكبر محافظات الضفة الغربية المحتلة ، مساحةً وسكاناً ، فان جيش الاحتلال سيكون بحاجة لفرقتين من قواته لتأمين كل هذه المساحة ، البالغة حوالي خمسة آلاف كيلومترا مربعاً ، والمزروعة بالفدائيين ، الذين ستتوسع عملياتهم باتجاهات اخرى ، في القادم من الايام.
٤) وبناءً على ما تقدم فان أهمية العملية الفدائية الفلسطينية ، التي نفذت اليوم على مفرق مستوطنة عيلي الصهيونية ، لا تنبع فقط من حجم الخسائر البشرية الاسرائيلية ، وانما من ابعادها العملياتية ، الحالية والمستقبلية ، التي ستجبر قوات الاحتلال على استنزاف وحداتها المقاتلة في اوحال الضفة الغربية المحتلة ، تماماً كما غرقت هذه الوحدات ، خاصة قوات المدرعات والدبابات القتالية الثقيلة ، في اوحال الضفة الغربية ، إبتداءً من شهر ايلول سنة ٢٠٠٠ ، تاريخ انطلاق انتفاضة الاقصى التي اطلقها الرئيس الفلسطيني ابو عمار ، والتي استمرت حتى نهايات سنة ٢٠٠٥ ، عندما اطلقت الادارة الاميركية ، ممثلة بالجنرال الاميركي دايتون ، بالتعاون مع السلطة الفلسطينيه برئاسة ابو مازن ، مشروع تفكيك التشكيلات العسكرية الفدائية الفلسطينية ، في كافة انحاء الضفة الغربية .
لكن تطورات المواجهة مع جيش الاحتلال الاسرائيلي ، وصولا الى العدوان الاسرائيلي على لبنان سنة ٢٠٠٦ ، قد اثبتت ( التطورات ) ان اضراراً فادحةً قد لحقت بالجبش الاسرائيلي ، في مجالات التدريب والاستعداد القتالي ، كما في مجال استهلاك التجهيزات القتالية والاهمال الاضطراري لعمليات الصيانة الدورية لهذه التجهيزات ، خاصة قوات الدروع ( دبابات ومدرعات قتالية ) ، الامر الذي اوصل هذه القوات الى مجزرة الدبابات في وادي الحجير ، وهو ما سيوصلها الى مجازر اودية كثيرة ، بعد مجزرة المدرعات في جنين ومخيمها يوم امس.
لهذا ولغيره يمكن القول بما يشبه اليقين بان
العدو الصهيوني كاذب عندما سيقول لكم انه كان يتوقع مثل هذه العمليات
لا تصدقوه ، فهو لم يكن يعرف شيئا عن عملية نابلس / رام الله
تماما كما انه لم يكن يعرف شيئاً عن تحضيرات واستعدادات كتيبة جنين يوم مجزرة عرباته على عتبة المخيم
ولم يكن يعرف انهم طوروا اشكال المواجهة ، وصنعوا عبوات جديدة محلية ، تطيح بناقلة الفهد او النمر الاسرائيلية التي اصبحت هشيما تذروه الرياح..
وانهم استطاعوا ايضاً ان يجبروا الهيليوكبتر الاپاتشي الامريكية ليلتها في العفولة بانتظار ان تاتي جرافاتهم او رافعاتهم لتنقلها مكسورة الجناح الى تل ابيب
ما جرى بين جنين ورام الله هو فشل امني واستخباري ذريع لكل اجهزة الامن والاستخبارات الاسرائيلية
ونجاح هائل ونوعي للمقاومة كل فصائل المفاومة ، ما يرفع من مستوى الصراع
ويتجه ليغير قواعد الاشتباك في الضفة الغربية
وهذا يعني ما يعني ايضا ليس فقط "لبننة "المقاومة في الضفة بل و ان ايران والتي هي على راس المحور وبفضل سواعد المقاومين المؤمنين من فصائل المقاومة الفلسطينية بالطبع قد تمكنت من تحقيق نقلة نوعية مهمة:
بان نقلت الصراع الى كل شبر من الضفة الغربية وفتح جبهة اشتباك من النقطة صفر مع العدو ، وتحديداً كانت البداية من جنين
سيكون افقه تبلور غزة ٢ ، أو كما قال يحيى السنوار قبل اشهر تحرير الضفة الغربية!!!!!
ان اجتماع قيادتي الجهاد وحماس في طهران مع القيادة الايرانية العليا خلال الساعات الماضية والتشاور المستمر مع كافة مستويات المعنيين ايرانياً امنيا وعسكريا
وتتويج لقاءاتهما باجتماع مشترك هام جداً لقيادة الفصيلين مع قائد قوة القدس الجنرال اسماعيل قاءاني ، يُظهر مدى تطور مستوى التنسيق في محور المقاومة، وترجمة نظرية وحدة الساحات الى خارطة طريق في فلسطين.
روحك حاضرة وشاهدة ايها المناضل الاممي الكبير الحاج قاسم سليماني
والله معك يا فلسطين وقد رايته كما رأته جماهير المخيم وهو يقاتل معنا في شوارع مخيم جنين واليوم يناول البندقية
لابطال الضفة ليكملوا الطريق نحو القدس والمسجد الاقصى.
*وما النصر الا صبر ساعة *
*بعدنا طيبين قولوا الله *
https://telegram.me/buratha