عادل الجبوري ||
شهدت الاسابيع القلائل الماضية، عقد اجتماعات بين وفود ايرانية ومصرية في العاصمة العراقية بغداد تمهيدا لاعادة وتطبيع العلاقات بين البلدين بعد قطيعة تكاد تكون كاملة امتدت لاكثر من اربعين عاما، وتحديدا منذ انتصار الثورة الاسلامية في ايران بزعامة الامام الراحل روح الله الموسوي الخميني، على خلفية المواقف الايرانية والمصرية المتناقضة والمتقاطعة حيال القضية الفلسطينية، بعد ابرام اتفاقيات كامب ديفيد بين مصر والكيان الصهيوني في السابع عشر من شهر ايلول-سبتمبر 1978، وبعد الاطاحة بشاه ايران محمد رضا بهلوي في العاشر من شهر شباط-فبراير 1979.
وبحسب مصادر دبلوماسية واعلامية عراقية ومصرية وايرانية، فأنه منذ بداية شهر اذار-مارس الماضي، التقت وفود سياسية وامنية ايرانية ومصرية في بغداد واجتمعت لساعات طوال بحضور مسؤولين عراقيين وبحثت جملة من المواضيع والملفات الخلافية، وسبل واليات التغلب على المشكلات والاشكاليات بين الطرفين لفتح صفحة جديدة والشروع بمرحلة من العلاقات مختلفة عما كانت عليه الامور خلال العقود الاربعة الماضية.
وقبل اذار-مارس الماضي، لاحت العديد من الاشارات الايجابية من كلا العاصمتين، لعل ابرزها تمثل باللقاء الذي جمع وزير الخارجية الايراني امير حسين عبد اللهيان مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في العاصمة الاردنية عمّان مطلع شهر كانون الثاني-يناير الماضي على هامش قمة بغداد الثانية. وفي حينه صرح المتحدث الرسمي بأسم الخارجية الايرانية ناصر كنعاني قائلا، "إن مصر دولة مهمة في المنطقة وما تحتاجه المنطقة هو التآزر بين إيران ومصر، ونؤمن باتخاذ خطوات جديدة لتحسين علاقاتنا".
وفي موضع اخر، قال كنعاني، ان بلاده أعلنت سابقا أنه "ليس لديها أي قيود على توسيع علاقاتها مع الدول العربية والإسلامية، وهذا المسير من أولويات سياساتها الخارجية، وإرادة القاهرة في زيادة مستوى التعاون بين مصر وإيران يمكن أن تسهل هذا المسير".
لاشك انه الى جانب الاختلافات الحادة والتقاطعات الكبيرة في سياسات ومواقف طهران والقاهرة، لاسيما ما يتعلق بالعلاقات مع الكيان الصهيوني، فأن مجمل الوقائع والاحداث العالمية والاقليمية، وطبيعة الاصطفافات والتحالفات، القت بظلالها الثقيلة طيلة اربعة عقود من الزمن على واقع العلاقات المتأزمة بين طهران والقاهرة لتزيدها تأزما وتعقيدا.
ولم يك العراق بحكم ظروفه واوضاعه السياسية العامة، خصوصا بعد الاطاحة بنظام صدام في ربيع عام 2003، بعيدا عن التأثر بأجواء العلاقات الايرانية المصرية المضطربة، رغم انه نجح الى حد ما في الموازنة بين المتناقضات، من خلال الحفاظ على علاقات وروابط ايجابية متميزة مع طهران بشتى الجوانب والمجالات، وترسيخ علاقاته مع القاهرة مع التمسك بمواقفه المبدئية الداعمة للقضية الفلسطينية والرافضة لكل اشكال ومظاهر التطبيع مع الكيان الصهيوني.
وما ساهم في ذلك، ان ايران احترمت وتفهمت خصوصيات العراق وطبيعة ظروفه التي تحتم عليه مد خيوط التواصل مع مختلف الاطراف الاقليمية والدولية، حتى المعادية لها-اي لايران-مثل الولايات المتحدة الاميركية، وكذلك ان مصر، لم تتورط بدعم الجماعات والتنظيمات الارهابية التكفيرية في العراق، بل انها ربما تكون قد تضررت منها، كما حصل مع سفيرها في العراق ايهاب الشريف الذي اختطفته ثم قتلته عناصر تابعة لتنظيم القاعدة منتصف عام 2005. فضلا عن ذلك فأن مصر نأت بنفسها عن الاصطفاف مع بعض الاطراف العربية والاقليمية والدولية التي تبنت مشروع اسقاط النظام السياسي العراقي الذي تشكل بعد عام 2003 بسبب نفوذ وهيمنة القوى الشيعية القريبة من ايران عليه، في ذات الوقت فأن العديد من التيارات والشخصيات السياسية الشيعية والسنية والكردية كانت لديها علاقات طيبة مع مختلف الاوساط والمحافل السياسية المصرية. هذا الى جانب وجودد مصالح اقتصادية لمصر في العراق، حيث ان هناكك نقاط التلاقي بين القاهرة وطهران في بغداد
ــــــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha