عادل الجبوري ||
مثلت زيارة الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني الأدميرال علي شمخاني للعراق دفعة جديدة في مسيرة تطوير وتعزيز العلاقات الاستراتيجية بمختلف الجوانب والمجالات بين العراق والجمهورية الإسلامية الإيرانية، وخطوة أخرى في سياق الجهود المبذولة لنزع فتيل الأزمات بين دول المنطقة، وإعادة المياه إلى مجاريها.
وكان قد التقى شمخاني في بغداد كبار المسؤولين العراقيين، وفي مقدمتهم رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، ونظيره العراقي قاسم الأعرجي، وعددًا من كبار الشخصيات والزعامات السياسية العراقية من مختلف الاتجاهات.
وتمحورت مجمل اللقاءات حول أهمية تعزيز العلاقات العراقية - الإيرانية، والعمل المشترك لاحتواء التوتر بين مختلف الأطراف بما يعود بالنفع على كل شعوب المنطقة، ويقطع الطريق على الأجندات والمشاريع الخارجية التي يُراد منها تغذية الصراعات والنزاعات وتكريس مظاهر التشتت والتشرذم والانقسام العربي والإسلامي.
وأكد الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، الذي أبرم اتفاقًا أمنيًا مع مستشار الأمن الوطني العراقي قاسم الأعرجي برعاية السوداني أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية مستعدة على الدوام لدعم الأمن والاستقرار والازدهار في العراق، معتبرًا أن العراق الموحد والقوي يشكل قطبًا لتعزيز الاستقرار في المنطقة.
وأضاف شمخاني أن "العراق الذي استطاع أن يجتاز المشاكل السياسية والأمنية المفروضة عليه خلال السنوات الماضية، سيكون قادرًا على استعادة دوره الفاعل في العالمين العربي والإسلامي، وسيصبح لاعبًا اقليميًا مهمًا في التطورات الإقليمية والدولية".
وأوضح "أن أي توتر وأزمة داخل المناطق الحدودية المشتركة بين إيران والعراق، سيخل باستقرار وأمن المواطنين ويربك مسيرة التنمية داخل المدن الحدودية"، مشددًا "على ضرورة التصدي للعناصر الداخلية والخارجية المثيرة للتوترات واقتلاع جذورها بكل حس".
وثمّن المسؤول الإيراني دور العراق الفاعل في تقريب وجهات النظر وحل المشاكل والعقد القائمة بين بعض اطراف المنطقة، في إشارة الى التقارب الإيراني السعودي الأخير الذي جاء بعد سلسلة من جولات الحوار برعاية وتنسيق الحكومة العراقية التي تكللت بإبرام اتفاق في العاصمة الصينية بكين يقضي باستئناف العلاقات الدبلوماسية بينهما، وإعادة فتح سفارتي البلدين في غضون شهرين بعد إغلاقها منذ حوالى سبعة أعوام.
بالمقابل، أكّد رئيس مجلس الوزراء العراقي "موقف العراق الثابت الرافض لأن تكون الأراضي العراقية منطلقًا للاعتداء على أيّ من دول الجوار، أو أي مساس بالسيادة الوطنية العراقية".
وفي الوقت نفسه، أثنى السوداني نيابة عن الحكومة والشعب العراقي على دور إيران المساند ولا سيما خلال الأيام العصيبة، واصفًا الشهيدين قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس بأنهما "نموذج آخر للتعاطف والأواصر التي تجمع الشعبين الإيراني والعراقي ببعضهما بعضًا".
وفي ما يتعلق بالاتفاق الأمني المبرم بين بغداد وطهران، بيّن السوداني أنّه "يدل على رؤية المسؤولين العراقيين والإيرانيين أنّ أمن البلدين ليس منفصلًا عن بعضهما البعض".
وجاءت زيارة شمخاني لبغداد بعد زيارة قام بها لدولة الإمارات العربية المتحدة، حيث التقى رئيسها محمد بن زايد، ورئيس مجلس الأمن الإماراتي طحنون بن زايد، وعددًا آخر من المسؤولين الاماراتيين، علمًا أن زيارة شمخاني لأبو ظبي تزامنت مع زيارة الرئيس السوري بشار الأسد إليها.
وبدا واضحًا أنّ وتيرة الحراك الاقليمي تأخذ منحًى متسارعًا نحو حلحلة المشاكل والأزمات، لا سيما بعد الاتفاق الإيراني السعودي على إعادة العلاقات بين البلدين، حيث إنّ هناك مؤشرات واضحة على أنّ البحرين تتجه الى اتخاذ خطوة مماثلة للخطوة السعودية، في سياق سعيها لإنهاء أعوام من التوتر والقطيعة مع إيران.
ــــــــــ
https://telegram.me/buratha