عمار الجادر ـ متابعة ||
ما أشبه "خطاب الكذب" الذي القاه الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يوم الاربعاء الماضي امام الكونغرس الامريكي، إعدادا وإخرجا وتمثيلا وحتى ديكورا، بتوأمه "خطاب الكذب" الذي القاه رئيس وزراء الكيان الإسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو امام الكونغرس الامريكي عام 2015.
حينها وعندما كان نتنياهو "يحذر" في خطابه "من خطر النووي الايراني"، كان اعضاء الكونغرس يقفون مرارا وهم يصفقون بحرارة، تأييدا لما يقوله، رغم علمهم ان الرجل كان يكذب. ويوم الاربعاء الماضي، كانت موجة التصفيق ذاتها، ترتفع في الكونغرس الامريكي، تأييدا لخطاب زيلينسكي، وهو "يحذر من خطورة المسيرات الايرانية على البنية التحتية لاوكرانيا"، رغم علم الجميع ان الرجل كان يكذب.
يبدو ان الشيء المهم لدى الامريكيين في حفلات الكذب هذه، هو ان تُتهم ايران، وليس مهما لديهم حقيقة هذه الاتهامات، فهم عندما وقفوا يصفقون لنتنياهو عام 2015، وهو "يحذر من خطر النووي الايراني الوشيك"، كانوا قد سمعوا نفس التحذير منه عام 1992 وهو يتحدث الى احدى قنوات التلفزيون "الإسرائيلي"، عندما قال "أن إيران على بعد ثلاث إلى خمس سنوات من امتلاك السلاح النووي". كما سمعوا منه عام 1996، في الخطاب الذي القاه امام الكونغرس، من ان ايران" تقترب جدا من امتلاك قنبلة نووية".
هؤلاء الذين صفقوا لنتنياهو عام 2015، أخبرهم نتنياهو نفسه في عام 2009، عندما كان مرشحا لرئاسة الوزراء، وفقا لما كشفت عنه وثائق ويكيليكس، "ان إيران على بعد سنتين أو ثلاث من امتلاك القدرات النووية"، والمضحك انه وفي نفس السنة، وبعد وصوله لمنصب رئيس الوزراء، أكد لوفد سياسي أميركي، أن إيران "امتلكت القدرة فعليا لصناعة قنبلة نووية، وأنها تستطيع صناعة أكثر من قنبلة خلال سنة أو سنتين"!!.
اللافت ان نتنياهو الكذاب، يعود في عام 2010 ليقول في لقاء مع مجلة "ذي أتلانتك جفري غولدبرغ"، "ان إيران باتت نووية".
لكن تبقى اكثر اكاذيب نتنياهو إلتصاقا بالذاكرة، بشأن النووي الإيراني، هي مسرحيته الهزيلة عام 2012، عندما ظهر على منبر الجمعية العامة للامم المتحدة، وهو يحمل "رسم قنبلة كرتونية" ويشرح كيف ان "ايران باتت على بعد عدة اشهر ليس الا من إنتاج قنبلة نووية"!!.
هناك من يستغرب لم صفق الامريكيون لنتنياهو عام 2015 اذا؟، ولكن هذا الاستغراب لن يكون مستغربا، مادام ان هدف كل هذه الاكاذيب هو "ايران"، ولكن ما لم يخطر ببال الامريكيين، وهم في غمرة حقدهم وعدائهم لايران، ان ظهورهم بهذا المظهر البائس، سيتحول الى مادة للسخرية والتندر لدى الاخرين، بعدما جعلوا من امريكا، التي تدعي انها "القوة الاعظم في العالم"، بحاجة لـ"اسرائيل"، لمعرفة "اسرار ايران" ويصفقوا لمن يكشفها لهم!!.
نفس مسرحية الكذب، تم استعراضها، يوم الاربعاء الماضي امام الكونغرس الامريكي، وهذه المرة باستخدام ممثل حقيقي، يجيد دوره افضل من نتنياهو، وهو زيلينسكي الممثل الكوميدي الاوكراني، الذي ذهب الى امريكا ليكشف "سرا" في غاية الخطورة، سيغير من مصير الحرب، لتي يخوضها الناتو بقيادة امريكا في اوكرانيا، ضد قوة عظمى هي روسيا، وهذا السر هو "المسيرات الايرانية" التي "دمرت" ما لم تدمره القوة العسكرية الروسية مجتمعة خلال 10 أشهر من الحرب، حيث حذر زيلينسكي من أن "المسيرات القاتلة التي أرسلتها إيران بالمئات إلى روسيا أصبحت تشكل تهديداً لبنيتنا التحتية الاستراتيجية". واذا لم يتوقف ذلك "فان ايران ستهاجم حلفاءكم الآخرين". هذه الكذبة كانت تستحق ان يقف جميع اعضاء الكونغرس ليصفقوا دون استثناء، فهي "الكذبة" التي كانت تحتاجها امريكا، وقدمها زيلينسكي، مقابل مليارت الدولارات وبطاريات باتريوت.
عندما تتجاهل امريكا تأكيدات ايران المتكررة من انها لم ترسل مسيرات الى روسيا لاستخدامها في الحرب، وعندما تتجاهل نفي روسيا ايضا في هذا لشان، وعندما يعجز الغرب رغم تاريخة الحافل بالكذب والخداع، عن تقديم اي دليل ملموس على ما يدعي، وعندما تعلن امريكا، وبعد عدة شهور على اطلاق زيلينسكي كذبته عن المسيرات الايرانية، من انها ستشكل لجنة للتحقيق بهذا الشأن، اي ان الامر لم يتم القطع به حتى الان!!. هنا نتساءل لماذا صفق الامريكيون لزيلينسكي اذا؟. من المؤكد انهم يعلمون انه يكذب، ويعلمون ايضا ان معلم نتنياهو وزيلينسكي واحد، وان الثاني يمشي على خطى الاول، والجميع راضون ان يظهروا بهذه الخفة والبلادة والعار، مادام الهدف هو التحريض ضد ايران.
مصدر : قناة العالم
ــــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha