متابعة ـ صابرين البغدادي ||
أصدر العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، الثلاثاء 27 سبتمبر، مرسوماً بتعيين محمد بن سلمان رئيساً لمجلس الوزراء بدلاً منه، مع احتفاظه بمنصب ولي العهد. يشار إلى أنه ولأول مرة في نصف القرن الماضي، في الهيكل السياسي للمملكة العربية السعودية، تولى شخص آخر غير الملك منصب رئيس الوزراء، وكان الملك دائمًا رئيسًا لمجلس الوزراء.
يعتقد المراقبون بالإجماع أن لقب محمد بن سلمان الجديد كرئيس للوزراء يمكن أن يكون أكثر أهمية في الخارج منه داخل البلاد، حيث يتولى السلطة حاليًة. وحسب بعض المراقبين، فإن إعطاء منصب رئيس الوزراء لمحمد بن سلمان هو محاولة لحمايته من الدعاوى القضائية في محاكم الدول المختلفة. قال مراقبون إنه ليس من قبيل المصادفة أن يأتي التعيين بمرسوم ملكي قبل الموعد النهائي للرئيس الأمريكي جو بايدن ليقرر ما إذا كان محمد بن سلمان مؤهلاً للحصول على حصانة من الدعاوى القضائية المرفوعة في المحاكم الأمريكية.
أعطى قاض أمريكي مؤخرًا إدارة بايدن مهلة حتى 1 أغسطس ليقول ما إذا كانت تعتقد أن محمد بن سلمان مؤهل للحصول على حصانة من الدعاوى القضائية، ولكن بعد زيارة بايدن للسعودية في يوليو وتراجعه عن وعوده بعزل المملكة العربية السعودية، طلبت الحكومة الديمقراطية من المحكمة 60 يومًا أخرى لاتخاذ قرار، وسيأتي هذا الموعد النهائي يوم الاثنين من هذا الأسبوع.
- تعيين محمد بن سلمان رئيساً لمجلس الوزراء هو دور جديد يظهر أن سلمان بن عبد العزيز يسعى إلى تعزيز سلطة ولي العهد السعودي لتجنب الدعاوى القضائية المرفوعة في المحاكم الأمريكية، بينما جادل محاموه في قضايا مختلفة أن محمد بن سلمان يترأس حكومة المملكة العربية السعودية وبالتالي مؤهلة للحصول على الحصانة القانونية.
وفي هذا الصدد، كتبت صحيفة الغارديان الإنجليزية في تقرير لها أن تعيين محمد بن سلمان رئيساً للوزراء هو خطوة يقول الخبراء إنها ستحمي على الأرجح ولي العهد السعودي من قضية مقتل الناقد السعودي الصحفي جمال خاشقجي، وكتبت الصحيفة كذلك أن محمد بن سلمان لا يتوقع أي تغيير في العلاقات مع الولايات المتحدة، لكنه، كرئيس للوزراء، سيتمتع الآن بحصانة سيادية عند السفر إلى الخارج. كما أعلنت قناة بلومبرج الإخبارية أن تعيين محمد بن سلمان رئيسا لمجلس الوزراء قد جعله يقترب خطوة من العرش.
قال "جون ب. ألترمان"، مدير برنامج الشرق الأوسط في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية (CSIS)، إن هذه الخطوة قد يكون لها بعد دولي لجعل الأمير البالغ من العمر 37 عامًا رئيسًا رسميًا للدولة، بدلاً من رئيس منعزل وكهل للدولة.
وأضاف إن هذا الأمير الشاب أصبح ولياً للعهد في يونيو 2017 بعد تحييده كل منافسيه وانقلابه على ولي العهد السعودي السابق محمد بن نايف، وبعد قمع واعتقال وإعدام معارضين وحتى أمراء سعوديين، يبدو أنه بعد التطورات الجديدة في التركيبة السياسية لهذا البلد، على بعد خطوة واحدة من تبوء عرش المملكة.
في الوقت نفسه، نظرًا لبقاء الملك سلمان على رأس الحكومة، فمن غير الواضح ما إذا كان توليه منصب رئيس الوزراء سيساعد بشكل كبير على حصانة الأمير السعودي. في العام الماضي، رفعت إدارة بايدن السرية عن تقرير استخباراتي أشار إلى تورط محمد بن سلمان في مقتل جمال خاشقجي، وهي معلومات ينفيها المسؤولون السعوديون.
مؤخرا، أعلنت مصادر دبلوماسية سعودية أن حكومة الرياض قلقة للغاية من إدانة محمد بن سلمان لسعد الجابري، المسؤول السابق في المخابرات السعودية، وبالتالي طلبت من حكومة واشنطن توفير الحصانة القضائية لابن سلمان، لكنه واجه معارضة شديدة من الأمريكيين كما اتهمت الصحفية اللبنانية غادة عويس محمد بن سلمان بالتورط في مخطط لاختراق جهازها المحمول ونشر "صوره الشخصية" لتشويه سمعتها ومنعها من كتابة تقارير عن قضايا حقوقية.
في تموز، قدمت منظمة "الديمقراطية الآن للعالم العربي" التي تشكلت بمبادرة من "عدالة المجتمع المفتوح" ومحكمة العدل الدولية شكوى من 42 صفحة إلى محكمة باريس، متهمة محمد بن سلمان بتعذيب واختطاف جمال خاشقجي.
على مدى الأشهر القليلة الماضية، استمر قمع المعارضة في السعودية بوتيرة كبيرة، وحُكم على العديد من نشطاء حقوق الإنسان بأحكام طويلة وغريبة تصل إلى 45 عامًا في السجن، في حين أن جريمتهم كانت فقط لكونهم ناشطين في شبكات التواصل الاجتماعي ونشر التغريدات، وعليه، توقع كثير من المراقبين أن محمد بن سلمان في حال وصوله إلى المملكة سيبني أسس سلطته بالسياسة نفسها التي وضعها على جدول الأعمال عندما تولى منصب ولي العهد.
مصدر : موقع الوقت
https://telegram.me/buratha