التقارير

رشحات من ظاهرة اجتماعية دينية جديدة

1968 2022-07-18

د. علي المؤمن ||      من الرشحات الفرعية الطريفة ذات الوقع النفسي المؤثر، والتي لاحظتها في تعليقات الفيسبوك ووسائل التواصل الاجتماعي مؤخراً، إن بعض المدونين الملتزمين الذين يتلقون تعليقات هجومية وعدائية من خصومهم الناقمين، سواء الطائفيين أو العلمانيين أو ألمجندين؛ يكتفون في ردهم على هؤلاء بعبارة: "سلام فرمانده"، يرافقها ايموجي مبتسم، رغم أن موضوعات التعليقات بعيدة تماماً عن الأنشودة وموضوعها.    والأكثر منها طرافة ووقعاً وتأثيراً، هو ما كتبه كاتب ملتزم معروف، رداً على طائفي مهاجم؛ حيث اكتفى بآية تتبعها العبارة نفسها: (( وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا...)) سلام فرماندة، رغم أن موضوع الهجوم لاعلاقة له بالأنشودة. وقد مثًل هذا الرد إبداعاً ذا قيمة ثقافية وتبليغية وبلاغية وسياسية في وقت واحد؛ إذ وظًف الكاتب عبارة "سلام فرماندة"، بعد أن استشهد بالآية القرآنية (وضعها بين أقواس لكي لاتكون العبارة ضمن الآية)؛ ليحقق دفعين أو ردين مهاجمين في سياق واحد، وهو لون من الإفحام الصامت بسلاح غير مكلف، والطريف في الوقت نفسه.    وفي حفل عرس في اسطنبول (التركية)، لزوجين علويين؛ طرب الحضور ورقصوا على الأنشودة، وكلما وصلت الأنشودة الى عبارة "سلام فرمانده"، كان الزوجان وكل الحضور يؤدون التحية العسكرية، في مشهد يعبر عن استعادة الانتماء والهوية.. شبه المستلبين، عند هذه الفئة من أتباع أهل البيت.    كما انتشرت مقاطع فيديو كثيرة جداً على اليوتيوب، من أكثر من بلد، يظهر فيها شباب وشابات، داخل السيارات وفي المنتزهات والصالات الرياضية والمقاهي والشوارع، وتبدو عليهم مظاهر عدم الالتزام الديني، وهم يتغنون بالأنشودة، بنشوةِ انتصارٍ غريبة، تعبّر عن ترسخ الهوية في العقل الباطن من جهة، ولكن يصاحبها أداء متعارض مع المظهر الديني من جهة أخرى، وهو ما يشبه التزامهم بممارسة طقوس العزاء الدينية المذهبية، بكل إيمان وإخلاص، رغم كونهم غير ملتزمين بمظاهر التدين.    وليس موضوعنا هنا تحليل عناصر نجاح الأنشودة، فنياً وإعلامياً، بل تحليل حضورها الاجتماعي وفق قواعد علم الاجتماع (الديني والثقافي والسياسي)، وكذا الفيزياء الاجتماعية؛ فمن خلالها نجد أن "سلام فرمانده" بدأت حالة عفوية فردية دينية، لكنها استحالت رمزية محورية مظهرية لظاهرةً اجتماعيةً دينيةً ثقافية سياسيةً، نوعية وكمية، محركةً بقوة للأنا، من أجل تمثل الهوية والانتماء بكل تفاصيلهما، والتعبير عن ذلك بسلام ومودة للآخر، أياً كان شكل ومضمون هذا الآخر، أي أنها تحولت تلقائياً من نقطة استذكار دفاعي خاص، الى كتلة استقبالية مهاجمة عامة.     وقد ساعد في حدوث هذه التحولات الدراماتيكية؛ المعركة الكبيرة التي خاضتها وسائل إعلام الدول الغربية والطائفية، وكذا التيارات الطائفية والعلمانية والمجندة ضد الأنشودة، بالحجم والنوع اللذين لم يتعرض لهما أي عمل فني ديني شيعي من قبل، ربما باستثناء مسلسل المختار، الذي سبق أن تحول هو الآخر، من عمل فني درامي، الى ظاهرة اجتماعية دينية ثقافية سياسية، وهو ما جعل الجمهور يشعر أن عقيدته ووجوده واجتماعه الديني هو الذي يتعرض للحرب، وليس مجرد تسفيه وشيطنة عمل فني؛ فجاءت ردود الأفعال على شكل هبات مرتدة تكرس حضور الأنشودة في الوجدان الاجتماعي الديني. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك