عادت مرة اخرى ازمة الكهرباء الى الواجهة بعد ارتفاع درجات الحرارة حيث تعاني محافظات العراق انقطاع الكهرباء لساعات عديدة ولازالت وزارة الكهرباء كما عهدناها تكذب وتبرر فمرة تقول هناك نقص في امدادات الغاز الايراني واخرى تقول هناك اعمال تخريبية والسؤال الذي يطرح نفسه لماذا هذه التبريرات تخرج عند ارتفاع درجات الحرارة
ويبقى المواطن أكبر المتضررين من أزمة الكهرباء التي بقيت مستمرة منذ سنوات، في وقت يعيش العراقيون صيّفاً لاهباً كل عام، حيث مرّ صيف 2021 صعباً على العراقيين، إذ شهدت البلاد كذلك انقطاعاً متكرراً للكهرباء، وتظاهرات لا سيما في جنوب البلاد، فما حال العراقيين في صيف 2022!؟
ويوم أمس، أعلنت وزارة الكهرباء تقليص عدد ساعات إمداد المواطنين بالتيار الكهربائي، على خلفية تخفيض إيران كمية الغاز المورد إلى العراق، والضروري لتوليد الكهرباء.
وعلى الرغم من أنه بلد غني بالنفط، يعاني العراق من أزمة في الطاقة والكهرباء، تتفاقم عادةً في موسم الصيف الذي تلامس فيه الحرارة الـ52 درجة مئوية أحياناً. ويعتمد البلد الذي تدهورت بنيته التحتية بسبب "الفساد" على إيران لتأمين ثلث احتياجاته من الغاز!.
ولكن توفير إيران ثلث احتياجات العراق من الكهرباء، أيضا لا يحل المشكلة، فعندما خفضت إيران إمدادات الغاز من 50 مليون قدم مكعبة إلى 8.5 مليون قدم مكعبة إلى العراق بسبب عدم تسديد الفواتير، عانى وسط وجنوب العراق من انقطاعات كبيرة في الكهرباء.
وما زالت الحكومة العراقية لا تستطيع تزويد البلاد بالكهرباء على مدار الساعة حيث شهدت الأعوام الـ19 الماضية ضعفا أكبر بسبب الفساد الشديد والإهمال الجسيم.
وأدى هذا الإهمال والفساد إلى جعل العراق أكثر اعتمادا على إيران للحصول على الغاز الطبيعي ما يعني كهرباء أكثر تكلفة، وبحسب الارقام الرسمية، فإن العراق يدفع لإيران 8 دولارات لكل مليون وحدة حرارية بريطانية مقابل الغاز الإيراني، وبالمقارنة، تشير التقديرات إلى أن إنتاج الغاز الطبيعي العراقي سيكلف الحكومة أقل من 2 دولار.
وفي عام 2017 وحده، أحرق العراق أكثر من 600 مليار قدم مكعب من الغاز الطبيعي، ما جعله في المرتبة الثانية بعد روسيا. وكلما زاد إنتاج العراق من النفط، زاد الغاز الذي يحرقه حتما. وإذا قام العراق بتسخير الغاز الطبيعي المنبعث من آباره النفطية بدلا من إهداره بهذه الطريقة، فيمكنه تخفيف بعض مشاكل الكهرباء المحلية.
فيما قال نائب رئيس لجنة النفط والغاز البرلمانية "علي المشكور" ان "العراق يهدر ثلاثة مليارات دولار سنوياً؛ من حرق الغاز المصاحب لعمليات استخراج النفط".
وقالت عضو لجنة الطاقة النيابية سهيلة السلطاني إن "ما تم صرفه على قطاع الكهرباء منذ العام 2003 الى اليوم يعادل ميزانيات بعض الدول المجاورة للعراق ولكن المشكلة ليست في الأموال بل في تضخم الفساد في وزارة الكهرباء الذي ادى الى تدهور ملف الطاقة على مر السنوات الماضية".
وزير الكهرباء العراقي المستقيل ماجد مهدي حنتوش كشف في وقت سابق عن صرف نحو 80 مليار دولار على قطاع الكهرباء منذ 2003، كموازنة تشغيلية واستثمارية في كل مفاصل المنظومة الكهربائية من بناء وتشغيل للمحطات، مبيناً أن تكلفة إنتاج الكهرباء عالية ومن ضمنها شراء الوقود.
أما النائب محمد الزيادي، فقد اكد اليوم الاربعاء، ان هناك جهوداً برلمانية بغية معالجة موضوع توفير التخصيصات المالية اللازمة لدفع الديون المستحقة على شراء الغاز الطبيعي اللازم لحل مشكلة الكهرباء، مؤكدا أن الوزارة تتكئ على قضية قطع الغاز وينبغي علينا معالجة هذه الجزئية لضمان عدم ترك أي مبرر لحالة التلكؤ في تجهيز الطاقة الكهربائية للمواطنين.
وقال الزيادي في حديث للسومرية نيوز، إن "وزارة الكهرباء للاسف الشديد فهي دائما ما تتذرع بقضية مهمة للتغطية على الإخفاق والتلكؤ الحاصل في عمليات التجهيز للطاقة الكهربائية للمواطنين"، مبينا ان "الوزارة تتحدث عن قضية الغاز والوقود ودفع مستحقات بعض الدول من أجل تدفق الغاز الطبيعي لتغذية المحطات الكهربائية والقضية الاخرى التخصيصات المالية للوزارة".
واضاف الزيادي، ان "هذا الوضع ينبغي أن لا يستمر وهنالك جهود مكثفة تقوم بها اللجنة المالية من اجل حل قضية توفير التخصيصات المالية لدفع الديون المستحقة بغية اعادة ضخ الغاز الطبيعي الى وزارة الكهرباء"، لافتا الى ان "القوى السياسية منشغلة في هذه المرحلة على حوارات ونقاشات تشكيل الحكومة وكان الاحرى بهم الضغط على كردستان من اجل ارسال الغاز الطبيعي الى الحكومة الاتحادية بدل ارساله الى اوروبا".
وتابع ان "وزير الكهرباء أشار في مناسبات عديدة إلى انه في حال استمرار تدفق الغاز الطبيعي فإن الوزارة قادرة على توفير الكهرباء ولن تكون هنالك مشكلة في هذا الملف، بالتالي ينبغي علينا جميعا العمل من اجل معالجة هذه الجزئية كي لا نترك اي أسباب من الممكن الاتكاء عليها للاخفاق في معالجة مشكلة الكهرباء".
ويرى مراقبون عدة، أن "فشل الوزارة يتكرر مع كل صيف لاهب يحرق العراقيين، حيث تقل ساعات التجهيز، مما تزيد معاناتهم، وتتسبب باحتجاجات عديدة، أدت الكثير منها إلى استقالة وزراء سابقين".
وحسب المراقبين، فإن "جميع وزراء الكهرباء الذي شغلوا هذا المنصب بعد عام 2003، فشلوا في معالجة هذه المشكلة مع حلول كل صيف، الأمر الذي دفعهم للاستقالة تباعا، وخصوصا مع القاء الحكومة المسؤولية على وزير الكهرباء، عند كل موجة احتجاجات".
وفي ظل هذا، قالت مريم سلمان – المستشارة في شركة قمر للطاقة الاستشارية في دبي – إن "أزمة الكهرباء في العراق أصبحت لغزا أو مجموعة ألغاز يصعب حلها. وفي مقابلة متلفزة، أكدت على "هذا اللغز" بقولها: "في العراق، لا يمكن التخلص من اللوبي السياسي وإنهاء طرق السرقة والخداع وسوء الإدارة والهدر المالي في قطاع الكهرباء دون تنفيذ إطار تنظيمي قوي لدفع وتيرة الإصلاح. ومن ناحية أخرى لا يمكن البدء في هذه الأمور دون القضاء على الفساد".
وسيكون التحدي أكثر صعوبة على المدى الطويل. وتشير بعض التقديرات إلى زيادة الطلب بنحو 10% على أساس سنوي، بينما تشير تقديرات أخرى إلى أنه إذا زاد عدد سكان العراق بمقدار مليون شخص سنويا، سيتضاعف إجمالي الطلب على الكهرباء بحلول عام 2030.
وقدّر تقرير لوكالة الطاقة الدولية، أن العراقيين دفعوا 4 مليارات دولار في العام 2018 فقط، لمشغلي المولدات الأهلية.
https://telegram.me/buratha