هادي بدر الكعبي ||
تقرير سياسي يرصد ويحلل أهم القضايا المحلية والإقليمية والدولية من خلال متابعة المواقف والتصريحات الرسمية إلى جانب أهم الآراء والتحليلات الصادرة
➖الشأن المحلي:
1- بعد جدل عميق بين الأطراف السياسية والنخب الفكرية والمتخصصين في الشأن القانوني طوال الفترة الماضية حول تفسير المادة {70} من الدستور العراقي جاء قرار المحكمة الاتحادية العليا بتاريخ ٢٠٢٢/٢/٣ ليحسم الموقف من خلال القول بأن مجلس النواب ينتخب رئيس الجمهورية من بين المرشحين لمنصب رئاسة الجمهورية بأغلبية ثلثي مجموع عدد أعضاء المجلس الكلي وأن النصاب يتحقق بحضور ثلثي مجموع عدد أعضاء مجلس النواب الكلي.
هذا الايضاح من المحكمة الاتحادية العليا يتضمن إشارات مهمة وهي:
➖ان تسجيل الكتلة الأكبر عددا والتي تأخذ على عاتقها مسئولية تشكيل الحكومة ليس مشروطا تحققها في الجلسة الأولى للبرلمان وإنما يمكن دفع تقديمها إلى ما بعد انتخاب رئيس الجمهورية لكون الطلب بتكليف رئيس مجلس الوزراء هو من حق الكتلة الأكبر عددا والتي بدورها تقدمه إلى رئيس الجمهورية المنتخب.
➖احتياج جلسة انتخاب رئيس الجمهورية إلى حضور ثلثي أعضاء مجلس النواب.
➖ قرار المحكمة الاتحادية العليا أعاد تثبيت مفهوم الكتلة الأكبر عددا والذي تم تغييبه في الفترات الماضية ولاسيما في انتخابات عام ٢٠١٨.
➖المحكمة الاتحادية العليا بهذه الخطوة مهدت الطريق مجددا أمام الأطراف السياسية المتنافس للخروج من الأزمة والواقع السياسي المجمد من خلال الدخول في مفاوضات جادة لإنهاء الجدل الحاصل والدخول إلى مجلس النواب بتحالفات تحقق الاستقرار السياسي وتنهي حالة العناد الحاصل بين القوى السياسية.
➖ضرب قرار المحكمة الاتحادية العليا مشروع التحالف الثلاثي بالصميم إذ أصبح من الصعوبة اختيار رئيس الجمهورية من غير موافقة الإطار التنسيقي وبقية القوى السياسية الأخرى.
➖فسح قرار المحكمة الاتحادية العليا المجال واسعا أمام قوى الإطار التنسيقي بمتلاكها الثلث المعطل في مجلس النواب.
➖سيجعل قرار المحكمة الاتحادية العليا التحالف الثلاثي أمام الأمر الواقع بضرورة تقديم التنازلات والتعاطي بواقعية مع الأطراف السياسية ولاسيما الإطار التنسيقي والاتحاد الوطني الكردستاني.
2- لوحظ كثيرا أن السيد مقتدى الصدر يتحدث عن تفضيله مشاركة هادي العامري والفياض والشيخ قيس الخزعلي مع استبعاد المالكي،وهذا التفضيل لأجل:
➖كون هذه القوى السياسية هي الأقرب إلى إيران وعند تضمينها في معادلة الحكومة الجديدة ستكون فيها رسالة اطمئنان إلى إيران.
➖إدراك الكتلة الصدرية بأن مجيء هؤلاء دون المالكي يعني تضعيفهم سياسيا وجعل دورهم هامشيا تابعا إلى قرارات الكتلة الصدرية.
➖عدم المجازفة بتحمل مسؤولية التصدي لإدارة الحكومة المقبلة دون وجود طرف شيعي آخر معه لاسيما وأن أغلب التوقعات تشيء الى إخفاق الحكومة المقبلة في تقديم الخدمات.
3- قررت الكتلة الصدرية مقاطعة جلس مجلس النواب يوم الاثنين المقبل،وتجميد المفاوضات مع جميع الكتل السياسية بخصوص تشكيل الحكومة.
يأتي هذا الإعلان بعد وتيرة الأحداث المتسارعة ليثير العديد من التساؤلات حول دوافعه والتي يمكن القول بأنه:
➖مناورة لأجل إعادة ترتيب الاوراق وإيجاد مساحة من الوقت في مشوار التفاهمات والكشف عما حصل مؤخرا بالمشهد السياسي قبل الذهاب إلى تشكيل الحكومة الجديدة.
➖ان قرار التجميد هو محاولة لإجبار الآخرين على كسب رضا الكتلة الصدرية لاعادتها إلى مسار التفاوض مجددا.
➖بعد صدور قرار المحكمة الاتحادية العليا الأخير أدرك السيد مقتدى الصدر بأنه أصبح بمقدور الإطار التنسيقي والاتحاد الوطني الكردستاني وبقية السنة والمستقلين من تعطيل تمرير زيباري أو عدم حضورهم إلى الجلسة لأجل عدم تحقيق النصاب وبالتالي ستتمكن تلك القوى السياسية من إرسال رسائلها إلى الأطراف الخارجية والمحلية بأن لديها القدرة على التعطيل والتحكم بالمفاوضات وفرض الرؤى حتى وان كانت خلاف رغبة التحالف الثلاثي وبالتالي جاء قرار التجميد لكي يفشل مساعي تلك القوى السياسية من تسجيل هذا الانتصار في قدرتها على التحكم بالمسار السياسي.
➖محاولة لكسب الوقت لحل الخلاف بين القوى السياسية الكردية حول تسمية واختيار رئيس الجمهورية حتى لا تكون هناك تحديات في حضور الأطراف السياسية الكردية مجتمعة وتعطيل انعقاد جلسة مجلس النواب
➖قرار التجميد هو رسالة تتضمن تهديدا ضمنيا بأن الاستمرار على بقاء الحال يعني بقاء الكاظمي و برهم صالح والحلبوسي والكتلة الصدرية ليست متضررة من هذا الحال بقدر تضرر الأطراف السياسية الأخرى ولاسيما الإطار التنسيقي.
4- أعلن السيد حازم الأعرجي في مقطع فيديو بأن القرار السياسي الشيعي أصبح مركزه الحنانة وهذا الإعلان بالتأكيد لا ينفك عن التغييرات التي تجري في المنطقة والعراق والتي يعبر من خلالها عن وصول الدور في استهداف مكونات القوة لدى المكون الشيعي في العراق إلى الركن الأهم في المعادلة الا وهي (المرجعية الدينية) مضافا إلى (الحشد الشعبي،فصائل المقاومة) للإعلان على أن مرحلة الهيمنة على القرار الشيعي سياسيا أصبحت من مختصات التيار الصدري دون غيره من الفواعل الدينية والسياسية.
➖الشأن الإقليمي:
1- أعلن فصيل عراقي مسؤوليته عن إطلاق 4 طائرات مسيرة على الإمارات فجر الأربعاء جاء ذلك في بيان نشر باسم فصيل (ألوية الوعد الصادق.. أبناء الجزيرة العربية).
وقال البيان: (قام أبناء الجزيرة العربية فجر اليوم بتوجيه ضربة إلى الإمارات بواسطة 4 طائرات مسيرة استهدفت منشآت حيوية في أبو ظبي).
وتوعد بتوجيه ضربات أخرى قائلا، (ستستمر ألوية الوعد الحق بتوجيه الضربات الموجعة إلى أن ترفع الإمارات يدها عن التدخل في شؤون دول المنطقة وفي مقدمتها اليمن والعراق).
وتابع: (ستكون الضربات القادمة أشد وقعا وإيلاما).
وهذا التبني جاء للتأكيد على أن جهة جديدة قد فتحت في وجه الامارات نتيجة تدخلها في الشأن العراقي،وأيضا بأن جهة المقاومة واحدة سواء كانت في العراق أو اليمن أو لبنان أو إيران أو بقية البلدان في وحدة التصدي مع اليمن لمواجهة الهجمة التي يتعرض لها من قبل الأطراف المشاركة في العدوان عليه.
2-تمكنت القوات الأمريكية في عملية وصفت بأنها خاصة من قتل زعيم داعش الإرهابي(ابو ابراهيم القرشي)،العملية تم تنفيذها بمحافظة إدلب السورية الخاضعة لسيطرة الجماعات الإرهابية التابعة إلى تركيا،بينما المنطقة التي تم تنفيذ العملية فيها خاضعة لسيطرة هيأة تحرير الشام.
هذا الإعلان عن توقيت استهداف زعيم تنظيم داعش من قبل أمريكا جاء لأجل أن يحقق جملة من الأهداف وهي:
➖اثبات قدرتها أمام حلفائها واعدائها بأنها تستطيع الوصول إلى أي شخصية قيادة تقف أمام مصالحها ويستهدف قواتها.
➖التغطية على عملية فرار المئات من عناصر تنظيم داعش من سجن خاضع لسيطرتها وحلفائها الأكراد.
➖محاولة التخلص من بعض الأفراد داخل التنظيم لأجل تأهيل قيادات أخرى لكي تعلب دورا ينسجم مع متطلبات المرحلة المقبلة.
3- قبل فترة زمنية قصيرة جدا أعلن سعد الحريري العزوف عن خوض الانتخابات النيابية المقبلة وعدم السماح لأي مرشح آخر ينوب عنه أو يمثل تياره،وهذا القرار بالتأكيد تقف وراءه خلفيات يمكن تصورها على النحو الآتي وهي:
➖العملية تهدف بمجملها إلى دفع بقية القوى السياسية ولاسيما التي تقف بالضد من حزب الله وحلفائه للتناغم مع قرار الحريري بعدم خوض الانتخابات والعزوف عنها لكي يصل المشهد السياسي في لبنان أمام إشكالية كبيرة وهي فقدان المشروعية.
➖قد تأتي العملية لأجل إبراز سمير جعجع كمرشح مدعوم من قبل السعودية لتمثيل السنة في لبنان بدلا عن الحريري لكون متطلبات المرحلة المقبلة تتطلب وجود قوى سياسية تمتلك السلاح أمام حزب الله في حال الوصول إلى نهايات مغلقة لا يكون حاضرا فيها سوء السلاح.
➖هي محاولة لشرذمة الشارع السني حتى تصل الأمور إلى بعض الفوضى الأمنية في الشارع لتهديد العملية الانتخابية كون أغلب هذه القوى تخشى النتائج الانتخابية المقبلة وبالتالي لابد من الذهاب باتجاه هذا الأمر.
➖ربما تكون مناورة تكتيكية ليعود عن قراره لاحقا من أجل ترتيب الأوضاع للحصول على مقاعد أكثر من بقية القوى السياسية الأخرى.
➖الشأن الدولي:
مازالت نبرة التهديدات المتبادلة بين الجانبين الروسي والغربي من حيث استعداد الحلفاء والشركاء لفرض عواقب وخيمة اقتصادية على روسيا أو إرسال أسلحة بريطانية إلى أوكرانيا من أجل المساعدة في تأمين الحدود أو مواصلة روسيا العمل للاستعداد للتعاطي مع أي احتمال ممكن مع حلف الناتو أو غير ذلك من الأقوال والتصريحات.
هذه التهديدات العسكرية في الواقع هي أما أن تكون :
➖جادة وأن الغزو الروسي لاوكرانيا بات وشيكا ومتوقعا في أي لحظة لاسيما في ظل هذه الحشود العسكرية وتدفق الأسلحة و المعدات الثقيلة والصواريخ.
➖أو أن تلك التهديدات في الواقع هي تعبير عن رغبة كل طرف في استخلاص تنازلات بالطرق السلمية من الطرف الآخر نتيجة وجود جملة من الموانع ومنها:
➖عدم قدرة روسيا على مواجهة المجتمع الدولي بأسره لوحده.
➖وجود أخطار اقتصادية تشمل ربما فصل النظام المصرفي الروسي عن النظام العالمي.
➖إعاقة مشروع الغاز الطبيعي(نورد ستريم 2).
➖فرض عقوبات على الرئيس الروسي وكبار المسؤولين الروس.
➖إدراك أوكرانيا بأنها الخسارة الأكبر في حال اندلاع حرب في المنطقة وبالتالي هي تدرك جيدا بأن الغرب سوف لن يساعدها عسكريا بالقدر الذي يمكنها من الصمود أمام روسيا فضلا عن وجود أجزاء واسعة من أوكرانيا هي موالية لروسيا وهذا مما يدفع باوكرانيا إلى تفضيل الحلول السلمية بدلا من اللجوء إلى الحرب.
➖أمريكا وحلف الناتو ليس لديه رغبة في الدخول في صراع عسكري مع روسيا الآن نتيجة وجود عدة أسباب تتعلق بالواقع الأمريكي وخارجه.
ـــــــــــ
https://telegram.me/buratha
